صفحات عز من تأريخ أبطال الجيش واللجان الشعبية:أقرأ عن:سبعون أسيرًا ! وثلاثون موقعًا! وسبعة وثلاثون موقعًا!
الحقيقة/كتب/د/مصباح الهمداني
سبعون أسيرًا !
هناك ثلاثة أخبار تفتح النفس والعقل، أولها خطاب السيد القائد، بمناسبة اختتام الدورات الصيفية، وما فيه من دلالات النصر، وتجديد الإنذار الأخير، لدويلة الإمارات.
وضرب قاعدة خالد الجوية. وقد يرى البعض أن الضربات تتكرر في ذات المطارات والمواقع، ولكنه في الحقيقة ذو تكلفةٍ باهظة جدًا بالنسبة للعدو، فالضربة الواحدة قد تكلف الطيران المسير مئات أو آلاف الدولارات، لكنها بالمقابل تُكلف مملكة الشيطان ملايين أو مليارات الدولارات، مع خسارة نخبة النخبة من السعوديين والأمريكيين وغيرهم، ولو افترضنا أن المملكة أعلنتْ إغلاق مطار نجران أو أبها بشكل نهائي ودائم؛ فإنَّ هذا سيشكل ضربة قاصمة وسيهرب كل الأجانب المتواجدين، ولن يتجرأ على الوصول أحدٌ من القادمين، ولهذا فإن مملكة الشيطان تدفع المليارات من أجل استعادة المطار بشكل سريع، وطيراننا المسير وملياراتهم في عجلةٍ مستمرة، وكلما انتهوا من إصلاح وتبديل ما تم إحراقه؛ يتجدد القصف بشكل أكثر وجعًا وإيلامًا للبقرة الحلوب.
والثالث؛ ما أعلنه رئيس لجنة الأسرى الأستاذ عبدالقادر المرتضى عن وصول عدد الأسرى من جبهة عسير لوحدها خلال خمسة أيام إلى سبعين أسير. والمؤسفُ أنَّ غالبيتهم يمنيين، والمؤلم أن نصفهم من تعز.
وحينما أرى الأسرى التعزيين يشكلون غالبية الأسرى أشعر بالتقزز من هؤلاء المحتقرين، وقد أصبحوا مرتزقة المرتزقة، وأرخص المرتزقة، ويباعون كما تباع الأغنام المريضة؛ بأرخص سعر؛ وبأسرع طريقة.
ألا يُشاهِد هؤلاء الحثالة ما فعله الجنوبيون بأبناء تعز –أصحاب البسطات والمطاعِمْ-؟
ألا يُشاهِد هؤلاء الرخيصين كيف احتضنت صنعاء عوائلهم وأسرهم وتجارتهم دون تمييز حتى أصبحوا يشكلون نسبة كبيرة في صنعاء تتجاوز عدد أهل صنعاء أنفسهم؟
ألا يُدركون أنَّ عدن وحضرموت وحتى مارب تكرههم وتُعاملهم باحتقار، وليسَ سوى صنعاء التي لا يسألهُم أحد فيها من أنتم، ولمَ أتيتُم، وما هي مواقفكم؟ ومَن تُؤيدون؟ مع العلم أن الأجهزة الأمنية تعلم بأن عائلات أغلبية القيادات في صنعاء، فما بالكم بالمرتزقة الصغار!
أينَ دور أحرار وشرفاء ومثقفي تعز؛ في توعية هؤلاء الحُثالة؛ وهم يتكاثرون ويتسابقون ليكونوا أحذيةً لبني سعود؟
لابُد أن يتحركَ شرفاء تعز في صنعاء بالتوعية والبذل والإنفاق والنزول إلى مناطقهم لوقف هذا الاستعباد الرخيص لأبناء تعز في الحدود، وإفهامهم بأن السعودي لا يلقي لهم بالاً إن أُسِروا أو قُتلوا أو أكلتهُم الضباع والسباع.
صحيح أنَّ أسْرهُم يُعتبرُ إنقاذًا لهم من شباك الموت بيد رجال الوطن الأحرار أو بيد السعودي أو السوداني في حال الفرار…
وصحيح أنَّ معاملة الأسرى فوق الوصف من حيث الاحترام والإكرام، فيما يتعامل المرتزقة مع أسرى الجيش واللجان بوحشية ولا إنسانية، آخرها قتل الأسير أحمد صالح علي أحمد الفقيه بالضرب حتى الموت في الجوف، وكذلك تصفية الأسير محسن الغاثي في شبوة.
وختامًا؛
كم تمنيت أن يكون السبعون أسيرًا من السعاودة والسودانيين والكولومبيين والأمريكيين والإسرائيليين، لكنِّي أشعر بالألم والخزي والعار حينما أجدُ غالبيتهم يمنيين، ونصفهُم من تعز.
ثلاثون موقعًا!
