عودة جبهة الإسناد اليمنية: صنعاء تضرب في عمق الكيان

استأنفت صنعاء عمليات جبهة الإسناد لقطاع غزة، بعد ساعات قليلة من معاودة إسرائيل عدوانها الوحشي على القطاع. وأطلقت الأولى صاروخاً فرط صوتي على قاعدة عسكرية إسرائيلية في جنوب الأراضي المحتلة، على رغم تعرّض اليمن لعدوان جوي أميركي متواصل منذ أيام. وأكّد الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، في بيان، تنفيذ القوة الصاروخية اليمنية، مساء أمس، عملية هجومية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية في جنوب فلسطين المحتلة، بواسطة صاروخ باليستي فرط صوتي من طراز «قدس 2»، مشيراً إلى أن «الصاروخ حقّق هدفه بنجاح».

وكان الإعلام العبري تحدّث عن تعرّض الكيان لاستهداف يمني، وحدّد مكان الهجوم في النقب، في حين زعم الجيش الإسرائيلي أن دفاعاته الجوية اعترضت صاروخاً أُطلق من اليمن قبل وصوله إلى الأجواء الفلسطينية، إلا أن مقاطع فيديو نشرها المستوطنون أكّدت وصول الصاروخ إلى داخل الأراضي المحتلة، فضلاً عن إطلاق صفارات الإنذار في عشرات المستوطنات في المنطقة المستهدفة، وهروب مئات الآلاف من المستوطنين إلى الملاجئ.

من جهتها، أكّدت مصادر عسكرية في صنعاء، لـ»الأخبار»، أن «القوة الصاروخية اليمنية تلقّت توجيهات عليا باستئناف عملياتها في عمق الكيان الإسرائيلي، رداً على انقلاب حكومة (بنيامين) نتنياهو على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة». وأشارت إلى أن «عودة الهجمات اليمنية ضد الكيان جاءت وفقاً لمعادلة إن عدتم عدنا»، والتي أعلنتها حركة «أنصار الله « منتصف تشرين الثاني الماضي.

وتوقّعت أن تأخذ الهجمات اليمنية الجديدة في عمق الكيان، مساراً تصعيدياً خلال الفترة المقبلة، لافتة إلى أن عودة هذه العمليات جاءت بالتنسيق مع حركتي «حماس» و»الجهاد الإسلامي». وكان «المجلس السياسي الأعلى» الحاكم في صنعاء، أكّد في بيان، أن «اليمن لن يترك الشعب الفلسطيني وحيداً في هذه المعركة، وسيواصل دعمه ومساندته وتصعيد خطوات المواجهة»، محمّلاً «الكيان الإسرائيلي والعدو الأميركي المسؤولية الكاملة عن نقض اتفاق وقف إطلاق النار وإفشال جهود الانتقال إلى المرحلة الثانية، وكذلك إعادة عسكرة البحار وتوتير الأوضاع في المنطقة».

وتؤكد تصريحات القيادة العسكرية والسياسية في صنعاء، أن الأخيرة استعدّت لأسوأ الاحتمالات؛ ولذلك، تمكّنت خلال الأيام الماضية من امتصاص صدمة العدوان الأميركي الواسع، معتمدة تكتيك الهجوم المكثّف ضد القطع العسكرية الأميركية في البحر الأحمر، إذ أعلنت استهداف حاملة الطائرات «هاري ترومان»، ثلاث مرات، خلال 72 ساعة، كان آخرها ما أعلنه سريع فجر أمس، من أن القوات اليمنية استهدفت الحاملة بصاروخين مجنّحين وطائرتين مُسيّرتين للمرة الثالثة، فضلاً عن استهداف مدمّرة أميركية بصاروخ مجنّح وأربع طائرات مُسيّرة، مشيراً إلى أن «العدو الأميركي في حالة من الإرباك، ما دفع بالعديد من قطعه الحربية إلى التراجع في اتجاه منطقة شمال البحر الأحمر»، مضيفاً أن الهجمات ضد كل الأهداف المعادية في البحريْن الأحمر والعربي لن تتوقّف، بل سيتم توسيع دائرة المواجهة مع العدو الأميركي، وأن قوات بلاده مستعدّة لأي تصعيد أميركي – إسرائيلي خلال الأيام المقبلة.

وجاء ذلك في وقت تراجع فيه مستوى التصعيد الأميركي؛ إذ انحسرت، خلال الساعات الماضية، الغارات الجوية على صنعاء والمحافظات الأخرى بنسبة 80% عما كانت عليه السبت الماضي. ووفقاً لـ»مركز الإعلام الأمني» في صنعاء، فإن طيران العدوان الأميركي شنّ سلسلة غارات جوية خلال 24 ساعة حتى مساء أمس، استهدفت مناطق مفتوحة ومنشأة استثمارية في العاصمة التي تعرّضت لسلسلة غارات استهدفت شارع الستين في مديرية معين، وجبل صرف الواقع في مديرية بني حشيش في محافظة صنعاء.
وبعيداً عن التصريحات المتشنّجة التي أطلقتها واشنطن وتوعّدت خلالها بالقوة الساحقة ضد «أنصار الله»، فإن العمى الاستخباراتي للولايات المتحدة في اليمن يؤكد أن أي موجة ثانية أو ثالثة من الغارات لن تحقّق أي أهداف، بعدما ثبت ضعف تأثير الغارات التي استهدفت تسع محافظات يمنية في الأيام الماضية.

بعد ساعات من حديث وسائل إعلام أميركية عن مقتل عشرات من قادة «أنصار الله»، ظهر عضو «المجلس السياسي الأعلى»، محمد علي الحوثي، في ميدان السبعين، ساخراً من مزاعم إدارة دونالد ترامب بشأن استهداف مواقع تدريب وبنية تحتية للمُسيّرات وقدرات تصنيع الأسلحة ومراكز قيادة وتحكّم. ذلك أن الأهداف التي تجنّبت وزارة الدفاع الأميركية الكشف عن ضربها خشية ردود فعل الرأي العام الأميركي، شملت مصانع تابعة للقطاع الخاص اليمني ومعامل إنتاجية تجارية ومبانيَ حكومية ومنازل للمواطنين تقع وسط أحياء سكنية في صنعاء وضواحي مدينة صعدة، فضلاً عن عدد من المحاجر في صنعاء وذمار.

رشيد الحداد

قد يعجبك ايضا