صحيفة الحقيقة العدد”411″:القول السديد :دروس من خطابات السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله
القول السديد
التكفيريون أداةً قذرةً تمسح بها أمريكا كل أوساخها، وتنفّذ بها الكثير من مؤامراتها في بلداننا وشعوبنا، ونرى اليوم محاولةً أمريكيةً إسرائيليةً صهيونيةً لتحريك أولئك والإتيان بهم، أجانب من أقطار متعددة من الأرض إلى بلدنا اليمن . [ خطاب عاشوراء 1435هـ]
معيار الشرعية في نظر أمريكا!
المعيار عند الأمريكيين هو الولاء لهم، الشرعية في نظر أمريكا هي الولاء لها، إذا أنت موالٍ لأمريكا؛ خلاص يسمُّونك صاحب سلطة شرعية، حتى لو لم ينتخبك الشعب، أو لم تكن في فترتك، أو لم تكن في موقف الحق، هذا في فنزويلا، المعارض في فنزولا أعلن نفسه- هكذا بكل بساطة- رئيساً لفنزويلا، ولأنه موالٍ لأمريكا، ومدفوع من قبل أمريكا؛ اعترفت به أمريكا، وكثير من حلفائها وأعوانها ومواليها اعترفوا به رئيساً شرعياً لفنزويلا، لا انتخابات فاز بها… ولا أي شيء يستند إليه، ولا أي شيء، إعلان هكذا بكل بساطة، قال: [ أنا أعلن نفسي رئيساً لفنزويلا]، قالوا: [خلاص، ما دام قد أعلن نفسه رئيساً لفنزويلا؛ رئيس]؛ لأنه موالٍ لأمريكا بكل بساطة يعني، بكل بساطة.
أمريكا التي هي خطرٌ على حقوق الشعوب، وعدوٌ للشعوب في حقوقها، لا يمكن أن تكون راعيةً لحق، أمريكا التي تأتي في صفقة ما يسمى (صفقة القرن)، (صفقة ترامب)، وهي تسعى لمصادرة مقدسات الأمة: الأقصى وغير الأقصى، والقدس وغير القدس في فلسطين، ومصادرة بلد بأكمله، وتهجير شعب بكله (الشعب الفلسطيني)، وإضاعة حق على شعب بكله، هل ممكن أن تكون راعيةً لحق؟ والمتواطئون معها في تلك الصفقة وعلى رأسهم النظام السعودي والنظام الإماراتي هل هؤلاء رعاة لحقوق؟
أمريكا التي يأتي ترامب فيها ليتبرع بمرتفعات الجولان السورية، التي هي جزءٌ من سوريا باعتراف كل العالم، ومسألة واضحة كوضوح الشمس، ثم يأتي ترامب ليتبرع بها لإسرائيل، ويعلن موافقته على سيادة إسرائيل عليها، وكأنها من ممتلكات أبيه، وهو يتبرع بها، أو كأنها قطعة من قطع أراضٍ له، ومن ممتلكاته حتى يفعل ذلك، هكذا تفعل أمريكا، هكذا هو زمن الغطرسة الأمريكية: إضاعة الحقوق، ومصادرة الحقوق، وليسوا رعاةً للحقوق.
لا يمتلك أحد حقاً في إباحة بلده وإهدار دم شعبه
ما يجري في بلدنا وعلى بلدنا هو عدوانٌ لا مبرر له، ولا شرعية له، عبدربه كان قد استقال، وكانت فترته قد انتهت، وكان قد رفض بعد مطالبة الأمم المتحدة والأحزاب السياسية في صنعاء له بالعودة عن استقالته، رفض العودة عنها وقال: [استقالته خلاص نهائية، لا يمكن التراجع عنها]، وترك البلد وغادر، الشعب أيضاً هو صاحب الحق عندنا في أمره وشأنه، بالاستناد إلى هويته الوطنية والدينية والإسلامية والإيمانية، لا يمتلك أحد حقاً لا بصفة رئيس، ولا بصفة رئيس وزراء، ولا بصفة عضو مجلس نواب… ولا بأي صفة كان، لا يمتلك حقاً ولا شرعيةً في إباحة بلده، وإهدار دماء شعبه، هذا التصرف- بالإجماع بين البشر، وبكل الاعتبارات والمعايير والمقاييس- هو خيانة، هو جريمة، هو منكر.
