“طوفان الأقصى” كم أنتي كبيرةً يا غزة؟ بـقـلــم /صـلاح الـرمـام
Share
من أين أبدأ؟ وكيف اختم؟ من أنا حتى أكتب عن غزة وعن رجال غزة؟ وبطولات وتضحيات وشجاعة وإقدام وصبر واستبسال وصمود وصبر المُجاهدين والأهالي في قطاع عزة؟ حتى قبل السابع من أكتوبر وبالتحديد قبل عملية “طوفان الأقصى” كان يتم النظر إلى الدول من حيث المساحة وعدد السكان والاقتصاد والقُدرات العسكرية وأعداد الجيش وغيرها،وكان يتم تقيم الدول رُبما على هذا الأساس وكانت هذه النظرة إلى حد كبير جداً تُعتبر خاطئة وبعيدة عن الواقعية،هذا هو الحال قبل السابع من أكتوبر،لكن ومن الثامن من أكتوبر من نفس الشهر تغيرت النظرة وقُلبت المعادلة،فلا المساحة ولا عدد السكان ولا الإقتصاد بعد اليوم يُمكن أن يضيف أي ميزة لأي دولة في أي بقاع الأرض،وقد يتفق البعض معنا حول هذا الموضوع وقد نختلف مع البعض الآخر، وهذا وارد، إلا أننا نستند فيما نقول على شاهد من الواقع ويُمكن أن فيه الكفاية لترجيح كفة ما نقول وهذا الشاهد هو ” عملية طوفان الأقصى ” فحجم المساحة لقطاع غزة لا يُقارن إطلاقاً مع معظم دول العالم ولا مساحة ولا إقتصاد ولا جيش ولا ولا الخ…….،ومن هُنا نتحدث عن منطقة لا تكاد تظهر على الخريطة،بدون حدود ولا مطار ولا ميناء،تُعاني حصار مُشدد ومُطبق لعقود،إلا أن هُنا تكمُن المُفاجأة ويحدُث العكس وتنقلب الصورة وتتغير المعادلة وتُطرح الأسئلة،فكيف استطاعت غزة المُحاصرة من العرب ومن الغرب أن تفعل هذا؟وكيف حدث ما حدث؟وكيف تحقق هذا الإنجاز التاريخي؟الإجابة هي تحتاج إلى إجابة،فالعالم بأسره إلى حد اللحظة يعرف الأسئلة لكن يبقى عاجزاً عن الوصول إلى إجابة تكون بمستوى حدث السابع من أكتوبر،الحدث كان كبير جداً جداً جداً وهذا ما جعل الإجابة غير واضحة أو لم تظهر حتى اليوم،الذي ينظر بإنصاف إلى ما حدث في السابع من أكتوبر يؤكد أن الذي حدث في ذلك يُعتبر شيء من الخيال،وخارج حدود المُمكن في زمن اللا مُمكن،ويُمكن وضعه في خانتة المُستحيل،أنا من قرأتي المتواضعة وتحليلي البسيط لما حدث يوم السابع من أكتوبر أستطيع القول جازماً أن ما حدث كان أشبه بمعجزة،وموقف عظيم سطره رجال عُظماء،في عملية خارقة للعادة، قبل السابع من أكتوبر كانت فلسطين على حافة مُغادرة الخريطة تماماً،كانت القضية الفلسطينية تحتضر،وكانت غزة قد دخلت حالة الموت السريري،وكان العالم قد نسي تماماً أن هُناك دولة تُسمى فلسطين،وبين عشية وضحهاها استطاعت غزة أن تتجاوز الحصار والخروج رغم شدة الألم من غرفة الإنعاش،وما هي إلا ساعات ليتم دخول الكيان الصهيوني وجنوده غرف الإنعاش،العملية البطولة التي نفذها المُجاهدون في غزة “طوفان الأقصى” هذا هو ما جعل غزة قضية اليوم وحديث العالم واسطورة العصر،استطاعت غزة أن تُدخل الفرح إلى قلوب مئات الملايين من أبناء محور المُقاومة وشُرفاء واحرار العالم،وبالعكس استطاعت أن تُدخل الحُزن والألم الشديد إلى قلوب مئات الملايين ممن يقفون إلى جانب الصهاينة،استطاعت غزة أن تأتي بعشرات الرؤساء من الغرب وأوروبا إليها رغماً عنهم،استطاعت غزة أن تُحرك أكبر الاساطيل والقطع البحرية للدول العظماء، استطاعت غزة أن تجعل مئات الزُعماء في العالم يُواصلون العمل ويصلون الليل بالنهار في المكاتب وغُرف العمليات،استطاعت غزة أن تلفت أنظار العالم كله إليها الصديق والعدو،استطاعت غزة أن تُحقق في أسابيع ما عجزت عن تحقيقه دول عُظماء في عشرات السنوات،استطاعت غزة أن تصنع الأساطير، استطاعت غزة أن توجه أكبر ضربة في تاريخ الكيان الصهيوني للكيان ومن يقف بجانبه،غزة وقفت في وجه العالم لوحدها،غزة تُقاتل نيابة عن العالم،غزة أكبر من بقعة جغرافية كما هي حال الدول الأخرى،ماذا أقول عن هذه الأرض الطاهرة وهؤلاء الرجال الإستثنائيون،ما أستطيع أن أقول عن غزة وأهلها هو أن تقبلي عُذري وتغفري تقصيرى فكل ما قُلت فيك مهما كان فليس يرقى إلى مستوى ذرة من ترابك الطاهر،لله أنتى يا غزة كم أنتي كبيرة وكم ظهر الآخرون صغاراً أمامك، صحيح أنك أصغر المناطق ربما في العالم،لكنك اليوم رغم انف الجميع اصبحتي أكبر منطقة في عيون كل دول وشعوب العالم،هذا وغيره الكثير مما يُمكن أن يحدُث على أرض غزة،يأتي في إطار أن غزة تمتلك الموقف الحق والقضية العادلة والإيمان الصادق الذي يتمتع به المُجاهدون في غزة وأهالي غزة الصمود والإستبسال والتضحية والإقدام،غزة أكبر وأعظم وأشرف واقدس واعز واطهر وأفضل بقعة على وجة المعمورة،وسوف تبقى كذلك،وباذن الله تعالى سوف تنتصر رغم ما أصابها، فكل الجرائم والمجازر التي تحدث بالآلاف بحق الأبرياء والمدنيين من النساء والأطفال هي حتماً التي ستُعبد الطريق إلى النصر وان تلك الجثث المتناثرة في أزقة وشوارع القطاع هي في الوقت نفسه تمُد الجسور التي من خلالها تعبر فلسطين وجميع الدول الإسلامية من فوقها إلى بر الأمان ونحو الحرية المُطلقة والاستقلال عن التبعية إلى الأبد والتحرر من الصهيونية النازيـة، ولقد تعودنا كما عودتنا غزة أن النصر يأتي من تحت الركام،وان الدم يُولد العزم والمجازر تُسرع في زوال الكيان الصهيوني، وان العاقبة للمُتقين والنصر حليف المُستضعفين المؤمنين الواعين الصادقين مع الله وصدق الله القائل {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.