“طوفان الأقصى”:الـريـاض تـقـتُـل غـزة؟ بـقـلــم /صـلاح الـرمـام
:
القمة الإسلامية التي عُقدت في الرياض جاءت مُتأخرة جداً فهي جاءت بعد مرور ما يُقارب من أربعة وثلاثين يوماً من الحرب البربرية التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة،وهذا بحد ذاته حسب مُراقبين كُثر يقولون أن القمة غير مُجدية وان الفشل يبدوا ظاهراً عليها قبل أن تُعقد،فكونها جاءت بعد أكثر من شهر من العدوان الصهيوني على قطاع غزة يعنى أن مُعظم هذه الدول التي حضرت القمة في الرياض هي نفسها من منحت الكيان الصهيوني هذه الفترة الكبيرة جداً ليعمل في غزة ما يشاء ويُريد والجميع يعرف ماذا فعل الكيان بحق أكثر من مليونين فلسطيني أمام مرائ الجميع، وهُنا يُطرح السؤال: لماذا تأخرت القمة كل هذا الوقت؟ وهل آن الأوان لوضع حد للعنجهية الصهيونية؟وما مدى نجاح القمة من فشلها؟الواضح أن أغلب هؤلاء الزعماء قد منحو الكيان الصهيوني الفُرصة الكافية وأكثر في إبادة القطاع تماماً واعطوه الضوء الأخضر في قتل عشرات الآلاف من سُكان غزة وجرح عشرات الآلاف الآخرين،وتدمير أكثر من أربعين الف وحدة سكنية وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين وقصف المُستشفيات والمرافق الصحية والمدارس والمساجد، وانتهك الكيان كل المُحرمات وتعدى كل الأعراف والقوانين الدولية وضرب بكل المعاهدات الدولية عرض الحائط ولم يلتزم بأدنى معايير الحرب وهذا بحد دوره يجعل مُعظم هؤلاء الزُعماء في دائرة التورط مع الكيان الصهيوني في حربه على غزة،فلو كانوا جادين في تخفيف المُعاناة عن سُكان غزة ووقف الحرب الهمجية لما سكتوا طوال هذه المُدة،كما أن التأخير إلى الآن في عقد هذه القمة تُنذر على خلافات حادة جداً بين هؤلاء الزُعماء وهذا ما يجعلها فاقدة للجدوائية ولا تستطيع إطلاقاً أن تتخذ أي قرارات فاعلة أو نتائج إيجابية لصالح الفلسطينيين،كما أن الكيان الصهيوني لا يبدوا ولا إلى حد بسيط يشعر ولو بمُستوى بسيط من القلق نتيجة عقد هذه القمة وكأنه على علم مُسبق بمُخراجاتها والا لكان أقل القليل أن يعمد الكيان إلى خفض التصعيد ولو للساعات التي عُقدت فيها القمة ما بالك أنه أثناء إجتماع أكثر من سبعة وخمسين زعيماً إسلامياً قام بتصعيد هجماته الجوية والبرية على القطاع وارتكب العديد من المجازر والجرائم خلال انعقاد القمة،في استهتار واضح وصريح مفاده أن هذه القمة لا تُمثل أي شيء بالنسبة للكيان الصهيوني وان قراراتها فارغة المضمون وهو غير مُلزم بها ولا يُمكن أن تؤثر على مُجريات الحرب في غزة وتؤكد على أن الكيان هو صاحب الكلمة الأخيرة والقول الفصل،هي قيمة إسلامية من حيث التسمية فقط ولكنها لا تختلف عن القمم السابقة إطلاقاً ولا تعويل عليها في إيجاد ولو أقل القليل مما عُقدت من أجله ومما تتطلع إليه فلسطين وشعوب المنطقة،القمة عُقدت والزُعماء حضروا جميعاً والبيان الختامي كان قوياً لو كان هُناك نية صادقة لتطبيقه في الواقع،الذي جعل القمة ضعيفة وهزيلة وبدون مضمون هو غياب دور فصائل الجهاد والمُقاومة الإسلامية في غزة وعدم حضور ممثليهم للقمة علماً أنه المعنية بالأساس ومن أجلها عُقدت القمة،بالإضافة إلى عدم إعطاء أي مقعد لحكومة صنعاء الداعم الأساسي والركيزة الأولى مع الشعب الفلسطيني والاكتفاء بتمثيل حكومة الارتزاق التابعة للتحالف السعوامريكي على شعبنا اليمني العظيم،البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية المُشتركة والتي عُقدت في الرياض،شدد وبحث الحرب “الإسرائيلية”على غزة،وشدد على وجوب كسر الحصار عن قطاع غزة وفرض إدخال قوافل المُساعدات الإنسانية والإغاثية والوقود إليه وبشكل فوري،ودعا إلى ضرورة دعم الجهود المصرية الخاصة بإدخال المُساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة، بشكل فوري ومُستدام وكاف،ودعم كل ما تتخذه القاهرة من خطوات لمواجهة نتائج العدوان “الإسرائيلي” الجاري على غزة،وحثّت الدول العربية والإسلامية ومجلس الأمن الدولي على ضرورة إتخاذ قرار حاسم مُلزم يفرض وقف العدوان “الإسرائيلي” على غزة،ويوقف السلطات “الإسرائيلية” عن انتهاك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية،ومُطالبة المجلس الدولي باتخاذ قرار فوري يدين تدمير الكيان “الإسرائيلي” الهمجي للمُستشفيات في غزة ومنع إدخال الدواء والغذاء والوقود إليه،ولم يقف البيان