لو يأتي أي شخص في الدنيا، حتى رئيس منتخب، ويصدر قانوناً بمصادرة بلده، يقول: [أنا قد أبحت بلدي بالكامل لصالح دولة هنا أو دولة هناك، وأهدرت دماء شعبي من أولهم إلى آخرهم: أطفالاً ونساءً وكباراً وصغاراً]، هل سيعتبر هذا تصرفاً مشروعاً؟ أم تصرفاً لا شرعياً، تصرفاً خيانياً، وإجرامياً، وبشعاً، وغير معقول، ولا منطقي؟ الكل سيقولون: [إما أنك معتوه ومجنون وفاقد لتمييزك وصوابك، وإما أنك خائن وصلت إلى أدنى مستوى من الانحطاط في خيانتك]؛ ولهذا لا شرعية لهذا العدوان وما يرتكبه من جرائم بحق شعبنا، ولا شرعية للاحتلال لبلدنا: لا في سقطرى، ولا في المهرة، ولا في المحافظات الجنوبية ولا الشرقية… ولا في أي محافظة من محافظات البلد، عدوان واحتلال وإجرام بكل المقاييس، بكل المقاييس، هذا أولاً.
شعبنا يستند للموقف الحق والقضية العادلة
ولذلك فشعبنا العزيز هو يستند إلى موقفه الحق وقضيته العادلة، نحن شعبٌ مظلوم، معتدى علينا بغير حق، ومسؤوليتنا هي التصدي لهذا العدوان، وهذا العدوان لو صدر له مليار قرار من أي جهة في هذه الدنيا ليبرر له فعلته، أو أي إجراء من أي طرف ليبرر فعلته؛ ففعلته لا تكتسب الشرعية، لم تمتلكها من البداية، ولم تكتسبها في النهاية، ولا ما قبل النهاية؛ لأنها بذاتها إجرام، وحشية، إذا أتى أحد ليشرعن قتل النساء والأطفال بشكل جماعي، هل يصبح ذلك شرعياً؟ لا. إذا أتى أحد ليشرعن احتلال البلدان، وسلب الحرية والاستقلال هل يصبح ذلك شرعياً هكذا بكل بساطة؟ لا.
فلذلك نحن نقول: عندما يتمترس تحالف العدوان بعناوين، فهي عناوين خاوية، لا مضمون لها في الواقع، هي للخداع، للتبرير بمبررات لا أساس لها من الصحة، بذرائع واهية، والقضية واضحة للناس جميعاً، وإنما جرت العادة- أيها الناس- جرت العادة أن كل باغٍ ومعتدٍ ومجرمٍ وغازٍ أجنبيٍ بالباطل وبغير الحق يقدم لفعلته، لجريمته، لعدوانه عنواناً تبريرياً، وهكذا حصل في هذه الجريمة الكبرى بحق شعبنا العظيم المسلم العزيز المظلوم، هذا الذي حصل؛ ولذلك لا يجوز لأحد أن يكون من الأبواق التي تردد تلك العناوين غير الصحيحة، الشرعية الحقيقية هي لشعبنا.
