عشرُ دقائق!
في بلد عربي كان يلقّب بـ”السعيد” هناك أطفال يدفنون بالجملة في كل يوم. في اليمن مشاهد مروعة لم تستطع فنون السياسة تجميل معالمها. ماذا يعني أن يموت طفل كلّ عشر دقائق؟ لماذا تهشّم عظام أطفال اليمن وتحرق جلودها؟ حتى لا نفقد إنسانيتنا على مذبح التهاون، وكي لا تسود شريعة الغاب فينا.. أنقذوهم.
قتلوا له أُمّه، وجاره الذي يزوره كل يوم زارته اليوم شظية. هذا المسكين ماذا نقول له؟ الصاروخ لعبة حديثة؟ تختبئ فيها الأمّ تحت الركام، ويتوارى فيها الأب تحت التراب؟ حسناً. لكنّها لعبة مملّة. طال أمدها. “أبي لم ينهض، ولا يوجد من يزيح الركام عن أمي. سقط بيتنا. ذهب رفاقي. جائعُ أنا، مريضٌ. مكسور. أريد أُمي. أوقفوا اللعبة أنزلوني!”.
نحن نخاف أن نصرخ بصوت عالٍ كي لا يتأثر طفل صغير ويبكي. نحن نهدد أولادنا بالغرزة كي يخافوا ويتوقفوا عن إزعاجنا. كثيرون منّا قالوا لأطفالهم إن “الغول” سيأتي ويأكلهم إن لم يذعنوا لأوامرنا. هذا ما يحصل مع أطفال اليمن تحديداً، لكنّ صوت الصواريخ أعلى من أن تحتمله آذانهم الصغيرة، الغرزة أكبر مما تبقى من “لحومهم”، والغول يلتهمهم بكرةً وعشية.
يموت كل عشر دقائق طفلٌ في اليمن، من يدري ربما قبل نشر هذا المقال يكون قد مات ثلاثون طفلاً وربما أربعون. هذا يكفي لندرك هول المأساة. ماذا ينبغي أن نسمع أكثر حتى ننتفض ونصرخ؟ عشرُ دقائق. كفيل هذا الرقم بأن ينشّط الدورة الإنسانية لدى من تبقى لديه جزءٌ منها. حفنة قليلة من الوقت وستنتهي حياة طفل صغير لديه يدان جميلتان، وعينان تترقبان الغياب. سيرحل طفل ويترك مقاعده الدراسية. سنفقد صغيراً لم يملّ لعبه بعد. سيغيب “كتكوت” أحلامه لم تتخطّ الرمق. ما تأثير هذه القنبلة الرقمية علينا؟ دقائق الموت في اليمن تسير بخطى سريعة. ما يجري في اليمن لو كان مسلسلاً لانتهى، ولو كان كاميرا خفيّة لظهر المخرج، لكنه للأسف حقيقة. أهل اليمن تحت مجهر الموت وإنسانيتنا جميعاً في خطر.