————
لك أن تتخيَّل أن مملكة الأسرة السلالية، دفعَت لكبار المرتزقة؛ على كل تبة محاذية لنجران؛ ما يعادل عشرة مليون ريال سعودي.
وتَمْ استلام المليارات من قِبَلْ أمين العكيمي وهاشم الأحمر، وجرى امتصاصها إلى الخارج وشراء العقارات في القاهرة ولندن والبحرين وقطر وإسطنبول وعمَّان،
ولم يصِلْ إلى جيوب صغار المرتزقة إلاَّ ريالات معدودة،
وما تجود به مخازن بني سعود من أرز وفول وخبز …
امتلأت التباب بالسلاح وبأرخص البشَرْ، ولم تكُن عين الرقيبِ بغافلة رغم كثرة الجبهات، ولا بمتناسية رغم التحركات، لكنها عادة من عادات أهل الغزوات، لجر العدو إلى الموبقات، وأسوأ المستنقعات، فما إن امتلأت الشعاب، بالأطقم والسلاح، وبالمدرعات والآليات، وبأحدث الهاونات والرشاشات؛
حتى بدأ رجال البأس بالنفير، وجندلة المستأجرين الحمير، وما هي إلاَّ ساعات؛ حتى تُليَت آيات الشكر للقوي المنَّان، على التسديد والتمكين والإتقان.
لقد سطَّر رجال الرجال على حدود نجران، ما يعجز عن وصفه القلم والبيان، حتى أنهم وصلوا إلى وادي النخيل، حيث اسطبل العميل الذليل، وأحرقوا خيامه وسياراته، بعد أن ولى هاربًا، وللنجاةِ طالبًا، ولا أدري كم ملطام سعودي، سينطبع على وجه أمين العكيمي، بعد هذه الهزيمة الساحقة، والفضيحة الماحقة…
تركوا كل شيء، من الطعام الساخن، إلى الهواتف في الشواحن، ومن أصغر الرشاشات، إلى أقوى المعدلات والهاونات، وحتى أحدث الأطقم والسيارات، تركوها يجرون الذعر والخيبات.
ولم يجد رجال الرجال، أمام هذه الأرتال، من الأليات والأثقال؛ إلاَّ إرسال رسالة؛ من خلال الأدخنة الطائرة؛ فحضرتْ الأميرة الولاعة، وأشعلتِ الحرائق الصادعة، لتُخبر الأمريكي قبل السعودي بأنَّ طعامَ الحرب الذي أرسلتموه، قد أشعلناه وأحرقناه، بعد أن أخذنا منه؛ ما خف وزنه وغلا ثمنه.
عشرات الأطقم التي عرضها الإعلام الحربي، ومثلها من المدرعات المتناثرة، والكثير من الجثث الرخيصة، والتي لم يُسعفها الهرَبْ، ولم يسحبها العملاء الجرَب.
وبينما نحملقُ في أولياء الله، ونُحلِّقُ فيما تحقق على أيديهم من آيات الله، وصلنا خبرٌ آخر، يشفي صدور قومٍ مؤمنين؛ وهو إطلاق صاروخٌ مبين، بدقة ومهارةٍ وتمكين؛ من نوع بدر إف على مدرسة القتال التدريبي بجيزان، بعد رصد استخباري مضمون؛ وبعدَ أن امتلأت بكبار الخبراء الأجانب، وبآلاف المرتزقة الجلائب؛ وتعلمون دمار هذا الصاروخ بشظاياه المرعبة، والتي عددها؛ أربعة عشر ألف شظية…
كل هذه الانتصارات في الجبهات.
والله سبحانه يُرينا آياته في عبيد ونعال المُحتَلين، وهُم يتصارعون في عدن وأبين وتعز صراع لن يُبقي ولن يذر، وليس له نهاية أو أفق.
وسيلجؤون بعد أن تضيق عليهم الضوائق، إلى تقبيل أقدام صنعاء، وأحرار صنعاء؛ اعتذارًا وندمًا وحياء.
وختامًا؛
احسبوا انتصار اليوم بالورقة والقلم… وخسارة مملكة التلاشي والعدَم؛
ثلاثون موقعًا، في كل موقع حوالي عشرُ تِبابْ، والتبة بعشرة مليون.
فشكرًا لله وللقائد ورجال المسيرة والسيرة والتاريخ، وسلام الله على أمهات أرضعنهم، وآباء ربوهم، وقبيلة احتضنتهم. والله أكبر.
سبعة وثلاثون موقعًا!
——————-
بينما لا تزال معركة الغسالات والثلاجات، وفتح الخزنات، وحفر جدران البدرومات، جارية في عدن على قدم وساق منذ ترحيل المطلقات، ووصولهن إلى أرض الهاربات.
