صلاح الرمام يكتب عن : فشل الكيان في مواجهة الطوفان؟
لقد أصابت عملية “طوفان الأقصى” أسطورة الكيان الصهيوني الأمنية والعسكرية والاستخبارية في مقتل، وفضحت هشاشة التحصينات والجُدران التي عمل الكيان على إنشائها لحماية نفسه وعزله عن “الآخر” الفلسطيني المُحاصر، وهُنا ثمة فرضية أساسية لا يزال يتبناها الكيان الصهيوني، على الرغم من ثبوت فشله المُتكرر، وهي أنه في الإمكان الاستمرار في احتلال الأرض الفلسطينية من دون دفع الثمن وإجبار الشعب الفلسطيني على القبول بهذا الواقع.
إن الحالة الهمجية والغرائزية المُتخلفة التي تسود في إسرائيل، وارتكاب المزيد من العدوان والمجازر بحق الفلسطينيين، لن تُخضع الشعب الفلسطيني في غزة أو في أماكن تواجده الأُخرى، ولن تكسر إرادته، وسيبقى يُجاهد من أجل نيل حُريته من الاحتلال، حتى لو نجحت إسرائيل في هزيمة المُقاومة في غزة، وهو أمراً مُستبعداً.
أمام هذه العملية الفلسطينية المُباركة والغير مسبوقة سوف يُسجَّل الفشل الأكبر للأجهزة الأمنية في إخفاق الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) والمُخابرات العامة (الشاباك) في توقّع العملية أو الوصول إلى معلومة بشأنها وما زاد من مرارة هذا الفشل الاستخباراتي، في كيان طالما تبجّح بقوة أجهزته الأمنية، وقدراته التجسُسية حول العالم على المُستويين التقني والبشري علما بأن الفشل نتج من قطاع غزة الذي تُراقبه هذه الأجهزة وتجمع المعلومات عنه على مدار الساعة بمُختلف الوسائل البشرية والإلكترونية كما أن الفشل الكبير تمثل في هشاشة الجدار الأمني الذي بناه الكيان الصهيوني حول غزة، وراهن على قُدرته في منع المُقاتلين الفلسطينيين من اختراقه، حيث تمكن المجاهدون الفلسطينيون من اختراقه والعبور من خلاله بأعداد كبيرة إلى أكثر من 20 موقعاً من المواقع التي يتمركز فيها جيش الاحتلال الصهيوني، فقد بنى الكيان الصهيوني الغاصب منذُ انسحابه الأُحادي من قطاع غزة، جداراً من الإسمنت المُسلّح على طول حدود القطاع التي تبلغ نحو 65 كيلومتراً، وبعُمق يصل إلى 7 أمتار في باطن الأرض، و7 أمتار فوقها، ونصب فوقه أحدث أجهزة الرقابة الإلكترونية، كما أقام عليه أبراجَ مُراقبة في مواضع مُختلفة لرصد كل حركة تحدُث خلف هذا الجدار.
أن هذا الهجوم المُباغت (طوفان الأقصى )الذي شنّه المُقاتلون الفلسطينيون، وأداءهم الجريء، وقُدراتهم التنظيمية، وخبراتهم العسكرية، قد تسبّب بشلل القيادة العسكرية والسياسية الإسرائيلية وأفقدها توازنها وعلى الرغم من تبجُّح الجيش الإسرائيلي المُستمر بجاهزيته الدائمة لمواجهة كل الطوارئ والاحتمالات وقُدرته على حشد ما يكفي من قوة لمواجهة أي هجوم خلال ساعات من وقوعه، فإنه لم يفشل في حماية قواعده العسكرية فحسب، وإنما فشل أيضاً في التدخُل سريعاً لاستعادة المواقع العسكرية والمستوطنات الإسرائيلية التي سيطر عليها المُقاتلون الفلسطينيون وظلوا يتحركون فيها لمُدة لا تقل عن يومين، بينما يستغيث المُستوطنون الذين كانوا يختبؤون في أجزاء منها.
