صواريخ اليمن تحرّر فلسطين
الحقيقة/(أحمد فؤاد – كاتب من مصر)
تقف الأسئلة والكتابات الموجهة إلى مناقشة صفقة القرن، التي ستعقد ورشتها الاقتصادية في البحرين، خلال الأسبوع الحالي، على قدم واحدة، فالرهان يصب في خيارين إما مع أو ضد الصفقة، فيما الأطراف الحقيقية، والتي تمتلك القوة والسيطرة، قد حسمت موقفها بالفعل، وصارت إلى فسطاطين، فسطاط تبعية لا خير فيه، وفسطاط مقاومة، لا ذل مكتوب عليه أو معه.
وفي هذا الصراع، تداخلت الخطوط والخنادق، بين الحلفاء، بعضهم البعض، فيما بقيت المقاومة تكتسب المزيد من القلوب والأنصار، واحتفظت بقدرة هائلة على الحشد، حتى داخل دول عربية أعلنت ذهابها إلى البحرين كبائعة لكل حقوق فلسطين التاريخية، فلسطين كلها مطروحة على المائدة، بما فيها القدس والأرض واللاجئين، بل وصولًا إلى التنازل عن أراض عربية أخرى.
وبين طرف دولي، يقف على القمة، ممثلا في الولايات المتحدة، وأطراف إقليمية قوية ولها ثقلها الاقتصادي والتاريخي والجغرافي، السعودية والإمارات ومصر، وساحة يريدونها خالية، هي كامل أرض فلسطين، تتشابك الأحداث، وتتفرع، إلى عدوان على اليمن، وتحرشات بالجمهورية الإسلامية، ومحاولة لتقليل آثار النصر السوري الواضح القاطع.
إستراتيجية مؤتمر، أو ورشة البحرين، تأتي كحبة في عقد مستقبل أميركي، يراد للمنطقة أن تكون عليه، بتحويلها من منطقة ساخنة –فوارة بالإشكالات- إلى منطقة هادئة، تساعد الأميركي على لملمة شتاته، ومواجهة ظرف تراجع الطور الإمبراطوري، وربما يمنحها إعادة التموضع قدرة على القيادة لفترة أخرى، فانتقال مركز الثقل العالمي من قوة لأخرى، هي عملية طويلة وهادئة، بقدر ما تكون معقدة.
ويأتي الارتباط بين قضيتي اليمن وفلسطين من هذا الخيط، فالصراع اليمني في حقيقته صراع مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، عبر أذرعهما العربية، وهو ما وصفه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، قائد “أنصار الله”، في خطاب له، قائلًا بالنص: “لو نجحت السعودية والإمارات في تنفيذ أجندة أميركا والصهاينة في اليمن، لكانت طامة على بقية شعوب المنطقة والخليج والعالم العربي والإسلامي، مشيرا إلى أن نجاح السعودية والإمارات في اليمن في تنفيذ الدور الأميركي في اليمن كان سيدفعهم لنقل المعركة إلى بلدان أخرى في المنطقة”.
باختصار، فاليمن الصامد عقبة في طريق وهم صهيو-أميركي، هو “صفقة القرن”، وانتصار اليمن يطلق رصاصة الرحمة على كل ترتيبات المنطقة، الموضوعة أميركيًا.
اليمن المدعومة بصمود أسطوري، وقدرة على الفعل، تجاوزت الدفاع إلى الهجوم على القلب النابض لدول العدوان –المطارات ومحطات الكهرباء وخطوط ضخ النفط- استطاعت أن تكون طرفًا حاضرًا ووازنًا في قضية الصراع العربي الصهيوني، فكل رصاصة وُجهت إلى اليمن، هي رصاصة صهيونية كانت ستوجه لصدور أبناء شعبنا العربي في فلسطين، وكل تقدم علمي وتقني وعسكري، هو رصيد إضافي للمقاومة، وملك خالص لشعوب تبحث عن عالم جديد.
المؤتمرات الشعبية العديدة، والتي استضافتها مدن عمان وبيروت والقاهرة، وسواها، أوصلت رسالة مفادها، أن الشعب العربي واقف ضد بيع فلسطين، وفي خندق المقاومة، ومع كل من يواجه العدو الأميركي والصهيوني، والتوابع المحليين الساقطين، وهو رافض للتفريط في أي حبة من كامل أرض فلسطين العربية.
أعاد هذا التأكيد الشعبي تعريف ما هو ضروري ورئيسي في صراعنا مع العدو، فالقضية الفلسطينية هي قضية عربية وإسلامية بامتياز، وليست صراعًا خاصًا بأهلها، والدين هو جزء رئيس من تكوين الشعوب العربية والشرق أوسطية، وما يحدث تفريط في كل مقدس، وخاصة مدينة القدس، بوجود المسجد الأقصى وكنيسة القيامة.
الجمهور العربي، الواقف ضد “صفقة القرن”، بكلمات فقط حاليًا، هو لا يملك غيرها، يريد أن يرى النصر اليمني الواضح، ويرغب –بشدة- في أن تنجح “فيتنام العربية” في كتابة قصة القدرة والثبات، بعد عقود طويلة من التراجع المساوم المستمر، من أنظمة خائنة، تفننت في اغتيال شعوبها معنويًا، بتبني خطاب صهيوني، يمجد من تفوق اليهود والغرب، وبخس قيمة كل عربي، مهما بلغ شأنه.