‘عملية نجران’.. التحول الاستراتيجي في موازين القوة
الحقيقة/علي الذهب
في الوقت الذي لم يَفق النظام السعودي بعد من هول صدمة الهجمات النوعية التي استهدفت منشأة أرامكو على صعيد المعركة الجوية، إلا ويتفاجأ بضربة قاصمة أخرى على مستوى المعركة البرية تمثلت في العملية العسكرية الكبرى “نصر من الله” بمحور نجران وما حملت من تفاصيل تؤكد بشكل فعلي حقيقة انتقال الجيش اليمني واللجان الشعبية من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم الكاسح.
عملية محور نجران في الجبهة الحدودية السعودية التي تُعد تطوراً نوعياً في الواقع العسكري اليمني تأتي بعد قرابة 4 سنوات ونصف منذ بدأ الحرب السعودية على اليمن، وتشير إلى طبيعة التحول الاستراتيجي في موازين القوة والخارطة العسكرية اليمنية من حيث قراءة معطيات العملية ونتائجها وما تسببت فيه من خسائر فادحة لقوات العدو بأسر عدد كبير من عناصره ومقتل أعداد أخرى، اضافة إلى الغنائم الضخمة، وتحرير مساحة جغرافية شاسعة؛ في ظرف مدة زمنية قصيرة.
وبحسب المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع وما سرده موثقاً بالصوت والصورة فإن العملية استغرق إنجاز المرحلة الأولى منها 72ساعة، شن فيها الطيران السعودي 300 غارة، 100 منها خلال 48 ساعة فقط، وسبق ذلك رصد دقيق استمر لأشهر قبل استدراج العدو لأكبر كمين وعملية منذ بدأ العدوان، وأَجبرت خلالها قوات الدفاع الجوي اليمني مروحيات الأباتشي والطيران الحربي للعدو على مغادرة منطقة العمليات، لتكون الحصيلة تحرير “350 كيلو متراً مربعاً” في المرحلة الأولى من العملية بما فيها من مواقع ومعسكرات، وسقوط 3 ألوية، ووقوع أكثر من “2000” مقاتل من قوات العدو في الأسر بينهم ضباط سعوديون، والاستيلاء على مئات المدرعات والآليات وكميات كبيرة من الأسلحة والعتاد العسكري.
تفاصيل العملية تُظهر طبيعة التفوق العسكري للجانب اليمني رغم الإمكانيات الهائلة للقوات السعودية وما تمتلك من تسليح حديث يبدو أنه لم يكن كافٍ لمواجهة الإرادة والأداء والتكتيك، لتكشف عملية “نصر من الله” وفق رأي الناطق باسم حركة أنصار الله محمد عبدالسلام: “أن السلطة السعودية المدعومة أمريكياً زجت بجيشها في معركة غير مقتنع بها أو أنه فاقد للخبرة العسكرية فعرضته لمحرقة حقيقية”، فيما اعتبر المجلس السياسي لحركة أنصار الله: “أن هذه العملية العسكرية الناجحة تثبت أن إرادة الشعوب أقوى من سلاح العدوان وهي ثمرة من ثمار الصمود الشعبي جنباً إلى جنب مع أبطال الجيش واللجان الشعبية لمواجهة الغزاة والمحتلين”.
وحملت عملية محور نجران الكثير من الأهمية الاستراتيجية العسكرية بحسب مختصين في الشأن العسكري، حيث اعتبروا أنها حققت نتائج غير متوقعة من ناحية حجم ومستوى القوات التي سقطت في المعركة، لتؤكد العملية -وفق الخبير العسكري العميد عابد الثور- أنها ذات طابع عملياتي كبير وان القدرات العسكرية اليمنية باتت اليوم قوة مؤثرة على العدو وتمتلك كل مقومات النجاح والنصر في الحرب الدائرة، وما يشير إلى حالة منفردة من أسلوب القتال المتبع اضطر قوات العدو أن تكون في أسوء أوضاعها وانتشارها وفقدانها للسيطرة على كامل وحداتها وتشكيلاتها المهاجمة، لتمثل هذه العملية أكبر عملية استدراج للخصم منذ بدء العدوان السعودي على اليمن.
وتحضر حالة من الاستغراب على حالة التكتم المقلق على العملية ونتائجها من قبل النظام السعودي الذي بدى أنه في مأزق حقيقي، لأن إعلانه للهزيمة وبهذا الشكل المخزي يمثل -برأي البعض- فضيحة مدوية تستوجب منه وقف حربه العبثية على اليمن، وانتكاسة عسكرية غير مسبوقة تتطلب من السعودية وتحالفها مراجعة فورية لمآلات استمرار عدوانهم وحصارهم.
وبالمجمل، فإن عملية “نصر من الله” تمثل إنجازاً جديداً يُضاف لإنجازات قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية ويمنحها نقطة قوة أخرى في المعادلة العسكرية التي يبدو أنها من باتت تقود زمام المبادرة فيها، كما أن مكاسب هذه العملية تتعدى الجانب العسكري وسيكون لها انعكاساتها الإيجابية على عدة مسارات وملفات ومنها ملف المفاوضات سواء بشأن تبادل الأسرى أو التسوية السياسية المفترضة، إذ تمثل ورقة قوة إضافية لطرف صنعاء أمام خصومه الذين باتوا يدركون جيداً أن ما بعد “عملية نجران” ليس كما قبلها !!.