صراع النفوذ مع الإمارات: «الإصلاح» يهيّئ «معقلاً» بديلاً في تعز

 

يواصل «حزب الإصلاح» توسّعه في محافظة تعز على حساب الميليشيات الموالية للإمارات. توسّعٌ تَمثّلت آخر حلقاته في استحداث معسكرات في مناطق مطلّة على باب المندب، حيث يسعى الحزب إلى تأمين منفذ بحري للمعقل البديل الذي يَعدّه من مأرب

 

بالتزامن مع تسارع الأحداث العسكرية في محيط مدينة مأرب، التي ظَلّت على مدى خمس سنوات معقل “حزب الإصلاح” (الإخوان) الأساسي، يعمل الحزب، حالياً، على التوسّع في مناطق واقعة في نطاق محافظتَي تعز ولحج وبالقرب من باب المندب، وذلك في إطار مساعيه لإيجاد معقل بديل، آمن ومستقرّ، من مأرب التي صارت قاب قوسين أو أدنى من السقوط تحت سيطرة قوات صنعاء. وعلى مدى الأيام الماضية، استحدثت ميليشيات “الإصلاح” معسكرين جديدين في مديرية الشمايتين جنوبي تعز، وفي مديرية المضاربة شرقي لحج، وهو ما أثار حالة استنفار في صفوف الميليشيات الموالية للإمارات في الساحل الغربي، ليعود التوتر إلى عدد من المناطق القريبة من مضيق باب المندب.

 

إدارة بايدن في اليمن: الخروج من الحرب ليس كدخولها لقمان عبد الله

وأكدت مصادر قبلية في مديرية الشمايتين، مركز قضاء الحجرية جنوبي تعز، قيام “الإصلاح” باستحداث معسكر له في منطقة الحجار الواقعة في نطاق عزلة الحضارم الأسبوع الماضي. ووفقاً للمصادر، فإن عدداً من الأطقم التابعة للشرطة العسكرية الموالية لـ”محور تعز”، جناح “الإصلاح” العسكري في المحافظة، تموضعت في الواقعة بالقرب من جبل منيف الاستراتيجي الذي يطلّ على أراضٍ جنوبية واسعة، ويُمكّن مَن يسيطر عليه من مهاجمة مناطق تابعة لمحافظة لحج جنوب البلاد ومناطق في الساحل الغربي.

 

ويأتي هذا التوسّع بعدما تمكّن “الإصلاح” من السيطرة على “اللواء 35 مدرع” في تعز، واستكمال السيطرة على جميع مديريات الحجرية الواقعة في الريف الجنوبي للمحافظة مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. ويثير التمدّد “الإصلاحي” الجديد مخاوف الميليشيات الموالية للإمارات التي كانت قد خسرت مناطق استراتيجية في ريف تعز الجنوبي ومواقع مطلّة على باب المندب، وهو ما دفع عدداً من المعسكرات التابعة لأبو ظبي في الساحل الغربي إلى رفع درجة الاستنفار، فيما أعلنت “المقاومة الجنوبية” في مديريتَي المضاربة ورأس العارة في محافظة لحج “الجاهزية القصوى” استعداداً لأيّ طارئ، مُحذّرة “الإصلاح” من التمادي في نشر نقاط أمنية ونصب مرابض المدفعية في المناطق المحاذية للمضاربة، وذلك في أعقاب تمدّد “الإصلاح” في مناطق تابعة للصبيحة، داعية إلى ضرورة نشر المئات من العناصر لتأمين كل الحدود التي باتت تشكّل خطراً على الصبيحة والجنوب.

 

عمد «الإصلاح»، أخيراً، إلى إنشاء معسكر جديد في مناطق تُطلّ على مضيق باب المندب

 

مع ذلك، عمد “الإصلاح”، أخيراً، إلى إنشاء معسكر جديد في مناطق تُطلّ على مضيق باب المندب. وبحسب مصادر محلية، فقد جَنّد الحزب المئات من شباب مديرية المضاربة في لحج، وأنشأ معسكراً تدريبياً جديداً في وادي تب الواقع في منطقة العلقمة في المديرية نفسها تحت ذريعة إحكام السيطرة على المديرية، وتأمين طرق الإمداد بين تعز وعدن. وأوضحت المصادر أن المعسكر الجديد يقع في منطقة استراتيجية، ويتوسّط ثلاث مديريات قريبة من باب المندب هي الشمايتين والوزاعية جنوبي تعز والمضاربة في لحج، مُبيّنة أن قائد المعسكر المستحدث زعيم قبلي من أبناء المنطقة نفسها، ويمتلك نفوذاً قبلياً كبيراً تَمكّن “الإصلاح” من استقطابه أخيراً. ويرى مراقبون عسكريون أن الأهمية الجغرافية لمنطقة العلقمة التي استُحدث فيها المعسكر ستمنح “الإصلاح” هامشاً كبيراً للتوسّع في المضاربة ورأس العارة، وصولاً إلى الساحل الغربي، مشيرين إلى أن هناك سباق نفوذ وسيطرة بين ميليشيات “الإصلاح” والميليشيات الموالية للإمارات في الساحل الغربي. وتفيد المعلومات بأن السبب المباشر للخطوة “الإصلاحية” الأخيرة يتمثّل في توجّه اللواء هيثم قاسم طاهر، وزير الدفاع السابق والقائد العسكري الموالي للإمارات حالياً، إلى الدفع بميليشيات تابعة لأبو ظبي إلى التموضع في المناطق الحدودية بين الشمايتين والمضاربة، بهدف تحجيم توسّع “الإصلاح” باتجاه الساحل الغربي. وفي جبهة الصلو، صدرت توجيهات من “محور تعز” العسكري التابع لـ”الإصلاح”، إلى قيادة “اللواء 35 مدرع” التابع للحزب أيضاً، بتسليم الجبهة لقيادات “إصلاحية”، وذلك لتشديد القبضة العسكرية على كلّ مناطق الريف الجنوبي لتعز.

