صنعاء لن تصبر إلى ما لا نهاية ..شدّ حبال في «اللا هدنة»
على رغم تمسُّك صنعاء بمسألة صرف رواتب جميع الموظفين، كمقدّمة لتجديد الهدنة، إلّا أن لُبّ الكباش الحاصل بينها وبين الرياض ربّما يتجاوز تلك العثرة، إلى ما يمكن الطرفين تحقيقه عموماً من مكتسبات في الوقت الضائع. وفي ظلّ شدّ الحبال هذا، والذي مالت الأمم المتحدة أمس إلى طرفه السعودي بتحميلها «أنصار الله» مسؤولية إفشال الاتفاق على تمديد وقف إطلاق النار، تُواصل الأخيرة تأكيدها استعدادها لجميع السيناريوات، بما فيها استهداف الصناعات النفطية، وسط مؤشّرات إلى أن الفترة الرمادية هذه لن يطول الوقت قبل أن تتّضح مآلاتها
صنعاء | تتضاءل، يوماً بعد آخر، فُرص إنقاذ الهدنة في اليمن، وسط تزايُد الإشارات إلى احتمال العودة إلى القتال. وفيما لا يُرجَّح أن تطول حالة اللاهدنة واللاحرب الحالية، الفاصلة بين انقضاء مدّة وقف إطلاق النار والتوصّل إلى قرار نهائي في شأن تجديده أو استئناف القتال، فإن مسألة الرواتب التي مثّلت حجر عثرة كبيراً أمام مفاوضات التمديد، قد لا تبْقى بذاتها سبباً لإسقاط الهدنة و«فوائدها»، بل ربّما يجري تجاوزها وصولاً إلى لُبّ «الكباش» الحاصل بين صنعاء التي تحاول تحصيل ما أمكنها من مكتسبات تعالج الملفّات الإنسانية، والرياض التي تجهد لرفض أيّ شروط يمنية تُظهِرها بمظهر الراضخ أو المُنفّذ للاتفاقيات والتفاهمات المبرمة بين حركة «أنصار الله» والأمم المتحدة.
لهذا، يبدو أن مرحلة «عضّ الأصابع» الممتدّة منذ الثاني من الشهر الجاري، مرشّحة لتشهد «أعمالاً ميدانية تحذيرية» مرتبطة بشكل مباشر بحدود هذه المرحلة ومتطلّباتها، قبل أن يعود الجميع سريعاً إلى اعتماد إحدى التسويات التي ينشط الوسطاء في تسويقها بين الأطراف. وفيما تُبدي صنعاء استعدادها لجميع السيناريوات، فإن الطرف الآخر – المتمثّل في «المجلس الرئاسي» المقيم في الرياض – لا يزال على رفضه التجاوب مع مبادرة معدّلة اقترحها المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، تتضمّن الموافقة على صرف رواتب الموظّفين العسكريين من منتسبي وزارتَي الدفاع والداخلية في المناطق الخاضعة لسيطرة صنعاء، وفقاً لكشوفات عام 2014. وعلمت «الأخبار»، من مصدر مقرّب من حكومة عدن، أن «الرئاسي» رفض المقترحات الأممية الجديدة بإيعاز من السعودية، وتَمسّك بالموافقة على صرف رواتب الموظّفين الحكوميين العاملين في القطاع المدني حصراً من موارد ميناء الحديدة، فيما وَصف العسكريين السابقين بأنهم «مقاتلو الحوثي»، معتبراً أن صرف رواتب نحو 653 ألف منهم، سيعني استمرار الحرب.
وعلى رغم استمرار وقف إطلاق النار، تُكثّف «أنصار الله» تلميحاتها إلى أنها لن تصبر إلى ما لا نهاية، خصوصاً في حال استمرار ما تقول إنه «تماهٍ» أممي ودولي مع «التحالف»، وتحديداً السعودية التي لا تُظهر «حُسن نيّة» إزاء إنقاذ الهدنة، على رغم كونها هي صاحبة القرار الأوّل، وبإمكانها تجنّب تداعيات التصعيد العسكري المحتمل. وفي هذا الإطار، جدّدت قوات صنعاء على لسان الناطق باسمها، العميد يحيى سريع، تحذيرها الشركات الاستثمارية العاملة في دول «التحالف» من البقاء «في مناطق غير آمنة»، بعدما بات الاستثمار في السعودية والإمارات «محفوفاً بالمخاطر». وتُجلّي هذه التحذيرات المتكرّرة جانباً من معالم ما يبدو أنها «معركة نوعية» طبخت «أنصار الله» خطّتها على نار هادئة، بعدما استوعبت المتغيّرات الإقليمية والدولية الناتجة من استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية. ويقول الخبير العسكري اليمني، العقيد مجيب شمسان، في حديث إلى «الأخبار»، إن المواجهة القادمة ستكون «معركة طاقة بامتياز»، وإن صنعاء «صارت جاهزة لفرض معادلة عسكرية جديدة في ظلّ تعاظم قدراتها العسكرية الجوّية والبحرية».
تلمّح صنعاء إلى أنها لن تصبر إلى ما لا نهاية