“طوفان الأقصى”.. تحول استراتيجي برسم محور المقاومة
جاءت معركة “طوفان الأقصى” التي أعلن عن بدئها القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف، لتؤكد أننا أمام مشهد من التنسيق والتخطيط تم رسمه والإعداد له بدقة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوى محور المقاومة وحركاته الداعمة لفلسطين.
فمن يراقب معركة “طوفان الأقصى” منذ اللحظات الأولى بات يدرك أن التطور المتكامل على المستوى المادي والمعنوي والتقني الذي أظهرته المقاومة الفلسطينية براً وجواً وبحراً، لم يكن لولا وجود مؤشرات ميدانية بأن ما يجري في فلسطين اليوم، تم وفق المسارات الاستراتيجية التي رسمتها قوى محور المقاومة الذي تأهبّت قواه في الساحات كلّها في أعلى مراحل الاستعداد والجهوزية.
وبحسب معلومات صحيفة “الأخبار” اللبنانية فإن التنسيق بين قوى محور المقاومة توسّع خلال الأيام الماضية، وأن قوى المقاومة في فلسطين أكّدت استمرار المعارك بين قواتها وقوات العدو الصهيوني داخل المستوطنات، وأن مقاتليها لا يزالون ينتقلون إلى المواقع المستهدفة ويعودون منها، ويواصلون عمليات الأسر.
وقالت المعلومات إن النقاش بين قوى المقاومة يتركّز على قراءة الموقف وتقدير حجم الفعل الصهيوني المرتقب، في ضوء إعلان “اسرائيل” أنها في حالة حرب.
وهنا اعتبر مهتمون وخبراء في الشؤون العسكرية أن معركة “طوفان الاقصى” تمثّل التنفيذ العملي لكل التفاهمات والاتفاقيات التي تمت بين فصائل المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة خلال الفترة الماضية.
وبالعودة إلى زيارة وزير الخارجية الإيرانية أمير حسين عبد اللهيان إلى بيروت في شهر أغسطس الماضي، وبعد لقائه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وقادة الفصائل الفلسطينية، وبخاصة حركتى حماس والجهاد صدرت بيانات تؤكد بصريح العبارة على وحدة ساحات المقاومة من فلسطين إلى اليمن ولبنان وسوريا والعراق وإيران ودول أخرى ضمن محور المقاومة.
وبعد مغادرة الوزير الإيراني بـ24 ساعة، استقبل الأمين العام لحزب الله أمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة، ونائب رئيس المكتب السياسي لـحركة حماس الشيخ صالح العاروري، ما يؤكد السعي لتوحيد ساحات الجهاد ضد العدو والهيمنة الأميركية على المنطقة.
وبهدف إتمام مشهد التنسيق في ترجمة وحدة الساحات جاء رد حزب الله اللبناني الذي لم يتأخر في إعلان موقفه مما يجري في فلسطين، فنفّذت المقاومة الإسلامية عملية عسكرية ضدّ ثلاثة مواقع في مزارع شبعا المحتلة، للتأكيد على جهوزيتها واستعدادها من جهة أخرى.
إذ أعلن الحزب في بيان له، بأن “مجموعات الشهيد القائد الحاج عماد مغنية في المقاومة الإسلامية قامت الأحد الماضي بالهجوم على ثلاثة مواقع للعدو الصهيوني في منطقة مزارع شبعا اللبنانية المحتلة”.
وأوضح حزب الله أن “موقع الرادار وموقع زبدين وموقع رويسات العلم قُصفت بأعداد كبيرة من قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة وتم إصابة المواقع إصابات مباشرة، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم”.
وقال: إن ذلك “على طريق تحرير ما تبقى من أرضنا اللبنانية المحتلة، وتضامنًا مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر”.
في سياق متصل، أكّد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين أنّ “مشهد دخول المستوطنات في غلاف غزة المترافق مع القصف الصاروخي سيتكرر في يوم من الأيام مضاعفاً عشرات المرات من لبنان، وكل المناطق المحاذية لفلسطين المحتلة”.
وشدد على أنّ “المقاومة أرسلت رسالة في كفرشوبا، لتقول إنّ من حقنا أن نستهدف العدو الذي لازال يحتل أرضنا، وهذه رسالة يجب أن يتمعّن بها الإسرائيلي جيدًا.. هناك رسالة للأمريكي والإسرائيلي بأنّ ما حصل في غزّة له خلاصة بأن حماقاتكم المتمادية واستخفافكم أوصل إلى طوفان الأقصى وإذا تماديتم اليوم سوف تنتج هذه المرة طونفان كل الأمّة وليس الأقصى فقط، وسوف تشهدون طوفان الأمة الذي سوف يُغرق كل الكيان” .
