ضربات مميتة بانتظارها ..دويلة الإمارات غير آمنة !
أبرز تحليل بريطاني أن اقتصاد الإمارات المتعثر منذ سنوات، بات اليوم تحت ضغط الضربات الصاروخية والجوية من اليمن، بعد تكرار استهداف العمق الإماراتي خلال الأسابيع الأخيرة.
وخَلُصَ تحليل نشرته مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية، إلى أن استمرار الضربات الصاروخية والجوية من اليمن على الإمارات قد يؤدي إلى تهديد سمعة الدولة كونها ملاذا للاستقرار في المنطقة، وذكرت المجلة أنه بعد سبع سنوات من الحرب على اليمن، يعد هدير ودوي الصواريخ المعترضة صوتًا مألوفًا في المملكة السعودية، لكنها كانت صدمة لسكان الإمارات العربية المتحدة.
وتقول المجلة «ففي وقت مبكر من يوم 24 يناير/كانون الثاني قالت الإمارات إنها أسقطت صاروخين باليستيين أطلقا من اليمن، سجلت مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي دوياً مرتفعاً في العاصمة أبوظبي، وقبل أسبوع كان اليمنيون شنوا هجوما بطائرات مسيرة على مطار أبوظبي ومنطقة صناعية وقتل ثلاثة عمال من الهند وباكستان”.
وتضيف «أدى هذا الهجوم إلى اندلاع موجة شرسة من الضربات الجوية السعودية والإماراتية على اليمن، أسفرت عن مقتل مدنيين. وكان الأكثر دموية في 21 يناير / كانون الثاني، هو قصف سجن في مدينة صعدة الشمالية”.
وقالت المجلة: أصبحت هجمات (الحوثيين) شائعة في السعودية، بينما كانت هذه هي المرة الأولى التي يستهدفون فيها الإمارات بنجاح، إنه يعكس غضبهم من التورط الإماراتي في حرب اليمن.
وتضيف المجلة “كانت الهجمات على أبو ظبي بمثابة إنذار للإمارات: أوقفوا تورطكم في الحرب على اليمن، أو واجهوا المزيد من القصف، ومن الواضح أن الخطر المادي متواضع لكن مخاطر السمعة بالنسبة للإمارات أكبر بكثير، تسوّق الإمارات نفسها على أنها واحة للاستقرار، وبكونها محصنة ضد صراعات المنطقة، رغم أنها اتبعت سياسة خارجية عدوانية تورطت فيها”.
ينظر المستثمرون إليها كونها مكاناً آمناً لبدء عمل تجاري أو شراء عقار. لم يكن لدى السائحين – البالغ عددهم 22 مليونًا الذين زاروا في عام 2019 – ما يدعوهم للقلق سوى حروق الشمس أو بعض المحار السيئ عند الغداء، لكن الآن من شأن الهجمات المستمرة أن تعرض تلك الصورة للخطر وتقوضها.
وتضيف مجلة إيكونوميست، أن الهجمات: تعقد جهود الإمارات الأخيرة في التقارب مع إيران، حيث زار الشيخ طحنون بن زايد مستشار الأمن القومي طهران في ديسمبر/ كانون الأول. وتمت دعوة إبراهيم رئيسي، الرئيس الإيراني، لزيارة أبو ظبي.
واختتمت المجلة بالقول: قد تكون مثل هذه الهجمات تصعيدًا خطيرًا، من المحتمل أن يجر الإمارات إلى عمق الحرب – وربما أيضًا أمريكا، التي أعلنت العام الماضي أنها سحبت دعمها للتحالف، كل هذا سيأتي بنتائج عكسية على خلاف ما أراده المتحالفون في حرب اليمن.
أزمة اقتصادية حادة
ويواجه اقتصاد دويلة الإمارات أزمة حادة غير مسبوقة مع تسجيل القطاع الخاص في الدويلة أبطأ وتيرة نمو في 6 أشهر، في وقت تُصعِّد السلطات في أبوظبي فرض الضرائب الحكومية، وقد سجل القطاع الخاص غير النفطي في الإمارات خلال كانون الثاني/ يناير، أبطأ وتيرة نمو منذ ستة أشهر، وفقا لمؤشر آي.إتش.إس ماركت لمديري المشتريات.
