عدوان عبثي على اليمن.. ثماره الوحيدة في سوق السلاح الأميركي../بقلم/شارل أبي نادر
لم يعد يملك أي متابع للحرب على اليمن أي فكرة عن سبب استمرارها، وذلك بعد أن أصبحت بنظر جميع المتخصصين بالشأن العسكري – الميداني، وكأنها عملية تضييع وقت فقط، وهي أشبه بعملية فارغة من أي بُعد له قيمة عسكرية، حيث أقفلت بالكامل أية إمكانية لأن يحقق هذا العدوان أي تقدم أو تغيير ميداني أو عسكري داخل اليمن.
فالجبهات الرئيسة الحدودية، بين الساحل الغربي والحديدة بشكل خاص، والحدودية الشمالية مع السعودية، بين نجران وعسير وجازان، أصبحت جامدة وخلا أغلبها من أية فرصة للعدوان في إحراز أي تقدم، خاصة أنه في معاينة كل تلك الجبهات ومراقبة ومتابعة الحركة العسكرية عليها، من نقل للعناصر أو الانتشار على الأرض أو محاولات الزحوفات، فإن العدد اللازم من المرتزقة للقيام بأية نقلة ميدانية أو تقدم أو سيطرة على الأرض، لم يعد موجودًا، وبالكاد يستطيع تغطية الدفاع عن مواقعه المهددة بالسقوط في أي وقت.
من جهة أخرى، وبعد متابعة التقرير الأخير للمتحدث العسكري اليمني العميد يحيى سريع، فإن تحالف العدوان السعودي الأمريكي والذي يواصل التصعيد على مختلف الجبهات، قد أصبح معدل العمليات الهجومية التي نفذها اعتبارًا من التاسع من شهر أبريل الماضي حتى اليوم، حوالي 120 عملية هجومية، موزعة على جبهات مأرب والجوف وتعز والضالع والبيضاء، وبنفس الوقت، فقد بلغ مجموع غاراته الجوية على تلك الجبهات أو على البقعة الخلفية لها، حوالي 1586 غارة.
وبالانتقال من الميدان اليمني نحو ملف التسلّح الإقليمي – الدولي، وبعد الاطلاع على بعض الوقائع المتعلقة باكتمال توقيع عقود شراء أسلحة أمريكية لكل من السعودية والكويت، يمكن ملاحظة ما يلي:
– بالنسبة للسعودية: «كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية نقلًا عن مصدر في «الكونغرس» قوله إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعتزم بيع السعودية 7500 قنبلة دقيقة التوجيه بمبلغ يقارب 500 مليون دولار، بالإضافة لبعض الأسلحة الأخرى المكملة للقنابل الموجهة بقيمة 106 ملايين دولار.
– بالنسبة للكويت: فقد اكتمل عقد شراء الكويت 84 صاروخا اعتراضيا (مضادا للأجسام الطائرة) من نوع باك 3، وهو الصاروخ الأجدد المعدل لمنظومة الدفاع الجوي الباتريوت، مع شراء أنظمة (إم.إس.إي)، والتي هي عبارة عن أجهزة حساب وقياس الكرتونية دقيقة، من الممكن، وبما أنها ارتبطت بصفقة الباتيروت باك 3، أن تكون متعلقة بعمل رادارات التوجيه وكشف الأهداف الطائرة وسرعة طيرانها ومسافاتها عن الأهداف المُدافع عنها، وذلك بمبلغ حوالي 800 مليون دولار، كما تضمنت هذه الصفقة أيضًا، مبلغ 625 مليون دولار، ستدفعها الكويت، لتغطية برنامج الترميم والصيانة الفنية لمنظومات الباتريوت القديمة الموجودة حالياً في البلاد.
في تحليل دقيق لكافة هذه المعطيات، المتعلقة من جهة بمضمون التقرير الأخير للعميد سريع، مع ربطه بما آلت إليه الحرب على اليمن من كونها أصبحت حربًا عبثية بالنسبة للعدوان، حيث لا إمكانية لإحداث تغيير ميداني عسكري، والمتعلقة من جهة أخرى بملف الأسلحة الأمريكية لكل من السعودية والكويت، يمكن استنتاج ما يلي:
أولًا: يتبين من عدد محاولات الزحوفات الفاشلة التي يقوم بها العدوان على كافة الجبهات داخل اليمن، مع العدد الكبير من الغارات الجوية المساندة لهذه الزحوفات، ومع عبثيتها وعجزها عن تحقيق أي خرق، أن الهدف الرئيس لهذه الهجومات لا يتعلق بتاتاً بقرار تحقيق أي تقدم، لأن ذلك أصبح مستحيلًا، والعدوان ومرتزقته يعلمون ذلك جيدًا، بل يبدو أن الهدف الرئيس لذلك الحراك الهجومي هو خلق الفرصة الميدانية لتنفيذ أكبر عدد ممكن من الغارات الجوية المساندة لهذه الزحوفات.
ثانيًا: في مقارنة بين نوعية الأسلحة التي ستحصل عليها الكويت مع الأسلحة التي ستحصل عليها السعودية، يتبين أن الأخيرة سوف تحصل على صواريخ موجهة وقنابل ذكية هجومية، والتي هي عماد غاراتها الجوية على اليمن، في الوقت الذي ستحصل الكويت فيه على صفقة أسلحة دفاع جوي بالكامل.
من هنا، وحيث أصبحت عبثيةُ العمليات العدوانية داخل اليمن واضحةً وثابتةً، للأسباب الميدانية والعسكرية المذكورة أعلاه، وحيث انحصرت تقريباً أغلب صفقات الأسلحة الأمريكية للسعودية بالهجومية منها، وبالتحديد بالصواريخ الموجهة وبالقنابل الذكية، يمكن القول أن العدوان على اليمن أصبح فقط بهدف خدمة سوق الأسلحة الأمريكية، من خلال خلق الميدان الملائم، والفرصة المناسبة الدائمة والمتواصلة، لاستعمال حزمة كبيرة من الصواريخ الموجهة والقنابل الذكية الغالية الثمن، الأمر الذي يدفعنا للاستنتاج بأنه لم يعد هناك من سبب لاستمرار هذا العدوان إلا المحافظة على توريد نمط ثابت من السلاح الأمريكي للسعودية.
*عميد المتقاعد في الجيش اللبناني