نظام الرياض يحلق رأسه.. لمواجهة مرحلة الخوف والفناء
إيفين دوبا
أكثر ما كان يثير السخرية يوم استقالة رئيس حكومة لبنان، التبريرات التي أطلقها في معرض الاستقالة التي تم إرسالها عبر البريد السعودي إلى بيروت والعالم، وبينها وبين التبريرات العجيبة للنظام السعودي حول حملة الاعتقالات الغامضة التي شنت في السعودية، عقد وثيق، كلاهما لم يقنع أيا منا المتابعين لكن ذلك لا يعني أن المفهوم من وراء كل ذلك، هو أن الرياض بدأت بطبخ أحمض ما لديها لتأكله هي أولا.
لا أحد في العالم مقتنع بأن الحريري استقال بسبب خطر أمني أو لأن الوضع السياسي في لبنان غير محتمل كما حاولت الإيحاء، كلماته التي قرأها من الورقة التي كان يحملها على الشاشة السعودية، وحتى الآن تبدو حملة الاعتقالات التي يقوم بها النظام السعودي بحق الأمراء ورجال الأعمال بحجة مكافحة الفساد، معلقة بشعرة مع استقالة الحريري.
مصالح دونالد ترامب التجارية تبدو واقفة بعيدا في الظل حتى الآن، ثمة خصومة قديمة نوعا ما بين الوليد بن طلال الذي أودع المعتقل هو أيضا وبين ترامب، الفعاليات الاقتصادية حول العالم تشعر بخطورة نوعية، ما يفضي إلى أن تلك الفعاليات استشعرت بالفعل أن فريقا تجاريا قام بقلب الطاولة على من كان يتشاركهم سابقا لو بمقدار ضئيل أو متوسط من الأسهم.
الخزينة السعودية مثقوبة وجيب ترامب لم يكتف بعد، والخطوة السعودية الأخيرة لا تبدو على أنها مكافحة للفساد بعد عمر طويل من العمر والاتكاء اقتصاديا على رجال الأعمال والأمراء المعتقلين، بقدر ما تظهر على أنها محاولة لجمع الأموال بهذه الطريقة بعد أن فشلت طرقا أخرى جرى تجريبها ولم تفلح.
ربما تكون استقالة الحريري ستارا، على شكل ضجة عارمة لتمرير خطوة الاعتقالات السعودية، الرياض تدخل لبنان في المجهول أو تضعه على البازار كي تجني أموالا طائلة كتلك التي يمتلكها كل أؤلئك المعتقلين ويمكن أن تنشلها من أزمتها المالية التي لطالما جرى الحديث عنها، وربما تكون الرياض قد دخلت مرحلة «الخبط» يمنى ويسرى كي تتمكن من الوقوف على ساقيها والمشي باتجاه أقرب طاولة للتفاوض إقليميا كي لا تخرج من مولد الصراع بلا حمص بعد تلك الفترة الطويلة والعميقة في تمويل الجماعات المسلحة على اختلاف تسمياتها وإمدادهم بعد تبنيهم حتى النفس الأخير قبل الاضطرار إلى التبرؤ منها أو إعلان الهزيمة.
النظام السعودي في مهب الريح، صحيح أنه تمكن من إقالة رئيس حكومة لبنان، لكن ذلك يعني أن ثقته بنفوذه الإقليمي قد ضعفت إلى الحد الأخير بما يؤدي إلى الهبوط بقدرته على المواجهة السياسية إلى درجة الصفر.