 

 

ويسعى “الإصلاح” إلى السيطرة على منفذ بحري في تعز، التي يراها المعقل البديل لمأرب، على رغم سيطرته على محافظة شبوة. وهو، لأجل ذلك، يحشد المزيد من الميليشيات من دون توقف من مختلف مديريات تعز التي يتجاوز عدد سكانها 3.5 ملايين نسمة، متطلّعاً إلى استعادة ميناء المخا غرب المحافظة، الخاضع لسيطرة الميليشيات الموالية للإمارات، وطرد تلك الميليشيات من جزيرة ميون ومنطقة العمري الاستراتيجية المطلّة على باب المندب. ووفقاً لمصادر مطّلعة، فإن تحرّكات “الإصلاح” تتمّ بتوجيهات من نائب الرئيس المنتهية ولايته، الجنرال علي محسن الأحمر، الذي وَجّه الشهر الفائت “اللواء الرابع ــــ مشاة” التابع لحكومة عبد ربه منصور هادي، بالتوغّل في عمق مديرية طور الباحة، بتأسيس محور عسكري مكوّن من سبعة معسكرات تمتدّ من جنوب تعز إلى شرق مدينة عدن، مروراً بلحج وباب المندب، إلا أن هذا التوجّه قوبل بمعارضة كبيرة من قِبَل الميليشيات الموالية للإمارات في الساحل الغربي، والتي اعتبرته التفافاً عسكرياً عليها وتطويقاً مكشوفاً لمدينة عدن، فيما لا يزال المخطّط قائماً مع تغيير اسم المحور العسكري من “محور طور الباحة” إلى “المحور الشمالي الغربي ــــ لحج”.

 

 

أزمة «صافر» تسلك طريق الحلّ

 

 

أكدت حكومة “الإنقاذ”، أول من أمس، التوصّل إلى اتفاق مع الأمم المتحدة حول الصيانة العاجلة والتقييم الشامل لخزان “صافر” العائم قبالة ميناء رأس عيسى في الحديدة.

 

 وأوضح مصدر من “اللجنة الاقتصادية العليا” في صنعاء أن الاتفاق جاء بعد نقاشات فنّية بين “الفريق الوطني الاستشاري” الخاص بـ”صافر”، ومكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، وفريق مكتب المنظمة الدولية لخدمات المشاريع. ولفت المصدر إلى أنه خلال النقاشات الفنية، رفض الفريق الأممي توفير مُولّد النيتروجين كبديل مناسب لمنظومة الغاز الخام الذي يُضخّ إلى الخزانات النفطية لمنع انفجارها، “لتَبطُل بذلك مزاعم حرص المجتمع الدولي على تلافي كارثة بيئية في البحر الأحمر”، إذ اقتصر تركيز الفريق الأممي على إجراء الصيانة التي تمنع حدوث تسرّب للنفط من الخزان العائم.

 

 وأضاف المصدر أنه على رغم ذلك، “إلا أننا نُرحّب بالخطوات التي تَحقّقت، انطلاقاً من حرصنا الشديد على منع حدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر، ونأمل أن تسارع الأمم المتحدة في تنفيذ الخطوات بموجب الاتفاق، وإرسال فريق الخبراء لمباشرة مهامّه على وجه السرعة”.

 

وتنتظر صنعاء إبلاغها بموعد وصول فريق الخبراء، بعد منحهم التأشيرات اللازمة للدخول إلى اليمن. وكان السفير البريطاني لدى اليمن، مايكل آرون، قد أعلن، في الثاني من الشهر الجاري، تحقيق تقدّم جديد في ملفّ خزان النفط العائم. وقال آرون إن بلاده، إلى جانب ألمانيا وفرنسا وهولندا، تَوصّلت إلى اتفاق على تمويل الفريق الخاص بتقييم الخزان، بما يُقدّر بـ 3 – 4 ملايين دولار، متوقّعاً أن يستغرق وصول الخبراء إلى “صافر” 6 أسابيع.

 

جريدة الأخبار

قد يعجبك ايضا