صلاح العزي .. قرين القرآن ..
عين الحقيقة / كتب /عابد المهذري
اقتحم الميدان الإعلامي بذات الإقدام العسكري للمجاهدين في معارك الحرب .. ليجعل صلاح العزي نفسه بمقام الجندي المجاهد منذ أول مادة اعلامية قام بها مع المسيرة القرآنية قبل أن تتخذ مسمياتها الحالية وكينونتها الراهنة .
كان ذلك قبل عقد ونصف من الآن .. وهو الزمان الذي يوثق بدايات شخص يدعى (قرين القرآن) ظهر بقوة كإسم لافت في منتديات السياسة والفكر على شبكات الانترنت حينما كانت تلك المواقع والمنتديات آنذاك بمقام شبكات التواصل الإجتماعي حاليا في التأثير والأهمية .
انفجرت حرب صعدة الأولى وبدأ العالم يسمع عن شيئ اسمه الحوثيين في اليمن وانشغل الاعلام بالجدل عن هذه الجماعة الطارئة على المشهد الإقليمي بشعار صرختها الجريء وبشجاعة مقاتليها الريفيين وفرادة فكرها المنهجي وأهدافها التغييرية القائمة اساسا على توعية المجتمع لتحصين الوطن من مؤامرات الأعداء .. وهذه الافكار والأمور المتعلقة بها .. كان (قرين القرآن) يتكفل بتوضيحها للناس وجمهور وقراء المنتديات .. من خلال مواظبته على الرد على التساؤلات وتفنيد الإتهامات وتقديم الحقائق والمعلومات واشباع المواضيع والملفات المفتوحة حول الحوثي والحوثيين بالطرح الوافي والشرح الشامل .. بإسلوب مهذب أثناء يثري النقاش ويستوعب الإختلاف في المواقف ووجهات النظر .. ويقدم فكرته بطريقة مقنعة للمتلقي .. مدافعا عن قضيته بحكمة وحنكة تثير اعجاب الخصوم .. متعاملا مع الآخر بشفافية ومصداقية غيرت المفاهيم المغلوطة وعكست صورة ايجابية صححت النظرة الخاطئة للحركة القادمة من صعدة لدى كثيرين في الداخل والخارج .
لم يكن أحدا في ذلك الحين يعرف من هو هذا (قرين القرآن) المثير للجدل والكنية المرصودة بالمراقبة لأجهزة السلطة ودوائر المخابرات بسبب قوة ما يكتب هذا الشخص الغامص واتساع تأثير ما ينشره من أفكار وحقائق وأخبار هذا الإسم المجهول الذي لم يكن الا صلاح العزي .
فجأة غاب (قرين القرآن) عن المنتديات واختفى عن فضاء الاعلام والانترنت وبدأ المتابعون له يتسائلون دون انقطاع على مدى نحو عامين أين هو ؟!!
رافق الإختفاء المفاجئ للمكنى (قرين القرآن) همس موازي بصوت خافت ونطاق محدود عن اعتقال أجهزة الأمن السعودية لشاب من قبائل همدان بن زيد ينتمي لمحافظة صعدة ويدعى صلاح العزي وسط غموض شديد يحيط بملابسات الإعتقال والسجن والمحاكمة لشاب معروف لدى أهله وعشيرته بالإستقامة والنبل وحميد الصفات الفاضلة .. وبعد فترة امتدت شهورا ثقيلة بدأت الحكاية تتكشف بتسريبات تشير الى علاقة صلاح بالحركة الحوثية وتلك التهمة في منتصف الألفية الجديدة كانت بمثابة جريمة لا تغتفر .
غاب (قرين القرآن) خلف القضبان .. يتعرض لصنوف التعذيب الوحشي بغياهب الزنازن على يد سجان عديم الإنسانية مفرط الطغيان .. ليتحول رحاب المنتديات الى سجن كبير يكتظ بالتوجس وعيون العسس ويسيطر عليه الرتابة والبرود .. لعدم وجود الدينمو المحرك لصفحات وزوايا ونوافذ التفاعل في ظل انتظار القراء لظهور الإسم الجهادي المستعار على أحر من الجمر استمر شهرا بعد شهر وعام بعد آخر .. دون ان يفارق الإسم ذاكرة الجمهور او يطويه النسيان ؛ كونه إسم لا يتكرر وظاهرة عصية على المرور العابر كما لو انه مجرد حالة مؤقتة الحضور تنتهي بإنتهاء حدث لحظي او مناسبة عابرة .
خرج صلاح من السجن السعودي بتدابير هيئت لها السماء اسباب النجاة .. خرج مثخنا بهموم الأمة أكثر مما سبق .. مؤمنا بعدالة القضية بإيمان راسخ بالانتصار لمظلومية المستضعفين ولو بعد حين .
عاد صلاح العزي لأرضه اليمنية محتفظا بإبتسامته البيضاء وصفاء روحه ونقاء قلبه الأخضر كمزارع برتقال آل سالم المترامية بين أحضان جبال وسهول ووديان منطقته أملح .. تلك المنطقة الفيحاء التي كان صلاح ملح تربتها وماء نبع آبارها الرقراق وسيظل صلاح ملح كل حديث عذب وعطر كل مقام ومقال وأنشودة افتخار ترددها ألسنة الأحرار وتصدح بها فجر كل صباح عصافير البهجة وبنادق تناضل في ميادين حي على خير العمل وهيهات منا الذلة .