منها بدأنا وإليها سيعود الجميع مسلَّمًا، هي ليست فبركة إعلامية ولا بيع وشراء في قضايا الأُمَّــة، وهي أَيْـضاً ليست استعرضًا هزليًّا دون جدوى، وهي أَيْـضاً ليست استغلال حدث وليس توهان عقل وليست مجازفةً غير محسوبة العواقب، وهي أَيْـضاً ليست مسرحية، كما أفاد المرتزِقة، بل هي صنعاء وهي قيادة وإرادَة ودق خشوم، هي البداية والنهاية، هي الإرادَة اليمانية هي خلاصة بناء تسع سنوات من لبنات المجد والعزة والاستبسال والتضحية والصمود.
من صنعاء كانت أولى ملامح الانتصار لغزة الصمود، ومن صنعاء كانت شرارة اللهب الإسلامي تجاه العدوّ الذي أرعب العالم ولم يرعب صنعاء، ومن صنعاء جاء البيان السريع من سريع بمثابة إعلان للتاريخ عنوانه نعلن دخول الحرب ضد العدوّ الصهيوني؛ دعماً واستجابةً لنداءات الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، ومن صنعاء جاءت الصواريخ والمسيّرات والضربات لتضرب عمق إيلات، ومن صنعاء جاءت المستحيلات.
وهذا معنى عام وهناك معنى أجدى وأقوى وأعم أن هناك قائدًا صادقًا وشجاعًا ومحنكًا، وأن هناك شعبًا يتنفس العزة والكرامة ويجري بعروقه دمٌ عروبيٌّ إسلاميٌّ خالصٌ غير معدل بمادة الصهينة والوصاية.
جاء القدر لصنعاء لتصنع معركة الصادقين المخلصين المجاهدين وهي تتمتع بحصانة الواقع غير المألوف من عرب قمة المناخ وإكسبو وموسم الرياض وجدة ودبي الترفيهية، فكان للقائد القول والتحذير والفعل وحين قال فعل وحين فعل أوجع، وليست محاكاة الإعلام ليقال قلنا، وليس مناورة التنفيذ ليقال عملنا، ولم نتأكّـد من المصادر ولكن بمعنى أوضح نفذنا وأوجعنا، وانتقل الأعداء من خانة تعبيرهم عن القلق إلى مربع غيرنا المسار لرأس الرجاء الصالح؛ فهؤلاء اليمنيون صالحون وصادقون وموجعون لأعدائهم، وتسارعت البوارج الأمريكية والبريطانية لحماية الملاحة الإسرائيلية وهذا ما يوحي بتسجيل عجزٍ واضحٍ وانتصارٍ لفلسطين وغزة خَاصَّةً من طرف اليمانيين أنصار الله ورسوله.
المعادلة في معركة “طُـوفان الأقصى” من طرف صنعاء تؤتي ثمارها على أكمل وجه، فمسيرات مُستمرّة في صنعاء وكلّ المدن الحرة باستمرار، ومسيّرات ترصد أهدافها في إيلات وأخواتها، وصواريخ طوفان تحقّق أهدافها، ولا يتذمر أعداؤنا أننا أسمينا صاروخ طوفان قبل انطلاق عمليات “طُـوفان الأقصى”، وأن الهدف يتربع في الأذهان لكل الأحرار والمجاهدين حتى ولو تباعدت المسافات فالهدف والإرادَة واحدة.
إن دخولنا الحرب لم يكن قراراً استعطافياً، بل نحن مدركون لثقل المعركة وأهميتها، ومدركون أكثر لقدراتنا وإمْكَانياتنا وما يمكن أن نصنعه عندما ندخل الحرب، ولذلك دخلنا وضربنا العمق الإسرائيلي، وقطعنا الملاحة أمام سفنه، وسيطرنا على السفن، وأجبرناهم على تغيير مسار سفنهم خشية تحَرّكنا الفاعل.
بالقرب من غزة مِئة مليون مصري وقاهرة المعز، وهناك الأردن، وليس ببعيد مملكة السعوديّة، وبالرغم من ذلك كانت صواريخ صنعاء السباقة نجدةً لغزة، بل ربما كانت الوحيدة ولم يأتِ أحد بعدها، فلا الجغرافيا كانت مانعاً لنا، ولا الأساطيل كانت رادعاً لغيرتنا وشهامتنا، ولا بوارجهم كانت سبباً في تراجعنا، وثقةً بالله اتخذت صنعاء القرار وأعلنت الحرب حتى يتوقف العدوان على غزة وينتصر الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة.
لم نعد نهتم بتصريح القناة 12 أَو 13 أَو غيرها، فنحن في حرب وستستمر حتى يجنحوا للسلم وتحَرّكنا وغنائمنا وأرضنا وبحرنا في خيار المقاومة الفلسطينية الباسلة، فلها أن تنطق البحر بحرنا والأرض أرضنا ولنا من اليمن المدد.