وهبط مؤشر آي.إتش.إس ماركت لمديري المشتريات في الإمارات والمعدل في ضوء العوامل الموسمية إلى 54.1 في كانون الثاني/ يناير من 55.6 في كانون الأول/ ديسمبر، مسجلا أدنى قراءة له منذ تموز/ يوليو ولكنها تتماشى مع متوسط القراءات منذ آب/ أغسطس 2009م.
وقال ديفيد أوين الخبير الاقتصادي في آي.إتش.إس ماركت التي أجرت المسح “عززت أحدث البيانات موطئ القدم هذا بشكل أكبر، لكنها ربما أظهرت أولى المؤشرات على أن النمو بدأ يتراجع”.
وانخفض المؤشر الفرعي للإنتاج، الذي يقيس نشاط الشركات، إلى 59.6 في كانون الثاني/ يناير من 62.7 في كانون الأول/ ديسمبر، ليوقف نموا متواصلا على مدى أربعة أشهر ويسجل أبطأ معدل له منذ أيلول/ سبتمبر.
وتراجع المؤشر الفرعي للتوظيف قليلا وظل قرب مستوى 50 الفاصل بين النمو والانكماش، متأثرا بمخاوف التضخم، لكنه واصل سلسلة النمو للشهر الثامن على التوالي.
واستمر انخفاض الطلبيات الجديدة، وقالت شركات إنها شهدت تراجعا في الطلب وسط تزايد إصابات كوفيد-19 بسبب تفشي السلالة أوميكرون المتحورة من فيروس كورونا، فضلا عن الضربات الصاروخية والجوية التي بدأت بعد منتصف يناير الماضي.
وخفضت الشركات الإماراتية – غير النفطية – أسعار الإنتاج للشهر السادس على التوالي في كانون الثاني/ يناير، وارتفعت تكاليف الشراء للشهر الرابع عشر على التوالي، في هذه الأثناء من المقرر أن تفرض دويلة الإمارات ضريبة على أرباح الشركات بنسبة 9 في المائة في الوقت الذي تحاول فيه تحديث اقتصادها والتكيف مع المعايير الدولية.
واجتذب الوضع في الإمارات المعفاة من الضرائب، الشركات العالمية، ودفع الاقتصاد إلى التنويع بعيدا عن عائدات النفط، لا سيما في المركز التجاري والسياحي في دبي، لكن فرض الضريبة اليوم يضرب الاقتصاد الإماراتي ويجعل الشركات تعزف عن العمل.
وفور الإعلان عن الضريبة تراجعت بورصتا الإمارات (أبوظبي ودبي)، ونزل مؤشر أبوظبي 0.5 في المئة مع تراجع سهم بنك أبوظبي الأول بالنسبة نفسها، فيما هبط المؤشر الرئيسي في دبي بنسبة واحد في المئة، متأثرا بتراجع سهم إعمار العقارية 1.9 في المئة، وسهم بنك الإمارات دبي الوطني 0.8 في المئة.
وانخفض مؤشر الأسهم في دبي، بأكبر نسبة في الشرق الأوسط، بعد يوم من الكشف عن خطة فرض الضرائب. وانخفض المؤشر العام لسوق دبي المالي بما يصل إلى 1.3%، مما يجعله الأسوأ أداء بين الأسواق الناشئة.
وفي حين أن هذه الخطة يفترض أن توسع قاعدة الدخل للحكومة، حذرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، من أن الضريبة الجديدة ستؤثر سلبا على تقارير ائتمان الشركات.
انكشاف فقاعة الأمن في الإمارات
قالت تقديرات أمريكية إن الضربات الصاروخية والجوية على الإمارات كشفت فقاعة الأمن في الإمارات، وذلك في وقت دعت واشنطن إلى تجنب السفر إلى أبوظبي، على خلفية التصعيد العسكري فيها، تبعتها بريطانيا، ودعت الخارجية الأمريكية المواطنين الأمريكيين إلى تجنب السفر إلى الإمارات لـ “وجود تهديدات بشن مزيد من الهجمات”.
واعتبر موقع “إنترسبت” أن الهجمات التي شنها اليمنيون مؤخرا على أبوظبي، كشفت “فقاعة الأمن في الإمارات”، مشيرا إلى أن تلك الهجمات جاءت نتاجا لـ”تحويل ولي العهد الإماراتي، الشيخ (محمد بن زايد) بلاده إلى محارب نشط في اليمن”.
