عرض اليمن العسكري بمناسبة الذكرى التاسعة لثورة الـ 21 من سبتمبر ..دلالات ورسائل
تتجلى قيمة الثورات الوطنية التحررية وأهميتها التاريخية من خلال قدرتها على حماية ذاتها وتأمين وجودها وترسيخ جذورها وتهيئة الظروف المواتية لانتصارها ونجاحها في تحقيق أهدافها واستمراريتها وتجددها،
وتكمن مقومات الحفاظ على عزة وكرامة وحرية وأمن واستقرار الشعوب وسيادة أوطانها المصونة واستقلال قرارها في عظمة وقوة الجيوش التي تمتلكها.. وهذا ما بات يلمسه الجميع في ثورة الـ 21 من سبتمبر العظيمة والمباركة والمتجددة والمستمرة في السير على درب النضال والصمود اليمني الوطني الثوري التحرري منقطع النظير وفي رسم وتحقيق خارطة أهدافها التي تجلت واقعاً عملياً على الصعيد السياسي والعسكري والأمني ومختلف مجالات الحياة، وكان أبرز شواهد نجاحها ومنجزاتها العرض العسكري الاستثنائي الذي شهده ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء بمناسبة العيد الـ 9 لها، والذي نحاول قراءة واستنباط أبرز الدلالات والرسائل التي حملها في سياق التقرير التالي:
بالتزامن مع متغيرات سياسية تحمل في أحشائها تباشير واضحة بمخاض وطني جديد ، يستمر الزخم الثوري الوطني التحرري غير المسبوق في تاريخ شعب اليمن العظيم.. وهذا ما تجلى بوضوح تام للعالم أجمع من خلال العرض العسكري المهيب الذي شهده ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء ابتهاجا بالعيد الوطني الـ 9 لثورة الـ 21 من سبتمبر العظيمة والمباركة.
أبرز دلالات العرض العسكري المهيب تجسدت في:
– تأكيد حقيقة نجاح شعب اليمن العظيم وثورته الوطنية التحررية في كسر كل الرهانات وتبديد كافة آمال وأحلام وحملات ومحاولات قوى العدوان والفساد والعمالة الهادفة إلى القضاء على الثورة وإعادة اليمن إلى مربع الوصاية من جديد.
– نجاح الثورة في حماية ذاتها وتأمين وجودها وترسيخ جذورها وامتلاكها روح التجدد والاستمرارية كأول ثورة وطنية تحررية رافضة للوصاية والتبعية والهيمنة الأمريكية الصهيونية في المنطقة العربية وفي منطقة الجزيرة العربية، وهي المنطقة الحيوية والاستراتيجية التي كانت ولا تزال تشكل على الدوام أحد أهم البؤر الكونية لتنافس وصراع قوى الهيمنة والاستكبار والنفوذ وصراع المصالح الاستعمارية القديمة والمعاصرة بدوافعها الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية.
– تأكيد حقيقة أن شعب اليمن العظيم مستمر في التمسك بكتاب الله والتمسك بهويته اليمنية الجامعة وكافة عناصرها، وعلى رأسها الدين الذي بات اليوم معيارا محوريا لفرز الاصطفافات والمواقف الدولية، مع تصاعد الحرب المباشرة والواضحة التي يشنها الغرب على الإسلام.
وفي هذا السياق جاء حمل إحدى العربات العسكرية للمصحف الشريف تأكيدا للدفاع عنه والتزام يمن الحادي والعشرين من سبتمبر، بهذه الهــوية كإطار رسمي لعلاقاته ومواقفه وتحالفاته سلما وحربا، وأنه لن يكون جزءا من أي مشروع يخدم مصالح القوى المعادية للإسلام.
رسائل
حمل العرض العسكري المهيب العديد من الرسائل الموجهة للأعداء والأصدقاء على المستوى الإقليمي والدولي يمكن تلخيص أبرزها فيما يلي:
– رسالة تأكيد للرأي العام المحلي والدولي والعالمي أن جميع المؤامرات التي حاكتها قوى الهيمنة والاستكبار العالمي ومراكز صناعة القرار والمؤسسات الاستخباراتية والدبلوماسية الأمريكية الصهيونية في أكثر من عاصمة إقليمية وعربية ودولية قد فشلت وأن ثورة الـ 21 من سبتمبر قد أصبحت قادرة على رسم وتحديد ملامح خارطة المستقبل اليمني وصناعة مفردات واقع حياة العزة والكرامة والحرية والسيادة الوطنية اليمنية الكاملة غير المنقوصة، الذي أصبحت تتجلى أبرز ملامحه من خلال العديد من الشواهد والمعطيات التي غيرت وستغير مجرى الأحداث على صعيد واقع المواجهة العسكرية وفي المشهد السياسي واستقلال القرار اليمني.
