ظهر عند الحرم وصوّر الحجاج وصعد إلى “عرفات” مخترقاً مسار الحجيج :دخول الصحفي الصهيوني.. الفعل الذي أحيا الحديث بشأن الوصاية على الأماكن المقدسة
CNN: زيارة تماري ليست الأولى.. وصحفي صهيوني: دخلنا المدينة المنورة بعد طرد أجدادنا منها قبل (14) قرنا
تعاطى المتابعون لخبر توقيف السلطات السعودية مواطنا سعوديا – ساعد في ما اسماه «تسلل» الصحفي الإسرائيلي إلى مكة – بكثير من الاستخفاف، إذ جاء الخبر في محاولة لتخفيف الاحتقان الذي صار الشارع الإسلامي جرّاء هذا الفعل.
وأخذ الحدث بُعده المستفز لكونه اتسم بالتحدي لمشاعر المسلمين في كل المعمورة خصوصا وأن تحركات الصحفي الصهيوني جاءت في وقت كان فيه المسلمون يؤدون شعائر الحج.
كما أن إذاعة مقطع الفيديو الذي كشف عن دخول الصحفي الحرم المكي وصعوده جبل عرفات مخترقاً مسار المسلمين، مثّل رسالة مستفزة للمسلمين تفيد بعودة اليهود إلى مكة، كما تعهد بذلك أجدادهم الأوائل حسب المرويات.
أدركت القناة ١٣ العبرية التي ينتمي لها الصحفي خطورة ووقاحة الفعل، فبادرت بالاعتذار كما فعل الصحفي نفسه، ولما كان ذلك غير كاف لتهدئة مشاعر المسلمين بادر النظام السعودي بتأليف حماية التواطؤ من قبل المواطن السعودي لدخول الصحفي في محاولة لتبرئة ساحتها من الأمر.
في معطيات الكشف يتبين أن هناك أكثر من طرف سهّل للصحفي حركته.
وكانت وكالة بلومبيرغ، وعدد من وسائل الإعلام العبرية، ذكرت أن صحفياً صهيونيا “تسلل” إلى مدينة مكة في السعودية.
وأثار تصرف الصحفي “أثار جدلاً واسعا حتى على مستوى الداخل السعودي، إذ تصدر وسم #يهودي_في_الحرم، وعبر مغردون خلاله عن غضبهم من رحلة المراسل العبري ودعوا إلى التحقيق في كيفية دخوله المدينة المقدسة”.
فيما طالب آخرون بمراجعة الوصاية على الأماكن المقدسة.
وحسب فيلم وثائقي قصير نشرته “القناة 13” العبرية، تم تصويره خلال تواجد مراسلها جيل تماري في المقاصد المقدسة في مكة أثناء موسم الحج، تكشف القصة النصية المرافقة للفيديو على موقع القناة، عن أن لافتات إرشادية ظهرت على مشارف مكة تدعو غير المسلمين إلى الخروج من الطريق المؤدي إليها، إلا أنه – وحسب كلام الصحفي – “أخيرًا، قررنا السير بشكل مستقيم – على طريق مخصص للمسلمين فقط. بعد الفحص الأمني، أمرنا الشرطي السعودي بمواصلة السير باتجاه مكة”، وقال المراسل: «هذا هو مدخل مكة على شكل القرآن، أنا أستطيع القول إنني في مكة».
وأضاف: «هذا المسجد المقدس هناك، ونحن سننزل من هنا، لكنني هنا في مكة، الحلم أصبح حقيقة».
هنا يتبين بأنه كان هناك عناصر أمنية لم تتعاط مع الأمر بمسؤولية.
وفي مرحلة معينة من التسجيل، يضطر تماري لإنهاء رحلته على جبل عرفات بعدما أشار له مرافقه بإشارة متفق عليها بأن هناك «خطر يقترب»، حيث أشار إلى أن أحد رجال الدين كان يهم بالتوجه إليه للتأكد من كونه مسلما.
وقال جيل خلال نزوله من جبل عرفات «أثرنا الشكوك هنا.. والآن نحن نفر من المكان».