وذكر الموقع الأمريكي، في تحليل له، أن الإمارات أنشأت نظاما اقتصاديا وسياسيا اعتمد على موقعها كملاذ آمن في منطقة غير مستقرة، ودفع ازدهارها الناس حول العالم للعمل والعيش والاستثمار في البلد الخليجي الصغير الذي يبعد 150 ميلا فقط عن إيران، التي تقع على الطرف الآخر من الخليج.
وأضاف أن نجاح الإمارات ينظر إليه على أنه “فقاعة من الثروة الباهظة التي نمت وتطورت في الصحراء على مدى عقود قصيرة، بفضل مساهمة العمال والمهنيين الوافدين”، إلا أن “هشاشة هذه الفقاعة برزت هذا الأسبوع عندما وصلت الحرب التي ساهمت فيها الإمارات باليمن الفقير إلى أبوابها”.
وأوضح أن التآكل التدريجي للفقاعة الأمنية في الإمارات مرتبط بشكل كبير بالقرار الذي اتخذه “ابن زايد”، الذي رسم طريقا حازما للإمارات في السياسة الخارجية، إذ لعب دورا قياديا في دعم التحالف للحرب في اليمن، ما أدى لجعل بلده محاربا نشطا في النزاع الذي دمر أفقر بلد في المنطقة.
وأشار التحليل إلى مشاركة الإمارات في الحرب الليبية المستمرة منذ عدة سنوات، ما ساعد على تعزيز صورة البلد التي لقبت بـ “إسبرطة الصغيرة”، وأنها قادرة على مواجهة قوى أكبر منها، هذا التحول في السياسة الخارجية جاء على خلاف السياسة التقليدية التي انتهجها قادة الإمارات، وكانت محافظة في علاقاتها مع بقية الدول الأخرى بالمنطقة، إذ كان القادة مدركين للطبيعة الهشة التي قام عليها نموذجهم الاقتصادي المعتمد على القوى الوافدة، بحسب التحليل.
لكن في ظل “ابن زايد”، طمحت الإمارات لكي تتحول إلى قوة كبرى، ولعبت دورا في الحملات العسكرية الأجنبية وتحالفت مع قوى خارج المنطقة مثل الولايات المتحدة لاحتواء قوى إقليمية مثل تركيا وإيران، وظلت محصنة من تداعيات سياستها الخارجية، حتى ضربت الصواريخ والطائرات اليمنية أراضيها.
ونوه “إنترسبت” إلى خطورة استمرار هكذا وضع بالنسبة للإمارات، فعلى خلاف دول المنطقة التي يعيش فيها مواطنون أصليون، فثروة البلد الخليجي الصغير تعتمد على بقاء ملايين العمالة الوافدة، ولو تأثر الأمن الذي يقوم عليه ازدهار البلد، فهؤلاء الأجانب سيخرجون بسرعة ويعودون إلى أوطانهم الأصلية، حاملين معهم أموالهم ومهاراتهم.
غير أن تحليل الموقع الأمريكي يرى أن قادة الإمارات لا يزال لديهم وقت لتصحيح المسار والعودة إلى الطريق التقليدي في التعامل مع المنطقة والتسويات التي ساعدت على حفظ الأمن المحلي، و”هو النهج الواضح في تعامل سلطنة عُمان مع جيرانها، حيث تلتزم بدور الوسيط بين المتنافسين في الشرق الأوسط”.
و”في غياب هذا التحول، فمن الصعب منع العنف الذي عذب بقية الشرق الأوسط من الوصول إلى أبواب أبوظبي” بحسب التحليل.
واحة الأمن تحت نيران الصواريخ والطائرات
جدد المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد يحيى سريع – للمرة الخامسة – من دعواته للشركات والأجانب والمستثمرين إلى «الابتعاد عن المنشآت الحيوية» في الإمارات، محذرا من أن الإمارات لم تعد آمنة.
ولم تكن تحذيرات يحيى سريع منفصلة عن سياقها، بل سبق ذلك تحذيرات من مسؤولين وقياديين منهم رئيس المجلس السياسي الأعلى الرئيس مهدي المشاط، الذي وجه القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير بالاستمرار في شن الضربات على الدويلة.
وتقول المعلومات إن القوات المسلحة تحضر لعمليات هجومية نوعية على منشآت حيوية إماراتية، وأن الإمارات ستجد نفسها أمام واقع أسوأ مما شهدته خلال الثلاثة الأسابيع الماضية.
المصدر/ الثورة نت