عن الجحيم المتجدد.. العرب عندما يتوحدون لخدمة قوى الإستعمار والعدوان
الحقيقة / عبدالله الدهمشي
في كل مرة تكون الأمة العربية في مواجهة أخطاء مقترفة من أحد أقطارها تجد الأمة نفسها ضحية عدوان مدمر لهذا القطر من قبل قوى دولية إن لم نقل أنها معادية فإنها ذات مصالح وأطماع متناقضة مع مصالح الأمة وحقوقها وذلك لأن الأمة استبدلت دورها بهذه القوى ومكنتها من نفسها بصورة عز نظيرها في تاريخ الأمم والشعوب.
ولكن أي امة هذه التي نتحدث عنها في واقع تجزأت فيه إلى شظايا متناثرة فوق جغرافيا ممزقة بين الخليج والمحيط ؟ إنها الأمة العربية التي تتوحد أقطارها جزئياً أو كلياً في حالات تخدم فقط قوى الاستعمار والعدوان ففي حقبة الحرب الباردة انقسمت الأقطار العربية في علاقاتها الدولية بين القطبين لكن هذا الانقسام لم يخدم مصالح الأمة عند الفريقين الجامعين للشرق والغرب في علاقات خدمت في معظمها صراع القطبين ومصالحهما.
انتهت الحرب الباردة بجحيم انفتح على العرب من كارثة غزو العراق للكويت وهي الخطيئة التي واجهتها الأمة بوحدة الموقف الذي قرر تحرير الكويت واسند المهمة لتحالف دولي مساند لحلف الأطلسي في حربه العدوانية على العراق وصدقوني أن هذه الوحدة كانت قادرة وجاهزة لتحرير الكويت بقوة عربية خالصة إن أرادت أقطار الأمة ذلك سلماً أو حرباً فالعراق بكل قوته العسكرية لن يقف في مواجهة أمته ولن يقدر على صد إرادتها المصممة على تحرير الكويت أما القوات الأمريكية فعدوانيتها سابقة على غزو الكويت ومستمرة بعد تحريرها إلى ما تحقق من أهدافها في العراق في عاصفة الصحراء وما تلاها حتى عدوان الصدمة والترويع عام 2003م.
ثم جاءت الحرب على الإرهاب لتجدد الجحيم العراقي المفتوح على ذات الخداع القاتل باستمرار عن الحلف الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة بغطاء من الشرعية الدولية في أقطار أخرى ومجالات مختلفة مكنت هذا الحلف من الثروة والأرض ومن الأمن والسلام والغريب أن الإرهاب المتهم من قبل واشنطن كان هو العربي نفسه: امةً وديناً, جماعات وأفراداً, رغم أن الدول وإمكانياتها موجهة ضد مسمى الإرهاب ومسخرة لحرب الولايات المتحدة ضده.
بالمقابل وفي سياق الصراع العربي الصهيوني انفتح على العرب جحيم السلام المتجدد من مدريد لينتج توسعاً استيطانياً وتنازلات عربية لم تفلح في إقناع الولايات المتحدة بجدية العرب في السلام خياراً استراتيجياً وحيداً ولكنه متروك للسياسة الأمريكية في التنفيذ الذي لن يكون أبداً حتى فيما يخص رؤية واشنطن ذاتها لما تسميه حل الدولتين.
ويتجدد الجحيم من بوابة أخرى فتحها ما يسمى الربيع العربي للعدوان الأطلسي تحت ذريعة حماية المدنيين وتخليص شعوب عربية بذاتها من جحيم طغاتها وجرائم التهم القاتلة للمواطنين والقامعة للحريات والحقوق, ابتدأ هذا العدوان من ليبيا بعد أن استدعت الجامعة العربية مجلس الأمن الدولي لحماية عرب ليبيا من بطش العقيد معمر القذافي والحق أن العرب أيضاً كان بمقدورهم تحرير ليبيا من طغيان القذافي حرباً وسلماً إن هم أرادوا ذلك وعزموا عليه بكل حزم وإصرار.
امتدت هذه البوابة بجحيمها المتجدد إلى سوريا وهناك امتد الدمار والقتل إلى قطر أراده العرب من حوله ضحية جديدة لعدوان أطلسي متربص وجاهز للقضاء على كل ما يراه ضد مصالحه وسياساته في المنطقة العربية والغريب في جديد هذا الجحيم الذي هوى بليبيا إلى وحل التمزق والاقتتال ويسعى إلى إلحاق سوريا بالعراق أنه متجدد بدعوى التخلص من نظام التسلط والطغيان وهو النظام القائم بأشد أشكاله تخلفاً وهمجية في الأقطار المستنجدة بالحلف الأطلسي لتحرير سوريا وتغيير النظام الحاكم فيها.
لو أن العرب أرادوا لا استطاعوا ولكنهم سلموا هذه الإرادة لعدو يتربص بهم في سياق ثابت على الخداع المتكرر وقائم على الجحيم المتجدد في الوطن العربي منذ قرن تقريباً ومنذ تدمير العراق وهذا الجحيم يلتهم كل مقومات القوة ومصادر القدرة في الثروة والعوائد فكل عدوان أطلسي على قطر عربي يدمر هذا القطر ويستنزف ثروات الأقطار التي تمول كل عدوان.
الأقطار العربية سلمت قيادة الحرب على الشيوعية للولايات المتحدة واكتفت بتمويل هذه الحرب وتجييش وقودها من مرتزقة الجهاد في أفغانستان ثم دفعت ثمن ذلك حين رأت أمريكا في الجهاد إرهاباً فمولت حرب الإرهاب وقدمت مجاهديها ضحايا للقتل والتنكيل واليوم يتكرر الخداع في سوريا ويتجدد جحيمه في مسمى الثورة السورية واعداً بجديده حين يتحول الثوار إلى إرهابيين وهكذا في حلقة مفرغة من خداع متكرر لجحيم متجدد.
عبد الله محمد الدهمشي