صنعاء تكثّـف العمل لإعادة نشاط الاستيراد عبر ميناء الحديدة: نحو كسر الحصار
برز الحديثُ عن ميناء الحديدة على واجهةِ المشهد بشكلٍ ملفتٍ خلالَ الفترة الماضية، مع تصاعُدِ نشاطِ السلطة الوطنية ودعواتها لإعادة استيراد السلع والبضائع عبر الميناء الذي يفرضُ عليه تحالفُ العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي حصاراً مشدّدًا منذ بدء الحرب، وتوازيا مع إصرار حكومة المرتزِقة على تمرير قرار رفع سعر صرف الدولار الجمركي الذي سيؤدي إلى تداعيات كارثية يعتبر ميناء الحديدة هو السبيل الوحيد لتفاديها، الأمر الذي يجدد التأكيد على ضرورة رفع الحصار بشكل عاجل، وضرورة استجابة التجار لدعوات صنعاء.
قبل أَيَّـام قليلة، تحدث محافظ محافظة الحديدة محمد عياش قحيم، عن إمْكَانية دخول سفن تجارية تحمل بعض مواد البناء عبر ميناء الحديدة خلال الفترة القادمة، الأمر الذي اعتبره مراقبون مؤشراً على استجابة بعض التجار لدعوات صنعاء المكثّـفة لإعادة استيراد السلع والبضائع عبر الميناء؛ مِن أجل مواجهة إصرار العدوّ على تمرير قرار رفع سعر الدولار الجمركي.
ويعتبر هذا التطور في حال حدوثه مؤشراً أَيْـضاً على وفاء صنعاء بوعودها للتجار فيما يخص تقديم التسهيلات المطلوبة لإتمام عمليات الاستيراد، وهو الأمر الذي يشجع بقية التجار على تحويل نشاطهم نحو ميناء الحديدة بدلاً عن ميناء عدن الخاضع لإجراءات حكومة المرتزِقة التعسفية.
ويأتي ذلك ضمن خطوات مكثّـفة تقوم بها صنعاء لتوجيه نشاط الاستيراد نحو ميناء الحديدة، حَيثُ كانت وزارة الصحة قد عقدت الأسبوع الماضي اجتماعا ناقشت فيه استيراد الأدوية عبر الميناء، ووعدت بالعمل على التنسيق مع الجهات المختصة لحل كُـلّ الإشكاليات؛ مِن أجل إنجاح هذا المسعى بما في ذلك الإشكاليات المتعلقة بشركات الملاحة.
وفي الوقت نفسه أعلن نائب رئيس مؤسّسة موانئ البحر الأحمر عن الجاهزية الفنية والتشغيلية لاستقبال السفن التجارية وسفن الحاويات، وفقا للمعايير والمواصفات الدولية.
وتصاعدت الدعوات لإعادة استيراد السلع والبضائع عبر ميناء الحديدة بشكل ملفت بعد إقرار حكومة المرتزِقة قرار رفع سعر صرف الدولار الجمركي الذي قوبل بمعارضة شعبيّة ورسمية شديدة، ورفض واسع من جانب القطاع التجاري؛ لأَنَّه سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والبضائع والوقود وتكاليف النقل، الأمر الذي سيضاعف الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يشهدها البلد والتي تعتبر الأسوأ على مستوى العالم.
ويعتبر تحويل نشاط الاستيراد باتّجاه ميناء الحديدة بدلاً عن ميناء عدن الحل الأمثل لتجنب تداعيات ذلك القرار الكارثي، في ظل إصرار حكومة المرتزِقة بدعم أمريكي بريطاني على تمرير القرار وتنفيذه، خُصُوصاً وأن صنعاء قد أعلنت في المقابل عن تخفيض سعر صرف الدولار الجمركي للسلع والبضائع المستوردة عبر ميناء الحديدة.
لكن العائق الأبرز أمام عودة نشاط الاستيراد عبر الميناء هو الحصار الإجرامي الذي يفرضه تحالف العدوان على الميناء، وهو الأمر الذي يستوجب توجيه ضغوط متزايدة على تحالف العدوان لرفع الحصار.
تشجع التجار على التوجّـه نحو ميناء الحديدة قد يشكل جزءاً كَبيراً من ذلك الضغط، خُصُوصاً وأن صنعاء لن تقف مكتوفة اليدين أمام تعنت العدوّ في هذا السياق، الأمر الذي سيدفعه نحو مراجعة حساباته بكل تأكيد، أَو إلغاء قرار رفع سعر الدولار الجمركي على الأقل.
والواقع أن دعوات صنعاء للتجار إلى عودة استيراد البضائع والسلع عبر ميناء الحديدة تحمل دلالات ضمنية لا يمكن تجاهلها فيما يتعلق بمواجهة قيود الحصار التي يفرضها تحالف العدوان على الميناء؛ لأَنَّ الأخير لا يزال يماطل في رفع هذه القيود، وإعاقته لمحاولات إعادة نشاط الاستيراد ستضعه في مواجهة تداعيات خطيرة قد تؤدي إلى انفجار الوضع.
وبالتالي، يمكن القول إن مسار عمل صنعاء على إعادة استيراد البضائع والسلع عبر ميناء الحديدة وحث التجار على ذلك، يعتبر من مسارات كسر الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان على البلد، خُصُوصاً وأن قرار رفع سعر الدولار الجمركي قد كشف الحاجة الملحة والعاجلة لفتح الميناء بشكل كامل، وبالتالي فَـإنَّ تحالف العدوان سيضطر لمراجعة حساباته ليتفادى تصاعد مخاطر استمرار الحصار.
وقد لوحظ خلال الأيّام الماضية أن حكومة المرتزِقة قد أدركت بروز هذه الحاجة على المشهد، إذ سعت إلى عقد لقاءات بالقطاع الخاص “لامتصاص غضب التجار” إزاء قرار رفع سعر الدولار الجمركي، بحسب تعبير قناة “بلقيس” الموالية للعدوان، والأهم من ذلك لمنعهم عن التوجّـه نحو ميناء الحديدة، حَيثُ عبرت وسائل إعلام المرتزِقة خلال الأيّام الماضية عن قلق كبير لدى المرتزِقة من عزوف التجار عن الاستيراد عبر ميناء عدن واللجوء إلى الحديدة للاستفادة من التسهيلات ولتجنب تداعيات رفع الدولار الجمركي.
استمرار الرفض الواسع لقرار رفع سعر الدولار الجمركي
ولا يزال قرار رفع سعر الدولار الجمركي يواجه معارضة واسعة، حَيثُ أصدرت نقابة البلديات وعمال النظافة في عدن أواخر الأسبوع المنصرم بياناً طالبت فيه حكومة المرتزِقة بالتراجع عن القرار وحذرت من أن المضي فيه ستكون له تداعيات خطيرة تمس معيشة المواطنين.
وتحدثت وسائل إعلام موالية لحكومة المرتزِقة عن معارضة كبيرة للقرار من جانب القطاع الخاص التجاري في المحافظات المحتلّة، حَيثُ يتخوف التجار من التداعيات الكارثية التي سوف يسببها القرار، وأبرزها ارتفاع أسعار السلع والوقود وكلفة النقل.
لكن حكومة المرتزِقة -بحسب وسائل الإعلام- لا تزال متمسكة بالقرار وترفض التراجع عنه بشكل كامل؛ لأَنَّها حريصة على تعويض غياب ما كانت تنهبه من إيرادات النفط والغاز ولو على حساب مضاعفة معاناة المواطنين.