صنعاءُ تلوِّحُ بـ “مفاجآت” لوقف المماطلة السعوديّة: لا بديل عن الاستحقاقات إلا الحرب
أمين سر السياسي الأعلى: اليمن يعد بدائل رادعة في حال استمرت الرياض بالتلكؤ
عاصم: إما تنفيذ المطالب الإنسانية أَو القتال والمملكة هي خصمنا المباشر
جَدَّدَت صنعاءُ التأكيدَ على أنها لن تقف بلا حراك إزاءَ استمرار دول العدوان -وعلى رأسها النظام السعوديّ- بالمماطلة والتحايل على مطالب الشعب اليمني، ملوِّحةً بمفاجآت ردع جديدة قد يتم اللجوء إليها في حال أصرت الرياض على الخضوع للرغبات والإملاءات الأمريكية، وواصلت محاولاتها للتهرب من التزامات السلام الفعلي، في رسالة جديدة تعزز التحذيرات والإنذارات التي وجّهتها القيادة الثورية والسياسية خلال الأيّام الماضية، والتي أكّـدت أن صبرَ صنعاء قد ينفد، وأن دول العدوان لن تكونَ بمنأًى عن تداعيات فشل جهود الحل.
الحوري: صنعاءُ تجهِّزُ بدائلَها لإنهاء المماطلة السعوديّة
ونقلت وكالة سبأ الرسمية للأنباء، مساء الأحد، عن أمين سر المجلس السياسي الأعلى، الدكتور ياسر الحوري، قوله إن “الجمهورية اليمنية تحضّر مفاجأة لردع النظام السعوديّ وجعله يندم، في حال أصر على المماطلة والتلكؤ في استكمال المفاوضات والالتزام باستحقاقات إحلال السلام في اليمن”.
ويأتي هذا التحذير في سياق سلسلة رسائلَ مشابهة وجهتها القيادة الثورية والسياسية الوطنية لدول العدوان وللعدو السعوديّ بشكل خاص خلال الأيّام الماضية، على خلفية تراجع الرياض عن التقدم في المفاوضات وعرقلتها لجهود السلام، من خلال محاولة تقديم نفسها كـ”وسيط”، واستجابتها للرغبات الأمريكية في مواصلة الحرب والحصار والامتناع عن تنفيذ الاستحقاقات الإنسانية المشروعة للشعب اليمني.
وكان قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، قد سخر قبل أَيَّـام من دعايات “الوساطة” التي تروجها السعوديّة، ووصفها بـ”النكتة”، مؤكّـداً أن دول العدوان لن تكون بمنأى عن تداعيات استمرار العدوان والحصار، وأن النظام السعوديّ لن ينعم بالأمن والاستقرار ولن يحقّق “طموحاته الاقتصادية” بدون تحقيق السلام العادل في اليمن.
وفي السياق نفسه كان الرئيس المشاط، قد أكّـد أن المماطلة التي تمارسها دول العدوان ستؤدي إلى نفاد الصبر، محملاً السعوديّة مسؤولية استجابتها لـ”الابتزاز الأمريكي”.
وقال الدكتور الحوري في تصريحه لوكالة “سبأ”: إن “الجمهورية اليمنية تعد بدائلها وخياراتها في حال استمرت السعوديّة في نهج التقدم خطوة والتراجع خطوتين للخلف في المفاوضات”.
وَأَضَـافَ أنه: “إذا لم يكن هناك التزام واضح وصريح فَــإنَّ السعوديّة والمنطقة لن تنعم بالأمن والاستقرار”، وأن “الخيارات اليمنية واسعة مع اتساع الإنتاج العسكري اليمني محلي الصنع والجاهزية القتالية على كافة المستويات”.
ويمثل تصاعد الإنذارات والتحذيرات ذات الطابع العسكري من جانب صنعاء، دلالة على اقتراب انتهاء الفرصة التي تم منحها قبل أكثر من عام لدول العدوان؛ مِن أجل مراجعة حساباتها؛ وهو ما يعني الوصول إلى تقييم واضح يفيد بعدم جدية السعوديّة في التوجّـه نحو السلام الفعلي.
وفي هذا السياق، أوضح أمين سر المجلس السياسي الأعلى أن “السعوديّة تراوغ وتحاول أن تكسب الوقت في تنفيذ التزاماتها في الملف الإنساني الذي يتضمن استحقاقات معالجة آثار العدوان من جميع النواحي وكافة الالتزامات لتحقيق السلام في اليمن”.
وكان قائد الثورة قد ألمح في خطابه الأخير إلى أن الأعداء “يظنون أنهم يكسبون الوقت”، وأوضح أن لجوء دول العدوان إلى التهدئة وخفض التصعيد العسكري كان؛ مِن أجل التفرُّغِ لترتيب مؤامرات أُخرى ضد الشعب اليمني؛ ما يعني عدم وجود نوايا لإنجاح جهود السلام المبذولة، بل يستدعي ضرورةَ التمسك بالمواجهة، الأمر الذي أكّـده القائد أَيْـضاً، حَيثُ قال: إن “استمرار استهداف اليمن يعني استمرار التصدي بكل الإمْكَانات”.
