عدن تشتكي
عابد حمزة
عدن كما بقية المحافظات الجنوبية تشتكي لكن بصوت خافت أبناؤها يتألمون لكن بصمت يبحثون عن حل لما هم عليه من بؤس وشقاء وخوف وقتل واختطاف وتسلط وفقر وبطالة وانعدام أمن وكهرباء وأوبئة وأمراض وتكميم أفواه ومجازر بالجملة فلا يجدونه وعندما تعييهم الحيلة يقوم كل طرف بإلقاء الحجة والمسؤولية على الطرف الآخر في وقت يعرف الجميع عدوهم ومن المتسبب الحقيقي في سفك دمائهم بالجملة والتقصيد
يكتب الناشط الجنوبي وفي أعماقه تحس أنه يتوجع ويريد أن يصرخ من شدة الألم لكنه يخاف ويعرف أنه سيدفع حياته ثمنا إن تكلم يحدث تفجير هنا أو هناك فيودي بحياة المئات وهم وقوف بانتظار المرتبات أو أمام جمعية إغاثة فلا يتجرأ أحد على النطق وإن امتلك الشجاعة وتجرأ ونطق فبخجل يتهم وفرائصه ترتعد مدير أمن أو قسم شرطه لا يهش ولا ينش وليس بيده حول ولا قوة
بلا سبب يقتل من قادة الحراك ووجهاء الجنوب بمعدل 5 إلى 8 يوميا وتخرج القاعدة ببيان تتحمل فيه مسؤولية القيام بتنفيذ العملية فيلتزم الجميع الصمت ومع الصمت يبتلعون مرارة الألم على فقد أحب الناس إليهم ما إن يخرج الواحد منهم من بيته حتى يشاهد عشرات المواكب لعشرات السيارات المصفحة عليها عشرات البلاطجة الملثمين أياديهم لا تفارق الزناد وبكل غرور وعنجهية يخالفون حركة السير ويتقافزون على الأرصفة ويكيلون الشتائم لكل من تأخر عن التنحي جانبا من أمامهم
في عدن أصبح الخوف سيد الموقف يخاف المرء من ظله ويتحاشى البوح بما في نفسه مع أقرب الناس إليه حتى أصبح الأخ لا يأمن أخاه ويخاف أن يوشي به وفي نفس الوقت يعذره لأنه يعرف أن وشاية أخيه به ستوفر له لقمة عيش يسد بها رمق أطفاله
في الماضي راهنوا على الانفصال وظنوا أن تحذيرنا لهم من القاعدة وهادي ومحسن والإصلاح ومن المخططات الأمريكية كان طمعا في ما لديهم من ثروات أما اليوم فهاهي أمريكا رغما عنهم تذبح وتفجر وتؤقلم وتنشر الفتن وتزرع الأحقاد وتسعى لجعل العدني عدوا للحضرمي والحضرمي عدوا للمهري حتى يتسنى لها تجزئة وتقسيم الجنوب إلى كنتونات صغيرة يسهل عليها احتلاله ومصادرة قراره ونهب ثروته
لقد تبخرت الأحلام الوردية بكل أسف أمام واقع مرير وجد الجنوبي نفسه محاطا بالأشواك من كل جانب لا يجد مصدرا لتوفير ما يسد به جوعه إلا بالوقوف لأيام في صفوف طويلة أمام جمعية إغاثة هنا أو هناك أو الانخراط في صفوف داعش أو العمل كجاسوس مع الاحتلال أو يلتحق بمعسكرات التجنيد داخل المعسكرات الإسرائيلية في إرتيريا مع الجانجويد وبلاك ووتر وداين جروب كمقاتل مرتزق لا يتحرر أو ينعم بالأمن أو يتحقق له الرفاه والعيش الكريم الذي كان يظن أنه سيتحقق له بمجرد إعلانه للانفصال وإنما ليعمد بدمه دعائم الاحتلال الأمريكي وليجلب الشقاء الذي جعله عبدا ذليلا خانعا مستسلما مأجورا مرتزقا لأبنائه وأبناء أبنائه من بعده