– في العرض العسكري رسالة واضحة لدول العدوان ذات أبعاد شاملة ومعبرة لطبيعة الموقف الوطني اليمني المبدأي الثابت وجذوره وسقفِه سِلْمًا وحَرْبًا، خلاصة هذه الرسالة أن شعب اليمن العظيم ماضيا في السير نحو أن يكون قوة جديدة متكاملة لا سبيل لكسرها أَو تقييد خياراتها وطموحاتها أَو عرقلة مساراتها المُستمرّة في التثبيت العملي لمعادلات سياسية وعسكرية شاملة وثابتة ولمسار تأريخي جديد ترتبط به هــوية الدولة اليمنية التي تبنيها قيادة الثورة والشعب والجيش اليمني القوي.
– فيما يتعلق بالمعركة مع العدوان، فقد مثّل العرضُ تجسيدًا هو الأوضحُ على الإطلاق لمعادلة الحرب والسلام الرئيسية، التي تمثل جوهرَ الموقف الوطني، وإطار السياسة العامة الثابتة في التعامل مع الصراع الذي يشهده البلد مع القوى الإقليمية والدولية وأدواتها المحلية.
– هذه المعادلة، كما هو واضح، تحمل شِقَّينِ رئيسيَّين: الأولُ جسّده العرضُ العسكري بشكل مباشر من خلال حجم القوة البشرية، وحجم ونوعية الترسانة التي تم استعراضُها، وفي هذا الشق أكّـد العرض العسكري بوضوح أن بناء القوة وتطويرها إلى أقصى حَــدٍّ ممكن، هو بالنسبة لصنعاء أولويةٌ مقدَّسةٌ وضرورة وجودية؛ مِن أجل مواجهة أي تهديد ضد البلد والتغلب عليه بالشكل المطلوب الذي لا يترك أية ثغرة مفتوحة أمام الأعداء، وبالتالي فَــإنَّ العرض حمل رسالة واضحة بأنه لا توجد في حسابات صنعاء مساومةٌ على ثوابت الاستقلال وتحرير الأرض ونَيل الحقوق كاملة وغير منقوصة، وأن هذه القوةَ البشرية والمادية المتعاظمة بُنِيَتْ لتحقيق هدف رئيسي هو تحقيق النصر، في حال رفض الأعداء أن يتراجعوا بشكل كامل عن مواقفهم، وليس لممارسة “ضغوط” تدفعُهم نحو تخفيف حدة عدائهم قليلًا.
– هذا ما أكـدته تصريحات وزير الدفاع وناطق القوات المسلحة خلال العرض، حَيثُ أكّـد الوزير العاطفي بشكل واضح على أن “اليمن قوي ويستطيع فرض وجود على الساحة العالمية” وأنه بهذه القوة “يمثل ركيزة للاستقرار الإقليمي والدولي” بالشكل الذي يجعل استمرارَ الحصار تهديدًا لهذا الاستقرار.
وعلى ضوء ذلك هذا وجّه اللواء العاطفي رسالةً تفصيلية واضحة لدول العدوان بأن “الكلمة العليا والمسموعة” بشأن سيادة الجزر اليمنية ومضيق باب المندب ستكون لليمن “شاء من شاء وأبى من أبى” وأن “القوات الأجنبية المتواجدة في المناطق المحتلّة ستكون على موعدٍ مع براكين الغضب اليمني إذَا لم ترحل”؛ وهذا يعني بوضوحٍ أن صنعاء لن تمنحَ دول العدوان أيةَ مساحة للمساومة على استمرار الاحتلال، وأن الدبلوماسية لن تستطيع أبدًا أن تحولَ دون تحرير المناطق والجزر المحتلّة عسكريًّا، إلا من خلال سحب القوى الغازية بشكل سلمي.
– عزز المتحدث الرسمي للقوات المسلحة، العميد يحيى سريع، أَيْـضا هذه الرسالة، من خلال التأكيد على الجاهزية “لخوض المعارك في حال لم يلتزم العدوّ بمتطلبات السلام المشرف” وأنه “لا سلام بدون تحقيق مطالب الشعب اليمني كافة”، وَأَيْـضاً من خلال الإعلان عن “مضاعفة الجاهزية القتالية خلال الفترة القادمة ضمن الاستجابة العملية للتعامل الحازم مع أية تطورات”.
وَأَضَـافَ سريع أن “الشعب اليمني يؤمن بأن السلام لم ولن يتحقّق إلا بفرض معادلات عسكرية رادعة تجبر العدوّ على الخضوع لكافة المطالب المشروعة والعادلة” في رسالة أُخرى تؤكّـد للعدو أن دبلوماسيته المزيَّفة لم تغير حقيقةَ استمرار الحرب، والتي تقتضي السعي نحو حسم المعركة.