صحيفة نيويورك تايمز : لماذا يهتم العالم بحرب سوريا ويتجاهل اليمن؟
إنها حقيقة معترف بها من قبل المراسلين الحربيين وعمال الإغاثة والدبلوماسيين الغربيين في جميع أنحاء العالم وهي: بعض الحروب، مثل سوريا، تحظى باهتمام عالمي كبير، الأمر الذي يمكن أن يترجم إلى ضغوط للوصول إلى قرارات، بينما حروب كثيرة أخرى، مثل اليمن التي لا تزال مشتعلة يتم تجاهلها ولا تحظى بنفس الاهتمام العالمي.
بعض أسباب ذلك تبدو واضحة، حيث أن نطاق الحرب في سوريا كارثي وأسوأ بكثير من اليمن، ولكن الاهتمام الذي تحظي به أي حرب يتجاوز مجرد عدد ضحاياها. فالصراع في شرق الكونغو، على سبيل المثال، أسفر عن قتل وتشريد الملايين، لكنه لم يحظ باهتمام عالمي.
بالتأكيد، كل بلد في العالم لديها رؤيتها الخاصة تجاه معايير الاهتمام. بالنسبة للولايات المتحدة، يتركز اهتمام الأمريكيين في الغالب على الشأن المحلي الداخلي، ويعبر كثيرون عن دهشتهم من أن تغطية أخبار العالم في النشرة الأمريكية تستغرق دقائق قليلة في حين تفرد نشرات أخبار دول عديدة فترات طويلة لتغطية الشأن الأمريكي.
لذلك عندما يسأل العالم لماذا تتجاهل أمريكا اليمن وصراعات أخرى مشابهة. الحقيقة أن عدم الاهتمام هو المعتاد، وليس الاستثناء.
الحروب تكسب الاهتمام الأمريكي المتواصل فقط عندما تقدم قصة مثيرة للاهتمام تؤثر في الجهات العامة والسياسية معا، والأمر يتجاوز تماما أعداد الخسائر البشرية، الأمر يتطلب سرد يمزج بين صلة مباشرة بالمصالح الأمريكية سواء السياسية أو القضايا الثقافية مع إمكانية صياغة الصراع في إطار يتضح فيه من هم الرجال الأخيار بالنسبة للولايات المتحدة ومن هم الأشرار في ذلك الصراع.
معظم الحروب – بما في ذلك تلك الموجودة في جنوب السودان واليمن – لا تتمتع بهذا المزيج وبالتالي يتم تجاهلها.
في سوريا، الحرب تعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر. في الوقت نفسه قدمت إدارة أوباما سرد الضحايا الأبرياء والأشرار الغادرين: مدنيين يواجهون تنظيم داعش الإرهابي الذي يميل للقتل وقطع الرؤوس، الرئيس بشار الأسد ورعاته في إيران المعادين للولايات المتحدة والآن روسيا تقاتل إلى جانبهم أيضا.
وعلى الرغم من أن تنظيم القاعدة يعمل في اليمن، إلا أن الصراع هناك لم يكن له نفس التأثير على المصالح الأمريكية والأوروبية مثل سوريا، كما أنه ليس لديهم قصة واضحة يوضحون من خلالها الصالحين والأشرار في تلك الحرب.
بالتالي، سرد حرب اليمن هو أقل جاذبية للمصالح السياسية الأميركية. وعلى الجانب الآخر من الصراع الغارات الجوية السعودية تقتل المدنيين وتستهدف المستشفيات وعمال الإغاثة بدعم من الولايات المتحدة.
لذلك لا يوجد سياسي أميركي لديه الكثير من الحوافز للفت الانتباه إلى هذه الحرب، التي ستؤدي إلى انتقاد الولايات المتحدة وحليفتها السعودية. لذلك، ليس من الغريب عندما حاول عدد من أعضاء مجلس الشيوخ مؤخرا دفع مشروع قانون لمنع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى السعودية بسبب انتهاكاتها في اليمن، لم يجدوا عددا كبيرا يدعم المشروع.
من النادر لكنه ليس مستحيلا أن تستحوذ صراعات على اهتمام متواصل من السياسيين والرأي العام في أمريكا دون أن تتضمن المزيج المطلوب كاملا. على سبيل المثال، الأزمة في دارفور أصبحت قضية شهيرة أوائل 2000 على الرغم من أنها لم يكن لها أثر مباشر على المصالح الأميركية.
لكن دارفور تضمنت جزئيا على أحد المعايير المطلوبة، وهو اتهام عمر البشير وأعوانه بارتكاب الإبادة الجماعية ضد المدنيين الأبرياء، وأن أمريكا يمكنها وقفها. هذا على ما يبدو قدم وسيلة للأميركيين للتكفير عن فشلهم في وقف الإبادة الجماعية في رواندا قبل عشر سنوات، ولإثبات أنهم قد تعلموا الدرس الصحيح من الفظائع المروعة. هذا جعل السرد جذاب.
لكن دارفور، مثل سوريا، هي الاستثناء وليست القاعدة.
بالنظر في صراع شرق الكونغو، كان مدمرا للمدنيين – كما هو الحال في دارفور وسوريا – حيث تم قتل وتشريد الملايين جراء العنف والجوع والمرض من قبل عدة جماعات مقاتلة.
حاول العديد من نفس النشطاء الذين شكلوا حركة “أنقذوا دارفور” رفع مستوى الوعي بشأن شرق الكونغو، لكن هذه الحرب لم تتمتع بالمطلوب لجذب الاهتمام الأمريكي. إضافة إلى أن علاقة الصراع بالمصالح الأمريكية ضعيفة، أيضا لم يكن هناك وضوح حول من هو “الشخص السيئ “- كما كان في دارفور.
تمتعت صراعات أخرى بأوقات وجيزة من الاهتمام ولكن بعد ذلك تلاشت. عندما اختطف بوكو حرام مئات الطالبات في شمال نيجيريا عام 2014، استجاب الأميركيون بالغضب ونشروا هاش تاج “أعيدوا بناتنا”. ولكن مع مرور الأشهر وفشل الحكومة النيجيرية لإنقاذ الأطفال، تضاءل الاهتمام.
اليوم هناك القليل من الوعي بالتداعيات الكارثية لاستمرار الحرب في جنوب السودان أو الحرب الأهلية في جمهورية إفريقيا الوسطى أو الحرب الأهلية في الصومال المشتعلة منذ ثلاث عقود، بالكاد يتم ملاحظتها.
بالتالي من حيث الاهتمام العالمي، معظم الصراعات مثل اليمن، وليس مثل سوريا.