عملية الشيبة وتضعضع حلف العدوان…بقلم/علي الدرواني
مع خسارة تحالف العدوان لاوراقه في لعبة العدوان الهمجي على اليمن، تتضاعف اوراق القوة المتراكمة لدى الشعب اليمني، على مختلف المستويات، العسكرية والسياسية، والتي تجلت في أبهى صورها السبت السابع عشر من أغسطس آب الجاري.
في المستوى العسكري نفذت عشر طائرات درون من سلاح الجو المسير عملية هي الأولى من نوعها على العمق السعودي، حيث استهدفت حقل الشيبة النفطي السعودي جنوب شرق المملكة على الحدود مع الإمارات، بما تعنيه هذه الضربة من دلالات عميقة حول مدى تطور القدرات اليمنية، والخبرات المتراكمة على استخدام هذا النوع من التكتيكات، وأيضا على نجاعة هذا النوع من الأسلحة في هذه الحرب غير المتكافئة، وقدرته على تغيير موازين المعركة بعون الله وتوفيقه.
العملية التي تم تنفيذها بعنوان مرحلة توازن الردع الأولى، اختيرت بعناية وحكمة كبيرة، سواء من حيث التوقيت، أو من حيث اختيار الهدف، من ناحية التوقيت فهي تأتي في العام الخامس من العدوان ولهذا دالالاته على تعاظم القوة اليمنية، في مقابل فشل العدوان في تدمير القدرة العسكرية اليمنية والتي لا تحتاج إلى مزيد شرح، وهو أيضا توقيت حساس إقليميا، فالعملية إلى جانب العمليات الصاروخية والبالستية والتي وصل اخرها الى الدمام السعودية، تضع اليمن كشريك أساسي في فرض او الحفاظ على حالة الأمن في المنقطة، وقد كانت كلمة السيد عبدالملك الحوثي أمس واضحة في تحذير الرياض، فأمن السعودية لن يتحقق إلا بتحقق أمن اليمن، وعلى الرياض ان تقبل بهذه المعادلة، قبل ان تفرض عليها بمزيد من العمليات، والتي قد تضع في قادم الأيام معادلات أكثر إرغاما للسعودية.
أما من حيث اختيار الهدف، فهو الضرع الحلوب، النفط، وسابقا في كلمة للسيد عبدالملك الحوثي بنماسبة انتهاء دورات المراكز الصيفية، أشار إلى ان ما بعد عملية التاسع من رمضان ليس كما قبلها، ويمكن تكرار تلك العمليات بما هو أشد إيلاما، إلا ان الرياض دائما ما تتغافل عن هذه التحذيرات ولا تتعامل معها بالجدية المطلوبة، ولا تستبين الصبح إلا ضحى الغد، هذا من جهة، ومن جهة آخرى فهي تذكر بالصاروخ البالستي الذي ضرب تجمعات قوى الارتزاق في عدن المحتلة، الشهر الماضي، وما نتج عنه من تضعضع قوى العدوان واشتعال الأحقاد الكامنة بينها، بما أسفر عنها من اقتتال داخل المدينة بين أدوات الحليفين اللدودين، بعد ضربة بدر اف البالستي، وسواء كان هو السبب الحقيقي لما جرى، او مجرد ذريعة، فالعبرة بالنتائج التي نراها على الأرض، وحالة الصراع التي ظهرت على السطح أكثر من أي وقت مضى، ووصلت نارها الى الرياض وأبو ظبي، وصراع النفوذ بينهما، في المنطقة، والذي بدأ في اليمن، وان كان بشكل أقل وضوحا، على الأقل من وجهة نظر بعض المراقبين.
إن كان ما جرى في عدن يعزى بشكل أو بآخر لتلك الضربة المسددة، فإن عملية توازن الردع الأولى والتي دخلت حيز التنفيذ باستهداف حقل الشيبة، ستكون مفاعيلها أكبر وأعمق، وتعيد الى الذهن الاماراتي الحق المسلوب، والمناطق الحدودية التي سطت عليها الرياض وترى فيها أبو ظبي حقا أصيلا لها، لا سيما وانها ليست مجرد صحراء خالية، فهي منطقة وصفتها الصحافة الغربية بأنها منجم ذهب، وليست مجرد حقل نفطي، فضلا ان تكون مجرد رمال صحراوية.
ومن شأن هذا الامر إذن ان ينكأ الجرح ويفتح عين الإمارات على جزء هائل من الثروة النفطية التي تنهبها الرياض دون وجه حق، وتؤكد أبو ظبي على حقها في تطوير الحقل الذي ترى أنه يقع ظمن حدودها، وهنا فإن أبو ظبي عندما تحاول ترسيخ أقدامها جنوب اليمن المحتل وتقوية أدواتها هناك في وجه أدوات الرياض، فإنها حتما تسعى لكسب أوراق قوة في وجه الرياض، وأفضل هذه الأوراق هو الجنوب اليمني بسواحله وجزره وحدوده الطويلة مع السعودية، ولطالما كانت أبو ظبي عاجزة عن مواجهة الرياض وبالتحديد في المسائل العالقة بخصوص الحدود سواء بما يتعلق بحقل الشيبة وثروته الهائلة والتي تقدر بخمسين مليون دولار يوميا، مليار ونصف شهريا، واكثر من خمسة عشر مليار دولار سنويا، وهو رقم ليس بالهين، وستعمل الامارات على استعادته من السعودية بأي شكل من الأشكال، بالاضافة خور العديد الواقع بين أبو ظبي وإمارة قطر، ولا يزال الخلاف في هذه المسائل بدون تسوية الى اليوم.
وبالحديث عن الجانب السياسي، فقد فتحت صنعاء أمس بوابة جديدة على العالم من خلال تعيين سفير لها في طهران، وهو الامر الذي تم خلال الجولة الاخيرة للوفد الذي يزور طهران حاليا برئاسة محمد عبدالسلام، وعضوية عبدالملك العجري وإبراهيم الديلمي والذي تم تعيينه سفيرا فوق العادة ومفوضا لدى الجمهورية الاسلامية، هذا الامر من الاهمية بمكان، وبالتاكيد فهو لم يحصل في وقت لحظي، ومثل هذه الامور تبحث بشكل اعمق مما نراه ظاهريا، وهو قرار اتخذه محور المقاومة، لوضع النقاط على حروف الواقع والمتسقبل للمنطقة والإقليم، وتعزيز روابط المحور، لا سيما بعد أن اثبتت صنعاء حضورها الفاعل والمؤثر في مجريات الاحداث، ومستقبل أمن المنطقة. فمحور المقاومة قادر بتماسكه وتآزره على إيقاف الحروب المتنقلة، وقد أكد السيد نصرالله في خطابه الأخير على أن (الإستناد الى محور المقاومة سيمنع أي حرب كونية على سوريا وسينهي العدوان على اليمن وسيمنع العراق من العودة الى الهيمنة الاميركية).
خلاصة الأمر أن حالة من الإرباك والتضعضع تخيم على تحالف العدوان الى جانب ضياع قوى الارتزاق وعدم وضوح مستقبلها بعد تفكك التحالف الذي رهنت مستقبلها به، في مقابل الوضوح في الرؤية والثبات على الأرض بالنسبة للقوى الوطنية المواجهة للعدوان وتراكم أوراق قوتها وانفتاح الأفق أمامها، بشكل يجعل النصر اليمني اقرب من أي وقت مضى.