صنعاء لا تبدّل: سِلمٌ لمن حارب إسرائيل

 

تجنّبت صنعاء التعليق رسمياً على سقوط النظام السوري، وخاصة أن علاقتها به تدهورت بعد تقاربه مع السعودية والإمارات العام الماضي. وأكد مصدر سياسي، لـ»الأخبار»، أن «طاقم سفارة صنعاء في دمشق غادر سوريا أواخر العام الماضي، بطلب من النظام السوري السابق، تنفيذاً لطلب سعودي – إماراتي». وخلال الساعات الماضية، اهتمت وسائل إعلام حكومية في صنعاء بالحديث عن الغموض الذي يعتري المشهد السوري بعد سقوط الأسد وتحشيد إسرائيل قواتها في القنيطرة جنوب البلاد، بالتزامن مع استهداف طيران العدو مخازن أسلحة تابعة للدولة السورية. ووفقاً لتصريحات عدد من القيادات في حركة «أنصار الله»، فإن «بوصلتنا لا تتعلّق بسقوط نظام الأسد، بل باتخاذ موقف واضح من جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واتخاذ موقف من الاعتداءات الإسرائيلية الجديدة التي يقوم بها العدو على جنوب سوريا، وسعي الكيان الذي بارك رئيس حكومته، بنيامين نتنياهو، من الجولان، سقوط نظام الأسد، إلى فرض منطقة عازلة في جنوب البلاد».
في المقابل، مثّل سقوط دمشق بيد تنظيمات مسلحة وقوى معارضة سورية مدعومة أميركياً، فرصة للقوى الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي في اليمن، لإعادة الحديث عن نقل النموذج السوري إلى اليمن. ورداً على ذلك، أكد عدد من القيادات الرفيعة في حركة «أنصار الله»، في منشورات على منصة «إكس»، أن صنعاء استعدت لمثل ما حدث في سوريا، وأعدّت نفسها أضعاف إعدادها للدخول في معركة «طوفان الأقصى» وفي محور المقاومة. وبعد ساعات من إعلان سقوط نظام الأسد، أكد عضو المكتب السياسي للحركة، حسين العزي، أن «صنعاء جاهزة للسلام والحرب معاً، وأنها تعمل للسلام كأنه سيحصل غداً، وأعدّت لحرب طويلة المدى، وعلى العالم أن يختار».
وأشار عضو وفد صنعاء المفاوض، عبد الملك العجري، من جهته، إلى أنه «عندما قرّر محور المقاومة إنشاء غرفة عمليات مشتركة لإسناد غزة، بداية طوفان الأقصى، كنا ندرك أننا سندخل في وضع تكون فيه إسرائيل من أمامنا، ومحور الغدر من خلفنا». وأكد «أننا في جبهة اليمن، كنا نفتح عيناً على إسرائيل، وأعيناً على المتربصين من خلفنا. وفي مقابل كل رصاصة لإسرائيل وأعوانها، نعد تسعاً للمتربصين من حولنا». وفي الإطار نفسه، جدّد عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله»، محمد البخيتي، دعوته حركة «الإخوان المسلمين» التي نجحت في الوصول إلى السلطة في سوريا، إلى التوحد لمواجهة الكيان الإسرائيلي. ولفت إلى أن رسالته سبق له أن وجّهها قبل نحو عام إلى «الإخوان»، وأكد فيها «استعداد حركة أنصار الله لتجاوز أي خلافات سابقة وتوحيد الجهود لمواجهة الكيان الإسرائيلي».

علاقة صنعاء بنظام الأسد تدهورت بعد طرد ممثليها في دمشق العام الماضي بطلب سعودي – إماراتي

من جانبه، أكد رئيس وكالة الأنباء الرسمية «سبأ» – نسخة صنعاء، نصر الدين عامر، أن «حكومة صنعاء تراقب التطوّرات الخطيرة المتمثّلة في استغلال كيان العدو الصهيوني الوضع في سوريا وتقدّم جيشه المجرم في القنيطرة السورية». وأشار إلى أن «صنعاء تعتبر التوغّل الإسرائيلي، جنوب سوريا، عدواناً خطيراً يقتطع أرضاً عربية جديدة ويستدعي تحركاً لمواجهته فوراً». وأكد أنهم سيقفون «مع كل من يتحرك لمواجهة هذا العدوان الخطير، باعتبار العدو الإسرائيلي هو العدو الأول للأمة».
ووسط ابتهاج كبير من قبل حزب «التجمع اليمني للإصلاح» وعدد من الفصائل السلفية الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي بسقوط نظام الأسد، اتخذ «المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي للإمارات، عبر أمينه العام، فضل الجعدي، موقفاً مغايراً. ورأى الجعدي، في منشور له على منصة «إكس»، أن من «يسمّون أنفسهم بالمعارضة السورية، تم تجميعهم من أكثر التيارات الدينية تطرفاً، ليس لإسقاط نظام الأسد، ولكن لإسقاط سوريا»، محذراً من أن «سوريا بيد الإرهاب ستُدخل المنطقة كلها في خراب ليس له نظير». وبالمثل، اعتبر القيادي في «الانتقالي»، ونجل الرئيس اليمني السابق، هاني علي سالم البيض، في تصريحات صحافية، أن «ما حدث في سوريا والمتمثّل بالسقوط المفاجئ لنظام الأسد، كان نتيجة صفقة كبيرة تم التوصل إليها أخيراً»، مضيفاً أنه «تم الإعداد لها جيداً وفق مشروع واسع وتفاهمات استراتيجية غير معلنة تقاطعت فيها المصالح الدولية».
وبالتزامن مع التطورات في سوريا، بدأت أطراف دولية وإقليمية، أمس، حراكاً في اليمن بغية إحراز تقدم في ملف المفاوضات السياسية. وكشفت وسائل إعلام محلية مقرّبة من حكومة صنعاء، عن تقديم الولايات المتحدة والسعودية عرضاً جديداً لـ»أنصار الله»، مشيرة إلى أن «الرياض وواشنطن تحاولان استغلال التطورات التي تشهدها المنطقة للضغط على صنعاء بغية الموافقة على السير باتفاق جديد». جاء ذلك بالتزامن مع إعادة المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، الحديث بشأن «خريطة الطريق» الأممية في اليمن، والتي لا تزال متعثّرة. وخلال الساعات الماضية، حذّر غروندبرغ من مخاطر عودة الحرب في اليمن، مؤكداً استمرار الضغوط الأميركية بشأن وقف عمليات صنعاء البحرية ضد السفن الإسرائيلية المرتبطة بالكيان في البحر الأحمر، كشرط أساسي للمضيّ في اتفاق شامل برعاية الأمم المتحدة.
وفي إطار تلك العمليات، واصلت قوات صنعاء هجماتها ضد الكيان الإسرائيلي، بالاشتراك مع «المقاومة الإسلامية في العراق». وأعلن المتحدث باسم تلك القوات، العميد يحيى سريع، في بيان، تنفيذ عملية عسكرية مشتركة ضد هدف حيوي في جنوب فلسطين المحتلة، بعدد من الطائرات المسيّرة

رشيد الحداد .. الأخبار اللبنانية

قد يعجبك ايضا