أمين سر المجلس السياسي الأعلى أوضح أَيْـضاً في تصريحاته أن “معالجة آثار العدوان على الشعب اليمني هي أكبر من التعويضات وإعادة الإعمار؛ كونها تشملُ جميعَ النواحي المعنوية والنفسية والصحية وغير ذلك”، وهو تذكيرٌ واضحٌ لدول العدوان باستحالة التهرب من تبعات جرائمها الوحشية وحربها الإجرامية على الشعب اليمني.
عاصم: السعوديّةُ هي خصمُنا المباشر
وفي الاتّجاه ذاته، أكّـد عضو الوفد الوطني المفاوض، حميد عاصم، الاثنين، أن صنعاءَ قد أغلقت أبواب المراوغات والمماطلة، وأن دول العدوان وفي مقدمتها السعوديّة اليوم تواجه ضرورة اتِّخاذ قرار نهائي وحاسم بخصوص السلام.
وقال عاصم في حديث لـ “المسيرة”: إن “السعوديّة اليوم بين خيارين لا ثالث لهما: إما تنفيذ المتطلبات الإنسانية للسلام وإما القتال”، وهو تأكيد على استحالة القبول بحالة اللا حرب واللا سلام التي تحاول دولُ العدوان ورعاتُها فرضَها، من خلال المماطلة والتلكؤ.
وَأَضَـافَ عضو الوفد الوطني أن “السعوديّة هي أدَاة طيعة للمصالح الأمريكية البريطانية والصهيونية، لكنها خصمنا المباشر وهي التي قادت العدوان على اليمن”.
ويوضح هذا التأكيدُ الرفضَ القاطعَ لأية محاولة من جانب النظام السعوديّ للتهرب من التزامات السلام عن طريق محاولة تقديم نفسه كـ”وسيط” أَو الدفع بالمرتزِقة كبديل عنه على طاولة التفاوض، وهو التوجّـه الذي تسعى الولايات المتحدة وبريطانيا إلى فرضه.
كلفةُ عودة التصعيد أعلى من كلفة السلام:
ويرى مراقبون أن استجابةَ السعوديّة للتوجّـه الأمريكي نحو مواصلة العدوان والحصار، يمثل خطأً تقليديًّا كرّرته الرياض أكثر من مرة خلال السنوات الماضية، على الرغم من أن كلفته تفوق كلفة السلام العادل.
وفي هذا السياق، قال عميد المعهد الدبلوماسي، السفير أحمد العماد، في حديثٍ لـ “المسيرة”: إن “السعوديّة تلعب تفاوضياً لكسب الوقت أملاً في خلخلة الجبهة الداخلية وحصول متغيرات دولية”.
وَأَضَـافَ أن: “فاتورة عودة التصعيد في اليمن ستكون أكبر على الرياض من كلفة مخالفة الرغبات الأمريكية”.
وتشير هذه القراءة أن إدراك السعوديّة لفشلها في تحقيق أهداف العدوان على اليمن، لم يكفِ ليدفعها نحو إدراك ضرورة التوجّـه نحو السلام العادل، بل جعلها تفكر فقط في إيجاد طرق أُخرى ملتوية تساعدها على تحييد قدرات الردع الوطنية، وتتيح لها فرصة مواصلة استهداف اليمن والتآمر عليه بطرق أُخرى.
هذا ما يؤكّـده أَيْـضاً التقييم الذي ورد في خطاب قائد الثورة الأخير بخصوص لجوء دول العدوان إلى خفض التصعيد؛ مِن أجل ترتيب المزيد من المؤامرات، وهو أَيْـضاً المماطلة المُستمرّة منذ أكثر من عام من جانب السعوديّة برغم الجهود المبذولة من جانب الوسطاء العمانيين والتجاوب الكبير من قبل صنعاء، حَيثُ كان يفترض أن تشهد فترة التهدئة تقدماً تدريجيًّا في الخطوات الإنسانية بشكل خاص، لكن ذلك لم يحدث.
ووفقاً للرسائل السياسية والعسكرية التي وجّهتها صنعاء خلال الأيّام الماضية، فَــإنَّ الفروق لم تعد مهمة بين ما إذَا كانت هذه المماطلة نتيجة تأثير الابتزاز الأمريكي، أَو نتيجة سوء نوايا النظام السعوديّ؛ لأَنَّ الرياض هي المعنية باتِّخاذ قرار السلام ومواجهة الرغبات الأمريكية إن كانت تريد فعلًا الخروج من مستنقع اليمن، وبالتالي فَــإنَّها معنية أَيْـضاً بتحمل كلفة استمرار الحرب والحصار.
المسيرة