وفي فنادق الرياض يتم تجميع المُهرولات والمقيمات منذ سنوات، ويجتمع ابن ناقص مع ابن الخرف، ويقولان للمرتزقة وبصوتٍ واحِد:
(من وكَّلْ رقدْ، وكلوا واشربوا وارقصوا وخزنوا وناموا وليس أمامكم إلا التسليم بالأمر الواقع، ونحنُ من يقرر مصيركم ومصير بلادكم، وكيف سيكون وضع عدن خاصة والجنوب عامة، وعليكم التنفيذ بلا مناقشة ولا مراجعة، ويجب عليكم على وجه السرعة أن تقوموا بجلب المزيد من أتباعكم إلى حدود المملكة، فما يقوم به الحوثي خطير جدًا، ولا يُمكن تحمله، وحركوا جبهات الساحل وصرواح والجوف، ومهما اختلفت المملكة مع الإمارات إلاَّ أننا متفقين على اليمن بشكل كامل ونهائي ولن يفرقنا مُفرِّقْ).
ومع تلك الصورة القاتمة الخانقة؛
إلاَّ أنَّ هناكَ صورةً أخرى، تبهج القلب، وتسر الفؤاد، وتشرح الصدر، وتجعل من كل يمني أن يشمخ، ويرفع رأسه عاليًا؛ بكل كبرياء وعزة، وأن يطأطئ رأسه لله ساجدًا وشاكرًا وممتنَّا.
فبينما نتبادل التهاني والتبريكات بالعيد، كانَ أولي البأس والشدة يتبادلون القذائف، ويُمطرون المرتزقة بأشد أنواع الصواريخ الفتاكة، ويُطلقون الصاروخ الموجَّه وكأنه صقرٌ مُدرَّبْ، ويرددون معه زخَّات من الدعاء “بيا الله” ترافقه منذ انطلاقه وحتى انقضاضه على فريسته في الموقع المعادي، وماهي إلا ثوان ويتطاير الموقع بما فيه ومن عليه، ويكبر الأبطالُ لله شكرا.
ويتحرك صاروخٌ ثانٍ من على كتفِ مجاهدٍ آخر، وتصدحُ “يا الله” مرافقةً للصاروخ في صعوده نحو موقع المرتزقة الحصين في قمة الجبل، ويستقر المُسدد في قلب الموقع، مُخلفًا نافورةً من اللهب والشرر، مع أشلاء متطايرة من الحديد وحثالة البشر.
ويستمر طيران الصواريخ الموجهة بعناية، في أكثر من مترس وعربة وخيمة، وينتقل الأشبال إلى استخدام رشاشاتهم الخفيفة، ويتقدمون نحو مواقع العملاء، بشجاعةٍ وبسالة وإقدام، في عملية أسموها “عملية الوفاء للشهداء”
ويرتبك المرتزقة أيما ارتباك، وهُم يشاهدون مواقعهم المحترقة، وسياراتهم المعطوبة، وجثث زملائهم المتناثرة، ويُنادون بني سعود ولا مُجيب، فيرمون ما ثقُل وزنه، وينطلقون بين الصخور كالثعالب، فرارًا بأبدانهم الرخيصة، في مشهدٍ مليء بالإهانة.
ويقفُ الأبطال على جثث المرتزقة الذين باعوا أنفسهم بريالاتٍ معدودة، وخاتمة سيئة، ومردٍ مخز.
تساقطت المواقع في جبهة أسطُر قبالة نجران الواحد تلو الآخر، تحت بسالة وشجاعة رجال الرجال؛ حتى بلغَ تعدادها سبعة وثلاثون موقعًا، وكان أهمها موقع غرفة العمليات، ومركز وبرج الاتصالات، وموقع التسليح…
وحضرت الغنائم وكأنها بحرٌ لُجي، من أجهزة الاتصالات الحديثة، ومنظومات كهرباء متطورة، ونواظير دقيقة، ورشاشات ثقيلة وخفيفة ومتوسطة، ومخازن رصاص متعددة وكثيرة.
ونشر الإعلام الحربي توثيقًا للاقتحامات في مقطع من ثمانية عشر دقيقة، يتجلى في كل ثانية منه تأييد الله ونصره وتمكينه، فالحمد لله الذي جعل العيد أعياد وأمدَّ المجاهدين بالثبات والسداد، وفرَّق الخصوم شذر مذَر، وجعلَ منهم عبرةً لمن يعتبر.
وبينما يلملم الأبطال الغنائم الكثيرة؛ تأتي الأخبار المؤكدة بقصف مطار أبها بطائرة قاصف وإخراجه من الخدمة مجددًا بعد إصلاحه بمليارات الريالات.
فشُكرًا لله وللقائد، ولأولئك الرجال المرابطون العظماء، في كل جبهة وموقع ومصنع، ولأمهات وأخوات وآباء وزوجات أولئك الأشداء الكرماء.
“وما جعله الله إلا بشرى لكم، ولتطمئن قلوبكم به، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم”