صرواح توجه ضربة مميتة للأقلمة..
الحقيقة/إبراهيم الوادعي
من حيث لا يحتسبون تلقت أهداف العدوان على اليمن ضربة مميتة ومؤلمة للغاية عسكريا وسياسيا، تجاوزت في ألمها مرتزقة الإخوان إلى القائد الأعلى للعدوان الطرف الأمريكي الحالم، فلم يكد يغادر سفيره مأرب حتى تحررت صرواح.
تزايدت الأهمية العسكرية لصرواح شمال شرق محافظة مأرب، مع تعثر التحالف المعادي لليمن في جبهة نهم، ونظرا لجغرافيتها المنبسطة مقارنة بجغرافية نهم شديدة الوعورة، توهم تحالف العدوان إمكانية الوصول إلى العاصمة صنعاء عبرها، وشن الكثير من الحملات العسكرية للسيطرة على المديرية والوصول إلى خولان وتهديد العاصمة صنعاء.
اعنف الحملات العسكرية للسيطرة على صرواح قادها اللواء عبد الرب الشدادي المعين من قبل تحالف الإخوان قائد للمنطقة العسكرية الثالثة في مارب، والذراع اليمني للجنرال العجوز علي محسن الأحمر نائب الخائن هادي، وحققت حينها تقدما باتجاه مطار صرواح وتمت السيطرة على تبة العلم الاستراتيجية، وهددت تواجد قوات الجيش واللجان الشعبية حيث صار خط الامداد الرئيس تحت مرمى نيران مرتزقة العدان المتمركزين في تبة العلم، قبل أن توقف التصعيد العسكري بمقتل اللواء الشدادي وعدد من ضباطه في أكتوبر 2016م، وتتبخر نتائجها العسكرية حين استعادت قوات الجيش واللجان تبة العلم الاستراتيجية منتصف العام 2018م، وأكملت قوات الجيش واللجان الشعبية خلال عملية هجومية واسعة الأسبوع الماضي استعادة ما تبقى من المواقع العسكرية وبينها مواقع استراتيجية كانت تحت سيطرة المرتزقة منذ عام 2015م.
عسكريا يكتسب التقدم الأخير للجيش واللجان الشعبية واستعادة 90 % من مديرية صرواح أهمية عسكرية كبرى، فالجيش واللجان اقتربوا بشكل كبير ومقلق للعدو من الخط الإسفلتي الذي يربط مارب وصنعاء، وهو خط الإمداد الرئيسي لمعسكر ماس والذي تتخذ منه قوات التحالف مركز قيادة، وجبهة نهم، ومن شان السيطرة عليه ميدانيا أو ناريا توجيه ضربة قاصمة لجبهة نهم وانتفاء وجود تهديد حقيقي للعاصمة صنعاء، كذلك سيطر مجاهدو الجيش واللجان الشعبية على كامل جبل ومنطقة هيلان، ومنحهم ذلك الإطلالة على مدينة مارب حيث قيادة المنطقة العسكرية الثالثة لمرتزقة العدوان.
أقل بكثير من 20 كيلو مترا هي ما تفصل أقرب نقطة للجيش واللجان عن ضواحي مدينة مارب، تتواجد قوات الجيش واللجان حاليا في منطقة المشجح وهو الأمر الذي خلق هلعا كبير في أوساط المرتزقة والأمريكيين الذين يفاضون على يمن مقسم إلى 3 أقاليم وهو ما ترفضه صنعاء.
ويشير مراقبون هنا إلى أن قلق مرتزقة الاخوان من عملية السلام يقف وراء التصعيد الآخر والمفاجئ في نهم، وتعكير أجواء مشاورات السويد، والمناخ الإيجابي الذي خلقته، فهم يكسبون بالحرب أكثر من السلام.
والأمر الآخر الذي يريده الإخوان من التصعيد العسكري في نهم إرسال رسالة للتحالف بأنهم رقم حاضر لا يمكن تجاوزه، أو غمط خدماتهم المقدمة للغازي ودفع ثمنها الآلاف من قياداتهم وعناصرهم خسروا حياتهم في جبهات متعددة، ولا ينبغي الخوض في عملية سياسية ما لم تكن هناك ضمانات حقيقيه بتشكيل “إقليم سبأ”.
