صنعاء ترفع منسوب الضغط على العدو الصهيوني ولا يزال في جعبتها الكثير
قدرت صنعاء بدقة ما يجب لإسناد المقاومة وشعبها في فلسطين عموما، وقطاع غزة خصوصا. هي بدأت برمايات صاروخية ومسيرات اتجاه إيلات، قبل أن ترفع الإسناد درجة بإعلان منع السفن الإسرائيلية من العبور عبر باب المندب عند البحر الأحمر، وبحر العرب.
نجحت، في فترة وجيزة، بالسيطرة على سفينة إسرائيلية واستهداف ثلاث أخريات في عرض البحر، وهو ما دفع بالإسرائيليين والأميركيين إلى البحث عن علاج للمشكلة المستجدة والخطيرة.
خلال المرحلة الماضية، بدأ الحديث عن تشكيل تحالف من 34 دولة لحماية “الملاحة” في البحر الأحمر، وفي الواقع هو محاولة بناء تحالف لحماية السفن الإسرائيلية، كونها المستهدفة، سرعان ما ردت صنعاء عليه، وعبر أكثر من مسؤول بأن من يرافق السفن الإسرائيلية هو بدوره عرضة للاستهداف.
منع السفن الإسرائيلية من العبور استهدافها شكل ضغطا على الاقتصاد الإسرائيلي، وبطريقة غير مباشرة أثر في بعض شركات التأمين، وهي أمور كانت صنعاء قد وضعتها ضمن أهدافها دون أن تخفي ذلك.
لا تتوقف المساعي الأميركية لمحاولة ثني صنعاء عن خطواتها، وهي أرسلت مبعوثها إلى اليمن للمنطقة، كما قام المبعوث الأممي بسلسلة لقاءات، بينها لقاء مع رئيس الوفد اليمني محمد عبد السلام.
حماية “حرية الملاحة”، هو العنوان الذي رفعته واشنطن، وتعمل على أساسه، وعليه تحاول حشد دول المنطقة، ومن بينها السعودية والإمارات من أجل ضغط على صنعاء.
ورغم محاولة الأميركيين التخفيف من وطأة خطوات صنعاء ضد السفن الإسرائيلية ووصف هذه الأعمال ب “المتهورة” كما عبر جيك سوليفان، إلا أن الأميركيين يتعاطون معها كمؤشر خطير إن تصاعد، وأنه لن يؤثر على “إسرائيل”وحدها، بل على الأميركيين أنفسهم، ولاعتبارات عدة.
تصعيد التهديد الأمريكي ضد صنعاء والتلويح بعمل “لاجم”، ومحاولة الالتفاف على قرارها الخاص بمنع السفن الإسرائيلية، عبر شحن بضائع عبر سفن غير مملوكة لإسرائيليين، وتزامنا مع تشديد الحصار على قطاع غزة، دفع بصناع القرار في العاصمة اليمنية إلى رفع منسوب أعمالهم عبر الإعلان عن مواصلة منع السفن الإسرائيلية من العبور، وكذلك السفن غير الإسرائيلية التي تحمل بضائع إسرائيلية، في خطوة تؤشر إلى قرار بتعطيل ميناء إيلات من جهة، ومن جهة أخرى الرد على الخطوات الأمريكية برفع منسوب التهديد الجدي.
إن الخطوة التي أعلنها العميد يحيى سريع في بيان صادر عن القوات المسلحة، تعد نقلة نوعية أخرى، ستلقي بظلالها على صناع القرار في تل أبيب وواشنطن، خصوصا أن الخطوة وضعت حيز التنفيذ من لحظة إعلان البيان، ويمكن تفاديها برفع الحصار عن قطاع غزة ووقف العدوان فقط.
في الخطوة نفسها، تؤكد صنعاء على قدراتها العالية، إن لجهة القرار، أو فهم طبيعة المسارات البحرية للسفن ووجهاتها، بل وما تحويه في كثير من الأحيان.
وعليه، إن ما أعلنت صنعاء وضعه حيز التنفيذ هو مجرد خطوة أخرى ستترجم عمليا، فيما لا يزال في جعبتها الكثير مما قد يشكل بعضه مفاجأة، ويبقى الأهم هو جرأة اتخاذ القرار ومواجهة التهديد الأمريكي أولا بخطوة أكثر صلابة من سابقاتها.
خليل نصر الله