ولاحظوا أيها الناس- شعبنا العزيز وغير هذا الشعب- حتى الإجراءات الشكلية التي هي ذات بُعد شكلي يعني، إجراءات شكلية لتبرير أو لشرعنة الحرب على شعبنا والعدوان على شعبنا، لم تأتِ أصلاً، يعني: هم يقولون مثلاً: أن يأتي الرئيس، والرئيس الذي نفترض أنه غير مستقيل ولا منتهية ولايته؛ أما عبدربه فكان مستقيلاً، وكانت ولايته قد انتهت، رئيساً باقياً ومقبولاً ومنتخباً، وقبل أن يشترك مع دولة معينة في الحرب، ولا تكون هذه الحرب على بلده؛ أما على بلده فغير وارد يعني، حتى الإجراءات الشكلية لن تفيد أبداً، ويقدم طلبه إلى مجلس النواب، وقبل أن يكون هناك أي طلقة واحدة، أو أي تحرك عسكري واحد، يكون مجلس النواب قد أقر ذلك، ثم يشارك البلد في حربٍ هنا أو هناك لا تكون على البلد، لا تكون لاحتلال الشعب والأرض، ومصادرة الحرية والاستقلال؛ أما مصادرة الحرية والاستقلال فحتى الإجراءات الشكلية لن تكسبها الشرعية، لن تكسبها الشرعية أبداً، ولا يمكن أن تعطيها الشرعية نهائيا
ليس هناك من يدفع عنا العدوان سوى الصمود
فنحن نقول: صمودنا- كشعبٍ يمني- وتصدينا لهذا العدوان هو موقفٌ صحيحٌ، مسؤولٌ، أخلاقيٌ، دينيٌ، إنسانيٌ، وطنيٌ، وهو واجب ولا بديل عنه، لو جئنا لننتظر أي جهة دولية هنا أوهناك لتدفع عنا هذا العدوان، ولتوقف عنا هذا العدوان، ولتحفظ لنا- كشعبٍ يمنيٍ- حريتنا وكرامتنا واستقلالنا، هل هناك أحد سيفعل لنا ذلك، مَن؟ أمريكا! أمريكا هي الشر، هي الخطر على العالم بكله، الكل يصيح منها، من غطرستها، من جرائمها، من وحشيتها، من مؤامراتها، من مكائدها، من نزعتها التسلطية، من طبيعتها الاستعمارية، من سلوكها الاستعماري. مَن؟ إسرائيل! هي العدو. مَن؟ جامعة الدول العربية! أصبحت اليوم جامعة الدول العبرية، أصبحت تتحرك فيما هو لخدمة إسرائيل ومن يوالي إسرائيل، وقل لي قل لي ما فعلته هذه الجامعة للشعب الفلسطيني على مدى كل هذه العقود من الزمن؟! قل لي من هو الشعب العربي الذي أنقذته هذه الجامعة، ودفعت عنه العدوان، وضمنت له حريته واستقلاله، ودفعت عنه الشر والخطر؟! قل لي حتى أين هو دورها الإيجابي في معالجة هذه الفجوة التي تكبر يوماً بعد يوم في واقع شعوبنا وبلداننا العربية؟! قل لي أين هو موقفها الصادق والفعلي في التصدي للقوى التكفيرية التي تعبث بالأمن والاستقرار في كل شعوب المنطقة، وفي كل بلدان المنطقة، بما فيها مِصر التي تعاني معاناة كبيرة من القوى التكفيرية وجرائمها بحق المسلمين في مصر، وبحق المسيحيين في مصر، وبأهداف خطيرة، بأهداف خطيرة جدًّا؟! لا شيء، هذه الجامعة لا يعوَّل عليها، ولا ينتظر منها الخير أبداً، مَنْ؟ من يمكن أن ننتظره هنا أو هناك، روسيا أو الصين؟! دول تشتغل ضمن مصالح لها، وضمن سياسات معينة لها هي المعيار الأساس التي تنطلق على ضوئها لاتخاذ موقفٍ هنا، أو اتخاذ موقفٍ هناك، اليمن ليس في حساباتها هذه. [ مقتبس من خطاب السيد عبد الملك في الذكرى السنوية للصمود1440]