إن عملية طوفان الأقصى عبَّرت عن فشل ذريع وهزيمة استراتيجية غير مسبوقة في تاريخ الكيان، والتي سيؤرخ لها كحدث مفصلي في تاريخ المقاومة الفلسطينية وحتى العربية، وما أنجزته وحققته تعجز عنه دول كُبرى بإمكانيات عسكرية ضخمة ويذهب الى حد تحقيق المُعجزات في ظل غياب المعجزات وكذلك إلى حد كسر حدود اللا مُمكن،نعم كسر حدود اللا مُمكن،
أمام كيان له جيش بكل إمكانياته وقُدراته العسكرية والتسليحية والتكنولوجية والسيبرانية والمُخابراتية والاستخبارية ،تنهار قُدراته الدفاعية في زمن قياسي، ويعجز رغم كُلَّ التجهيزات المُحيطة بقطاع غزة من دشم وسواتر وحواجز وجُدران إسمنتية واسلاك شائكة والكترونية وقوات عسكرية وأجهزة إنذار واستشعار وعربات مُدرعة ودبابات ومُسيَّرات على مدار الساعة في الجو في أن يُوقف اندفاعات المُجاهدين الفلسطينيين الذين مرغوا ولا يزالون يُمرغون أنف هذا الكيان في التُراب.
إن ما جرى اليوم هو هزيمة استراتيجية ساحقة تلقاها “الكيان الصهيوني” في عُقر داره، وأنَّ توابع وارتدادات هذه الهزيمة على مُستقبل هذا “الكيان” ستكون هائلة
ومهما فعل الكيان فلم ولن يستطيع ترميم صورته ولن يستطيع أن يُعيد الثقة إلى مواطنيه بعد هذه الهزيمة المنكرة.
أن ما جرى اليوم يمكن أن يُؤرّخ له بأنه من الأحداث المفصلية الكبرى في تاريخ الشعب الفلسطيني العظيم، بل وفي تاريخ الأمة العربية والإسلامية، وهذا التأريخ لن يكون في شقّيه العسكري والعملياتي فقط، بل يُمكن أن يتوسّع ليشمل جوانب أخرى من قبيل القُدرة على اجتراح المُستحيل، والرغبة في كسر حدود اللا مُمكن، والذهاب في اتجاه تحقيق إعجاز فشلت فيه القوى الكُبرى، وعجزت عنه الدول العُظمى.
بعد هذا اليوم وإلى الأبد لن تبقى سُمعة “الجيش” الإسرائيلي كما اعتدنا عليها “جيش” من فولاذ يقهر كل أعدائه، ويهزمهم بالضربة القاضية، من اليوم فصاعداً، يُمكن النظر إلى هذه القوة الغاشمة الضعيفة الخائفة الذليلة بأنها وحش من غبار، يمكن بشيء من التخطيط، وبمزيد من الإرادة، أن تتم هزيمتها وقهرها واستئصالها نهائياً وهذا ما نراه اليوم على أرض الواقع عبر عملية “طوفان الأقصى” التي أثبتت للعالم مدى ضعف وعجز هذا الكيان وكشفت الوجه الحقيقي للجيش الصهيوني الذي تم اقتيادهم من أبراج المُراقبة ومن داخل الدبابات والعربات المدرعة وسوف تكُون عملية “طوفان الأقصى” بإذن الله تعالى بداية نهاية وزوال الكيان الصهيوني الغاصب، وقريباً إن شاء الله سوف تتحرر فلسطين كل فلسطين وتعود الأرض لأهلها ويعودوا إليها بإذن الله سبحانه وتعالى، ونسأل من الله تعالى النصر والتأييد لإخواننا المُجاهدين في فلسطين كما نسأله أن يرحم الشُهداء ويشفي الجرحى ويُعجل خلاص الأسرى من سجون الاحتلال انه على كل شيئاً قدير (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)
أقرأ أيضا مقالات للكاتب
إذا كان بيتك مصنوع من الزجاج فلا ترمي بيوت الآخرين بالحجارة. كتب/ صلاح الرمام
صاروح اليمن ضرب ينبُع والرسالة وصلت تل أبيب…بقلم/صلاح الرمام
الكاتب صلاح الرمام يتسائل ويُجيب ..هل تسعود اليهود أم تيهود آل سعود؟