قبل التصعيد الأخير في نهم جرى فتح جبهات ناطع والبيضاء التي يراها مرتزقة الإخوان أقرب الحدود النظيفة والآمنة “لإقليم سبا” لكن الخسارة الفادحة وهلاك لواء عسكري برمته أفشل العملية، ودفعهم مجددا إلى فتح جبهة نهم بغرض أول هو إسماع صوتهم وليجربوا “الموت للمرة الألف”.
وأيا يكن.. يؤكد المراقبون أن القيادة العسكرية العليا للجيش واللجان نجحت في صنع المفاجأة ووجهت ضربة إلى مرتزقة التحالف وقيادة التحالف لم تكن متوقعة من جهة صرواح، وأضحى الجيش واللجان هو من يهدد مركز قيادة المنطقة العسكرية الثالثة ويقف أكثر قربا من مدينة مأرب، بدل أن يقود التصعيد الأخير للإخوان في نهم إلى فرض تهديد جديد للعاصمة صنعاء.
الحقد، وطمع الإخوان في السيطرة على اليمن ولو من بوابة تقسيمها إلى عدة أقاليم، دفعهم إلى بيع أنفسهم فكانوا رافعة العدوان خلال عامي 2015 و2016م ومدلليه حيث شكل الإخوان الرافعة الكبيرة لتحالف العدوان على مسارين: تمثل الأول بحجم العملاء الكبير على الأرض وانتشار محازبيهم في كل المناطق والمحافظات لنقل تحركات الجيش واللجان إلى الطائرات المغيرة في السماء اليمنية، والأمر الآخر بناء جيش مرتزق من الآلاف من عناصر الإخوان والقاعدة يعمل لصالح تحقيق أهداف التحالف وتهديد العاصمة صنعاء عبر فتح جبهة في مديرية نهم. لكن الدلال توقف مع بدايات العام 2017، وبعد أن أنجزت الإمارات بناء جيشها المرتزق الخاص بها، وكان أن سل سيفه أولا موجها طعنات متتالية إلى ظهر الاخوان، وجرى اقصائهم بتدخل إماراتي عسكري مباشر في بعض الأحيان عن محافظات الجنوب اليمني و سقطرى، وهي اليوم تتنازع معها السيطرة على مدينة تعز.
ورغم هذا الوضع المزرى لوضع مرتزقة الإخوان على أجندة التحالف بعد ثلاثة أعوام من العدوان، وسقوط ورقة الخيانة التي قادها عفاش في العاصمة صنعاء، لم يتوقف أنصار الله والمجلس السياسي الأعلى عن إرسال اكثر من إشارة إيجابية إلى قيادة الإخوان في مارب حول فتح صفحة جديدة، وساد الشارع ثقة بأن هدوء جبهات صرواح ونهم وحزم الجوف ثمرة لتفاهم غير معلن وبداية صحوة إخوانية أمام هول المأساة الإنسانية التي كانوا طرفا في صنعها، لكن التصعيد الأخير في نهم وقبلا في البيضاء أسفرت عن حقيقة اللؤم الذي توطن بنفسية الإخوان وأن الحماقة أعيت من يداويها.
.. تؤشر العملية العسكرية الخاطفة في صرواح إلى أن استراتيجية الانتقال من الدفاع إلى الهجوم التي توعد بها الرئيس الشهيد صالح الصماد دخلت عمليا خارطة العمليات القتالية على الأرض للجيش واللجان الشعبية في تغيير الموازين، وأن هدف واشنطن في خلق استدامة للفوضى عبر إضعاف الطرف القوي لصالح الأطراف الأضعف صار بعيد المنال، فما جرى تم بشكل عكسي، والجيش اليمني واللجان الشعبية بعد 4 سنوات من العدوان أقوى مما كان الحال لحظة شن العدوان في 26 مارس 2015م.
عودة صرواح كاملة إلى حضن صنعاء تجاوز للبعد الجغرافي، الأمر أخطر من مجرد خسارة أراض بالنسبة إلى التحالف ومرتزقته، لقد تلقى مشروع الأقلمة ضربة مميتة، أقله في شمال اليمن على المدى المنظور.