عدوان مكرّر على صنعاء والحديدة: الاحتلال يجترّ خطواته… بلا إنجازات
جاء العدوان الإسرائيلي على اليمن، أمس، أقلّ حدّةً بكثير مما أوحى به التهويل الذي سبقه، ما يؤكد عجز إسرائيل عن وقف جبهة الإسناد اليمنية لقطاع غزة. واستهدف العدوان، الذي قال الاحتلال إن 100 طائرة شاركت فيه، مطار صنعاء الدولي، ومحطات كهرباء وموانئ في العاصمة والحديدة. وأفادت مصدر طبية بأن حصيلة الغارات بلغت 3 شهداء و16 مصاباً في صنعاء، وشهيداً واحداً و3 مفقودين في الحديدة، فيما تحدثت وزارة الخارجية، في بيان، عن إصابة مساعد طيار تابع للأمم المتحدة في الهجوم، ونقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، علماً أن العدوان تزامن مع وجود موظفين دوليين كبار كانوا يستعدّون لمغادرة المدينة، وتم نقلهم إلى مكان آمن. ووفق المصادر، فإن الغارات العشر التي استهدفت المطار، طاولت برج المراقبة فيه ومرافقه، في محاولةٍ لتعطيل حركته بشكل كلّي.
ولم يطاول العدوان أيّ أهداف عسكرية، وهو ما يؤكد حالة التخبط التي يعيشها الكيان الإسرائيلي في مواجهة اليمن، علماً أن الكثير من الأهداف التي ضربتها طائرات الاحتلال سبق أن قصفتها، وسبق لصنعاء أن اتخذت إجراءات لتقليل أيّ أضرار فيها. وكان من بين تلك الأهداف محطة كهرباء منطقة حزيز الواقعة جنوب العاصمة والتي طاولتها غارتان، بالإضافة إلى عدد من المنشآت المدنية في مدينة الحديدة؛ أبرزها ميناء رأس عيسى النفطي، وهو ميناء خالٍ من السفن ولا وجود لخزانات نفط فيه، فضلاً عن محطة كهرباء رأس الكثيب التي تغذي مدينة الحديدة بالكهرباء.
الحوثي: عمليات القصف اليمنية كسرت عنصر التفوّق الدفاعي للعدوّ
وفي أول رد على العدوان، توعّد مصدر عسكري مطّلع تحدّث إلى «الأخبار»، العدوّ بـ»ضربات مزلزلة وبمعادلة ردع استراتيجية»، مؤكداً أن «صنعاء ستردّ على استهداف المطار بالمطار والميناء بالميناء والمنشآت النفطية بما يقابلها». وفي خطابه الأسبوعي، الذي ألقاه بالتزامن مع العدوان، أكد قائد «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، استمرار العمليات في عمق الكيان من دون توقف، واستبعد نجاح الأخير في التأثير على عمليات جبهة الإسناد اليمنية، مشيراً إلى أن «العدوّ الإسرائيلي فوجئ بفاعلية وزخم العمليات من جبهة اليمن، وبات يتحدّث عن هذه الجبهة بإحباط». كما لفت إلى أن «الهجمات الصاروخية اليمنية أفقدت وسائط الدفاع التي يمتلكها العدوّ فاعليّتها»، معتبراً أن تلك الهجمات «كسرت عنصر التفوّق الدفاعي للعدوّ الإسرائيلي». وتطرق الحوثي إلى تأييد الفصائل الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي العدوان الإسرائيلي على اليمن، معتبراً أن «الأكثر سخافة وغباءً هو تعليق بعض الصهاينة الآمال على المرتزقة لتحريكهم ضد بلدنا»، مضيفاً أن «المرتزقة يعلّقون آمالهم على العدوّ، ويتحدّثون بإعجاب وتعظيم عمّا يفعله في سوريا ولبنان وما فعله في فلسطين، ثم إذا به يعلّق الأمل عليهم ليقاتلوا بالنيابة عنه». بدوره، وصف رئيس وفد صنعاء في المفاوضات السياسية، محمد عبد السلام، العدوان الإسرائيلي الأخير بالإجرامي. وقال في منشور على منصة «إكس»، إن «هذا هو ديدن العدوّ المجرم، قاتل الملايين من الشعب الفلسطيني ومرتكب جرائم الإبادة الجماعية في غزة»، مضيفاً أنه إذا «فكّر العدوّ الصهيوني بأن إجرامه سيوقف اليمن عن مساندة غزة فهو واهم، ولن يتخلى اليمن عن ثوابته الدينية والإنسانية».
في المقابل، أعلن المتحدث باسم جيش العدوّ، دانيال هاغاري، انتهاء الهجوم على اليمن، ولكن بيانه تضمّن عبارة «لم يكتمل»، في إشارة واضحة إلى تعثّر جديد اعترض خطواته. وهي ليست المرة الأولى التي يفشل فيها الاحتلال في استكمال عدوانه، على رغم تأكيده التحضير والإعداد له منذ أيام؛ إذ سبق أن اعترف بقصور عدوانه السابق عن التأثير على حركة «أنصار الله» أو إضعاف قدراتها العسكرية. وبهذا الهجوم الضعيف التأثير، يكون العدوّ قد منح قوات صنعاء مبرّراً آخر لتوجية ضربات جديدة في عمق إسرائيل. ويتوقع مراقبون أن يكون رد صنعاء على استهداف المطار، ضرب مطار بن غوريون في تل أبيب، وأن تكون الهجمات مركّزة هذه المرة على مرافقه بهدف تعطيله.
وجاء العدوان الجديد بعد ساعات من إعلان صنعاء إحباط محاولة اختراق استخباراتية لمصلحة العدوّ الإسرائيلي والأميركي، كانت تل أبيب تهدف من خلالها إلى الوصول إلى قيادات عليا في حركة «أنصار الله»، وكذلك الحصول على إحداثيات لاستهداف مخازن الأسلحة، وأماكن التصنيع الحربي، إلا أنها اصطدمت بوقوع الخلية التجسّسية في قبضة الأجهزة الاستخباراتية التابعة لصنعاء. وجاء في بيان لوزارة الداخلية أن وكالة المخابرات الأميركية “CIA” و»الموساد» الإسرائيلي حاولا، بمساعدة سعودية، زرع عملاء في صفوف قوات صنعاء للتعويض عن الشح في المعلومات الاستخباراتية في اليمن. وأتى العدوان أيضاً، بعد ساعات من إحباط محاولة تصعيد عسكري على جبهات محافظة تعز. ووفقاً لمصادر محلية في المحافظة، دارت مواجهات عنيفة، ليل الثلاثاء – الأربعاء، بين ميليشيات حزب «الإصلاح» التي حاولت تفجير الوضع عسكرياً في عدد من جبهات التماس في تعز، وقوات صنعاء التي قامت بهجوم معاكس انتهى بسقوط عدد من المواقع العسكرية التي كانت تحت سيطرة «الإصلاح».
الأخبار اللبنانية