ذات اجتماع للقاء المشترك، وعلى هامشه وبينما انغمس الحضور في النقاش، التفت أمين عام الإصلاح عبدالوهاب الآنسي إلى الشهيد الدكتور محمد عبدالملك المتوكل وكان جالساً إلى جواره على نفس الطاولة، وقال: أنتم حزب صغير – يعني اتحاد القوى الشعبية- ولا تخافون على (العفش).. كان الدكتور قد طرح في بداية الاجتماع ضرورة أن يتبنى اللقاء المشترك مشروعاً للإصلاح السياسي على غرار المشاريع العربية التي ظهرت في تلك الفترة من العام 2005م، وبينما كانت غالبية الآراء تتجه إلى مساندة المشروع، كان الآنسي متململاً من خطورة الإقدام على خطوة ذات سقف مرتفع كهذه، ولتبرير موقفه المتردد التفت إلى المتوكل، وأردف: نحن في تحالف واحد، وعلى من يمشي مخفًا أن يراعي ذوي الحمل الثقيل، إلا أن الشهيد – رحمه الله – رد عليه وبسرعة بديهة: خائف يا عبدالوهاب ” يجي يوم تحنب أنت والعفش حقك”..!! فالحمل الثقيل الذي يتباهى به الإصلاح كان في نظر المتوكل عبئاً على الحزب إن أراد أن يتخذ قادته قرارات شجاعة ومصيرية. ومع أن الإصلاح قد تشجع في الأخير وأعطى الضوء الأخضر لإطلاق مشروع المشترك للإصلاح السياسي والوطني، ثم تجاسر وخاض مع المشترك انتخابات تنافسية على مقعد الرئاسة في 2006م، فإنه قد راكم هذه التجربة وختمها بالهبة الشعبية في 2011م، ليجد نفسه إثر تداعياتها مسؤولاً عن إدارة الفترة الانتقالية وسط تحديات لا يحسد عليها في حينه. نجا ” العفش” هذه المرة، بل وأصبح عامل قوة راهن عليه الإصلاحيون في عدة محطات. إلا إن الإصلاح ارتكب أكبر خطيئة في تاريخه، حين بارك ” عاصفة الحزم ” والحرب العدوانية السعودية على اليمن، وبموجب هذه المباركة وضعت قيادة الإصلاح أعضاءها أو عفشها في وجه المدفع، وقذفت بهم إلى أتون المعركة سياسياً وعسكرياً وإعلامياً، وأصبحت ميليشيات الإصلاح رافعة ما يسمى بالجيش الوطني المدعوم من تحالف العدوان.. جرت في نهر الحرب مياه كثيرة، إلا أن الإصلاح لم يراجع أو يتراجع، ومع كل صفعة وخسارة كبيرة كانت أو صغيرة، تنبري أصوات وأقلام الإصلاحيين، لتستعيد ذات الخطاب القديم في حالة “دونكيشوتية ” ضررها أكثر من نفعها.. ومع أن العقلاء لا ينصحون بفعل الشيء نفسه مرتين وبنفس الأساليب وبنفس الخطوات إن كان المرء يريد الوصول إلى نتيجة مخالفة، إلا إن الإصلاحيين يرتكبون الحماقة ذاتها عشرات المرات. من حروب صعدة، إلى دماج وعمران والجوف، وإلى معركة قادمون صنعاء، ثم قادمون يا عدن، والإفلاس الإعلامي للإخوان سيد الموقف. وما حدث في نهم ويحدث حالياً على تخوم مارب لا يختلف كثيراً.. يكادون أن يخسروا آخر معاقلهم ، وإعلامهم يتحدث عن المعركة المصيرية في صنعاء.. ينزفون وحدهم في الميدان، وقادتهم وإعلامهم يباركون انتصاراتهم الوهمية.. وفوق كل ذلك، فإن هذا “العفش” الحديدي بجمهوره العريض لم يخرج منه ” رجل رشيد ” ليقول كفى.!