وذكرت الـ CNN أن زيارة تماري إلى المملكة ليست الأولى أو الوحيدة لمراسلين إسرائيليين، ففي مطلع يوليو الجاري أعلن مراسل “القناة 13” العبرية، ألون بن دافيد، عن إجرائه زيارة سرية إلى السعودية. وظهر الإعلامي الإسرائيلي في المقطع وهو يتوضأ ويدخل إلى أحد المساجد في المملكة.
كما نشرت قناة “I 24” العبرية لقطات لأحد مراسليها في داخل أحد مساجد العاصمة الرياض.
من جهته ذكر موقع (بوابة الحرية والعدالة) أن التصاريح التي مُنحت للصحفي الصهيوني -ليست الحالة الأولى- حجج الكثير من المدافعين عن ولي العهد السعودي الراعي الأول للتطبيع، وإن كان يتم ذلك لفضحه أو لإيقاعه في «الخيانة» أو لابتزازه لمواصلة مشوار الألف خيانة التي تبدأ بواحدة، حسب الموقع.
وبحسب الموقع، نشر رواد مواقع التواصل صور ومقاطع فيديو لمدخل الشميسي الذي دشنته المملكة لدخول مكة المكرمة في مايو 2021م، والذي مر عليه اليهودي وهو يدخل الحرم المكي، وتظهر الصور أنه لا تمر سيارة من المدخل إلا بالتفتيش على الهوية أو الإقامة أو الجواز والتدقيق في التصريحات الممنوحة وتغريم المخالفين بحد أدنى 10 آلاف ريال، ولفتوا إلى أن كل تلك الإجراءات لم توضع إلا للقبض على من لا يرى شرعية التصريح أو من خالف التطعيمات سابقا.
ونقل ناشطون تصريحات أحد الصحفيين الصهاينة الذي زار من قبل المدينة وعرج على الحرم النبوي الشريف والبقيع ومدافن الصحابة، فتناول الحرية المتاحة لمثل هذه جولات تندرج حتما في التطبيع، وقال “لقد جلست على مرأى من القبة الخضراء للمسجد، وفكرت بعمق في أحداث التاريخ الطويل”، حسب الموقع.
وأضاف أنه “فكر بأجداده كيف طردهم رسول الله من المدينة، وأنه فكر كيف استطاع الدخول إلى المسجد النبوي عنوة بعد أن طردهم رسول الله من المدينة قبل 14 قرنا”.
تأتي الزيارة الأخير للصحفي تماري فيما تشهد العلاقات بين السعودية والكيان الإسرائيلي تقاربا واضحا على طريق التطبيع الذي أكدته العديد من الهيئات الصهيونية، وبدأ عمليا بفتح أجواء السعودية أمام طائرات الكيان الإسرائيلي ودشنها الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الجمعة، لحضور “قمة جدة للأمن والتنمية” التي حضرها قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق.
في هذا الوقت نفى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، السبت الماضي، أن يكون سماح المملكة لطائرات الكيان الإسرائيلي بعبور الأجواء السعودية خطوة للتطبيع بين البلدين.
خلال السنوات الأخيرة زاد الحديث من قبل هيئات إسلامية حول مسألة الوصاية على الأماكن المقدسة في السعودية، وأكد ما طُرح في هذا السياق على أن نظام آل سعود لم يعد قادرا على استيعاب متطلبات الحفاظ على قدسية الحرمين وحتى المشاعر المقدسة.
ولم تكن مسألة التقارب من الكيان الإسرائيلي الشاهد الوحيد على ذلك وإنما موضوع الحج إلى البيت الحرام.
وخلال السنوات القليلة الماضية شهدت أعداد الحجاج تناقصا ملحوظا، برر النظام السعودي الأمر بأنه من طرائق مواجهة أي انتشار محتمل لجائحة كورونا، إلا أن الرافضين لهذا الطرح أشاروا إلى الانفتاح الترفيهي الذي بدأت تنتهجه السعودية وتقيم الحفلات الفنية والفعاليات الرياضية التي تشهد حضورا كبيرا في أماكن أصغر حجما، ما يُضعف هذه الحجة ويُعيد مسألة الوصاية على الحرمين إلى الواجهة.