الذين رأوا انهم أبطال منتصرون في معركة كربلاء هم الآن في ذاكرة النسيان والخمول والقبح والعار مهزومين أخلاقيا ولهم اشباه كثر في كل زمان ومكان، وإن بقي ذكرهم ليس إلا لتوضيح حقيقة باطلهم ولا يشرف أحد حتى حمل اسمهم ك يزيد وابن زياد وعمرو ابن سعد وذي الجوشن وحرمله وغيرهم من قوى بني امية الاغبياء الذين سلب عقولهم يزيد وقبله والده معاوية بالمال والسلطة، حتى وجدوا انفسهم في مواجهة خير عباد الله كلهم ابن بنت النبي محمد صلاة الله عليه وعلى آله الحسين بن علي عليهما السلام ، إلاّ أنّنا نشاهد عكس ذلك في ذكرى سيد الشهداء وبعد مرور مايقارب 1400عام؛ إذ يبرز لذكراه التجدد والحضور الدائم في حياة الأحرار وعشّاق العزّة والكرامة، فالحسين (عليه السلام) عنوان واضح و صورة عظيمة متجدده تعيش في عقول الأحرار وضمائرهم وثقافتهم الى الأبد، هو الوجدان الحيّ الفياض والمتدفق في كلّ حين وآن، يملأ كلّ أحاسيس وعواطف أنصاره ،هو بوصلة القلب في الحبّ والبغض في قلوبهم.
وللإمام الحسين(عليه السلام) جمال يأسر النفوس ويخيم على الأرواح، لا تُحدّ بزمن ولا تقف في جانب معين، فإنّه (عليه السلام) قد جَذَبَ كلّ متحرر إليه حتى الذين لم يؤمنوا بالدين ولم يعتنقوا الإسلام فكل من يعيش وجداناً حرّاً وضميراً حيّاً لا بد أن تفيض روحه قبل عينيه بكاءً وألماً على المأساة الدامية في أرض التضحيات التي حلّت بالحسين وبأهل بيته (عليهم السلام) كربلاء الطف .
بل انه مع كل عام في ذكرى استشهاده يكتشف عشاقه بُعداً جديداً في شخصيته ومضموناً نابضاً في ثورته وحركته؛ لأنّها تمثّل امتداداً واستمراراً للرسالة المحمدية، فالإسلام كما قيل عنه: محمدي الوجود، وحسيني البقاء. وقد أشار النبي (صلى الله عليه وآله) إلى هذه الحقيقة عندما قال: (حسين منّي وأنا من حسين). الحسين وسماحة العشق اليمني وانا انظر للحشود المليونية في اليمن الذين احيو ذكرى عاشوراء وواقعة كربلاء هذا العام، ألمس الشوق المتزايد والحبّ الطافح الذي يقودهم نحو الحسين عاما تلو عام رغم العدوان والحصار ، وكأنّ الحسين قد قتل اليوم، وكأنّ كربلاء ماثلة دائما في شهر محرم، وصوت الحسين لازال يستحثّ الأحرار من ابناء اليمن لمواصلة ثورته في وجه الأعداء ومؤامراتهم الخطيرة ، وكأن صوت الحسين ما زال يدوي مستنهضا أهل الكرامة والتضحية والإباء لتقديم المزيد مم المواقف، وكأنّ صرخة (ألا من ناصر ينصرنا، ألا من مغيث يغيثنا) لا زالت تدوّي غي أسماعنا، وكأننا لا زلنا نعيش على وقع كلمات زينب الحوراء وهي تصرخ بوجه طاغية الشام لكن بصوت المرأه اليمنية الحرة والأبية الصابرة والصامدة الى جانب اخيها الرجل في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي وادواتهم الرخيصة دون ضعف او استسلام شامخة شموخ زينب عليها السلام رغم حجم التضحيات والألام كلمات يجب على قادة تحالف العدوان على اليمن ان يسمعوها جيدا : (فكيدوا كيدكم، واسعَوا سعيكم، وناصبوا جهدكم، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميتوا ارادتنا وكرامتنا، ولا تدركوا أمدنا، ولا يرحض عنكم عار ما فعلتم بشعبنا من اجرام وقهر… وهل شأنكم إلاّ فند، وأيامكم إلاّ عدد، وجمعكم إلاّ بدد) بعد سبعة اعوام من الإستبسال والتضحية. وكأن العطش الذي اصاب الحسين واطفاله واهل بيته وخاصة رجاله نتيجة فرض جيش يزيد الملعون حصارا مطبقا عليهم مستمر إلى هذه اللحظة ولكن على اليمن وشعبها الكريم وعلى يد من لا يختلفون عن يزيد واعوانه ونظامه آل سعود وآل نهيان . اللهم ارحم كل تلك الوجوه التي وقفت في صف الحق مع الحسين وأهل بيته عليهم السلام تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تتقلب على حفرة أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا ومن اجل ان نكون احرار في ديننا ودنيانا. اللهم إنّي أستودعك تلك الأبدان وتلك الأنفس، حتى توافيهم وايانا من الحوض يوم العطش .