الختامي عند هذا الحد،بل دعا جميع الدول إلى وقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سُلطات كيان الاحتلال “الإسرائيلي”، التي يستخدمها جيشه في قتل الشعب الفلسطيني وتدمير بيوته ومستشفياته ومدارسه ومساجده وكنائسه،هذا ما تم التوافق عليه خلال قمة الرياض وهو لا يرقى إلى الموقف المطلوب لقادة الدول الإسلامية، ويُعتبر ضعيف إلى حد كبير جداً في حال تطبيقه في أرض الواقع ما بالك أنه ليس أكثر من حبر على ورق،نحن وربما مئات الملايين من امثالنا على مُستوى العالم ككُل لم نكُن نتوقّع من الدول المُجتمعة في يوم من الأيام حشد جيوشها والتقدّم لتحرير فلسطين،ولكنّ الحد الأدنى المطلوب والمُتاح لو امتلكت الإرادة
والعزيمة هو:سحب سُفراء جميع الدول العربية والإسلامية المُطبّعة مع الكيان الصهيوني،وإغلاق سفاراتها..،وهُنا من واجبنا أن نستذكر بكل خير وعرفان بالجميل لدول في أمريكا اللاتينية،وهي ليست عربية أو إسلامية،وفي قارّة بعيدة مثل بوليفيا التي قطعت علاقاتها مع الكيان الصهيوني
وكولومبا،وتشيلي اللتين سحبت سُفراءهما من تل أبيب.. وهُنالك أيضاً دولة جنوب أفريقيا التي سحبت كافة سلكها الدبلوماسي من هُناك،وحتى تشاد سحبت سفيرها أيضاً..بالإضافة إلى تجميد إتفاقيات:كامب ديفيد،ووادي عربة،وأوسلو على الأقل،هذه الإتفاقيات المشؤومة التي كسرت ظهر الأمة العربية،وكانت السبب الأساسي لحالة العجز العربي المُهين والراهن،وأيضاً كان المُفترض أن يتم إستدعاء كافة سُفراء القمّة من واشنطن للتشاور،وعدم عودتهم إذا لم توقف الإدارة الأمريكية العدوان الإجرامي على غزة،وهي قادرة على ذلك،لأنّها هي التي تُديره وتدعمه بالمال والسلاح والذخائر،لا بل بمفارز من وحدات خاصة موجودة في قطاع غزة،وإعادة إغلاق المجالات الجوية أمام الكيان الصهيونى من قِبَل الدول المُطبعة معها، وعدم السماح للقواعد الأمريكية أينما وِجدت لأن تكون مُنطلقاً للمُشاركة في العدوان،أو لنقل المُعدات العسكرية إلى الجيش الصهيوني،ولكنّ قادة الأنظمة الخليجية بالذات من الصعب أن يكونوا قادة حقيقيين ورجالاً ليخرجوا عن طاعتها ..، أضف إلى ذلك قطع النفط والغاز عن الدول المُساندة للعدوان ولو لفترة قصيرة،أو التهديد بذلك على الأقلّ،ومُقاطعة مُنتجات الدول الداعمة للكيان الصهيوني حتى وقف العدوان،ووصول المُساعدات الإنسانية والمحروقات إلى القطاع،هذا كان على أقل تقدير ولو من باب أن تتجمل هذه الأنظمة أمام شعوبها التي كانت تتطلع إلى أكثر من هذا بكثير بكثير، ومن هُنا يُمكن أن نقول أن الكيان الصهيوني حصل من هذه القمة على فوائد كثيرة تُتيح له الاستمرارية في عدوانه على القطاع بكل أريحية،ومن بعد هذه القمة لم يعُد يخشى تلك الأنظمة ولو قامت بعقد قمم على مدار الساعة،الآن ربما كان هذا هو آخر أمل للفلسطينيين والشعوب الإسلامية من قبل الحُكام،ولكنه كان مُخيباً جداً جداً إلى درجة لم يستطيع البعض تصديقها،ولكن هذا هو الواقع الذي عليه زُعماء الإسلام،ولكن بعد هذا يبقى الدور والأمل في الشعوب الإسلامية أن تتحرك تحرُكاً فاعلاً يضغط على الزُعماء أكثر في اتخاذ مواقف أكثر فاعلية لوقف حرب الإبادة في غزة،فتخاذُل الزُعماء لا يعفي الشعوب إطلاقاً عن القيام بمسؤولياتها أمام ما يتعرض له إخواننا في الضفة والقطاع،والشعوب إذا تحركت من واقع المسؤولية تستطيع أن تعمل أكثر مما يعمله الزُعماء،أما إذا ارتضت الشعوب الإسلامية بما يرتضي حُكامها فهذه والله المُصيبة وسوف تلقى عاجلاً ام اجلاً نتيجة هذا التخاذل والتقصير،وما حصل في غزة اليوم يُمكن أن يحصل في القريب على هذا الشعب أو ذاك،فالصهاينة لا يرعون الجميل لأحد ولا يُقدرون المعروف فجميع المُسلمين لديهم أعداء سواءً كانوا أعداء لهم أو أصدقاء،بينما هم بالعكس يحترمون القوي كما هو الحال مع حزب الله اللبناني وأنصار الله في اليمن ومحور المُقاومة عموماً،فإلى متى تبقى الشعوب الإسلامية رهينة لمجموعة من الزُعماء العُملاء الذين يرون في مصلحة الكيان الصهيوني أولوية فوق مصلحة
شعوبهم،وعلى الشعوب أن يقولوا للزُعماء كفى قمم كفى تلعُب بمشاعر أكثر من مليارين مُسلم لا نُريد أقوال بل نُريد أفعال قبل أن تحصل الكارثة وتحدث الفاجعة داخل كل البلدان الإسلامية، وأخيراً نستطيع القول أن الرياض بهذه القمة الهزيلة والمواقف الكلامية شريك أساسي في قتل الفلسطينيين في الضفة والقطاع.