كما أكد المتحدث باسم حركة الجهاد الاسلامي مصعب البريم أن “مشاركة حزب الله في معركة “طوفان الاقصى” هو شرف كبير لمحور المقاومة ولكل مقاومة”.
وفي تصريح إعلامي خاص اعتبر البريم أن هذه المشاركة تؤكد على وحدة الساحات والجبهات.. مشيراً الى “أننا عملنا على مدار السنوات من الترتيب والتنسيق والتكامل على مستوى محور المقاومة للتأسيس للمواجهة الشاملة التي تشترك فيها كل مكونات محور المقاومة دفاعا عن المسجد الاقصى ووقوفا في وجه الكيان الصهيوني”.
ويرى الخبراء العسكريين أن أهداف العملية العسكرية لحزب الله تصب في إطار توجيه رسائل إلى العدو، بأن غزة ليست متروكة، وأن القصف، ولو محدود، هو تأكيد لمقولة “وحدة ساحات المقاومة” ضد العدو الصهيوني.
أمّا باقي قوى محور المقاومة، فقد ظهرت جاهزيتهم وتأهبهم في الاستعدادات الميدانية، وفي إعلان بيانات التأكيد عليها.
ففي اليمن بارك المكتب السياسي لأنصار الله، العملية الجهادية البطولية “طوفان الأقصى” ضد الكيان الصهيوني.
وأكد المكتب السياسي في بيان له، أن عملية طوفان الأقصى كشفت ضعف وهشاشة وعجز كيان العدو الصهيوني المؤقت وأظهرت للعالم مدى قوة وفاعلية المقاومة في فلسطين وقدرتها على ضرب العمق الصهيوني واقتحام المستوطنات وقتل الصهاينة وأسر جنودهم.
وأشار البيان إلى أن هذه العملية، هي معركة الكرامة والعزة والدفاع عن الأمة والمقدسات.. داعياً شعوب وأحرار الأمة العربية والإسلامية إلى نصرة الشعب الفلسطيني ودعم حركات الجهاد والمقاومة بكل أشكال الدعم والمساندة في هذه المعركة التاريخية.
كما أكد وقوف الشعب اليمني إلى جانب الشعب الفلسطيني وحركات الجهاد والمقاومة في فلسطين وحضوره للمشاركة في معركة الدفاع عن فلسطين ومقدسات الأمة ضد الكيان الصهيوني الغاصب.
وفي العراق أكدت هيئة الحشد الشعبي عن تأييدها ودعمها الكاملين لعملية “طوفان الأقصى” وللمقاومة الفلسطينية، وهو ما يشير الى استعدادهم للمساندة متى تطلب الميدان ذلك.
وجاء في بيان للحشد الشعبي بالمناسبة: إننا “وفي هذه اللحظة التأريخية نعلن عن دعمنا الكامل لإخواننا المقاومين الأبطال، ونشد على أيديهم وندعو لهم بالصمود والثبات، كما ندعو كل شعوب العالم وأحراره إلى مساندة الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة ودفاعه عن أرضه ومقدساته”.
بدوره قال الرئيس الإيراني في رسالة إلى الشعب الفلسطيني المناضل إن عملية “طوفان الأقصى” ناجمة عن تراكم الظلم والتعسف الذي يمارسه الصهاينة ضد الفلسطينيين.. مؤكداً أن بلاده تدعم الحق المشروع للشعب الفلسطيني المظلوم في الدفاع عن نفسه.
وحمل الكيان الصهيوني وداعميه مسؤولية تعريض أمن شعوب المنطقة للخطر.. مطالبًا إياهم بتبني مسؤولية ذلك.
قائد فيلق “سلمان” التابع للحرس الثوري الإيراني العميد احمد شفائي أكد أن عملية “طوفان الاقصى” هي بداية تحرك جبهة المقاومة للقضاء على الكيان الصهيوني، وقريباً سنشهد تحرر الشعب الفلسطيني.
وقال العميد شفائي: إن الفكر الثوري والمقاومة هما العاملان الأساسيان لنجاح الفلسطينيين اليوم واضاف: إن سعادة الشعب الفلسطيني اليوم، رغم ما يقدمه من شهداء، دليل على روحه المقاومة والزاخرة بالإيمان والحوافز.
وبحسب المعطيات، فإن قوى محور المقاومة وضعت سقفاً معيناً لما أسمته الخط الأحمر الذي يعرفه العدو، وأنه في حال تجاوزه تحت أي ظرف، فإن الجبهات ستشتعل وربما مرة واحدة.
اليوم وبعملية “طوفان الأقصى”، فإن الرسالة التي وضعها محور المقاومة في بريد العدو الصهيوني هي أن الكيان المؤقت بدأ يعزف لحن النهاية وأن الصدمات التالية لن تكون محصورة بالجغرافيا الفلسطينية.