عودة الوجوه القديمة …!!!! بقلم/حمير العزكي
وكما هي عادة الباطل الزهوق أمام الحق حين يقذف به فيدمغه ، ومع طول أمد المواجهة وتقلبات مناخها بين المناكفة والمكاشفة وتغير تضاريس ساحاتها من التسريب والتلميح والتورية الى الاشاعات والاتهامات والى التصريح بالعداء والتحريض المباشر ، تذبل أقلام ، وتتلف أفكار ، وتضمحل مطابخ ، وتتلاشى حملات ، وتهترئ وجوه وتبلى إن لم تشوى وتحترق عند تعرضها لتركيز شمس الحقيقة التي لاتغيب مهما تكاثفت الغيوم ، وغالبا ما تظهر للعيان بقبحها المقزز وبشاعتها المثيرة للإشمئزاز ، كالحة مغبرة و موحشة منفرة ، ونظرا للندرة والجهد المبذول والوقت المستنفد في المسخ عن كل القيم والتهيئة السلبية لممارسة كل ما يفتقد للضمير ويتنافى مع المبادئ ، وبعد قطيعة تامة مع الأخلاق والآدمية ، لتكون تلك الوجوه صالحة للاستخدام ، يضطر مستهلكوها عادة لتوريد التالف الى مخازن الخسة والدناءة ، حتى ترممها ذاكرة البسطاء المتناسية ، وتجمل قبحها أزمنة قبحها ، وتعيدها أمكنة ظهورها التي يتم ترتيبها بعناية بالغة ، لتعود لممارسة دورها المشبوه ومهامها الدونية الظلامية .
في مخازن حفظ المخلفات وإعادة تصنيعها ، يستفاد من الوجوه المشوهة ، كقطع غيار للأفكار ، ونسخ البرمجة الإضلالية والإغوائية من عقلياتها الصدأة الى عقليات أكثر اتساخا ، مع تحديث لغة العصبيات ومفردات الكراهية ، ومصفوفات التحريض ، وهكذا تتعاقب الوجوه تواليا ، وتتساقط أقنعتها المزيفة تباعا ، وتظهر خفايا بشاعتها تترى ، وتعود دورة الانتاج مجددا فيسحب المستهلك ويورد التالف ويصدر المعاد تصنيعه ، وتستمر المواجهة مع وجوه بالحق مسفرة وبالحقيقة ضاحكة بالصدق مستبرة وبالمصداقية متألقة ، وفي دورة انتاج واحدة لا تتكرر ، ثبات على الحق ومواقف في ثبات .
أذنت إحدى قنوات ري الزيف والتضليل في ساعة مقيل صاخب الانشقاق إيذانا بحلول وقت الظهور للشاطر التاجر العائد من الزمن الغابر ، وبعودة الوجوه القديمة المشوهة بقدر تشويهها للحقيقة ، الحقيقة التي كانت تتلى أيات ثباتها في محاريب شاشات الهواتف الذكية ، والشهيد السعيد المجيد ، (يطن ) طنينه في أذن السارق الوقح المتبجح ، تزامن بزوغ فجر الحقيقة و استجلاب ليل التضليل البائس ، وتوقيت عودة الوجوه القديمة المشؤومة واستعادة الوقائع التي زيفتها تلك الوجوه المهترأة ، لم يكن محض صدفة بل كان قدرا إن لم تسقه يد العدالة فقد ساقته أيادي المطبلين للزور والمزمرين لرقصات الثعالب مع الثعابين ورسامي الوهم على جدران بلاط الظلام ، ساقته خطاياهم التي لا تنمحي وذنوبهم التي لاتغتفر ، عادت تلك الوجوه الشاحبة يغريها بالمواجهة الخفية المتحايلة الغادرة عزوف الحق عن طلب الثأر ووقوف الثورة على خصام مع الانتقام ، ولكن لعائن الحقائق التي زيفت ، والعقول التي ضللت ، والأفكار التي سممت ، والأجيال التي دجنت ، والأوطان التي قهرت ونهبت وانتهكت ، ستظل تلاحقها حتى توردها المهالك التي لامناص لها منها ، وتصل بها أقدام آثامها الى ساحة القصاص والإنصاف ليس لما غابت بسببه وإنما لما عادت لأجله
( إنما نملي لهم ليزدادوا إثما )