صحيفة الحقيقة العدد”409″:القول السديد :دروس من محاضرات السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله
القول السديد
الأُمَــم المتحدة تؤدي دورَها ونشاطها وفقاً للسياسات الأَمريكية، حتى في المفاوضات في سويسرا السفير الأَمريكي يتصلُ إلَى مبعوث الأُمَــم المتحدة ويقول له: كفى مفاوضات. فيقول: كفى مفاوضات والموعد لفترة أُخْــرَى؛ لِأَن الأَمريكي يريدُ للحرب أن تستمرَّ ويريد للغزو أن يستمر ويريد أن يستمر نزيفُ الدم اليمني وأن تُسفك المزيد من الدماء اليمنية؛ لِأَنه يعادي هذا الشعب ويعادي كُلّ الأحرار والشرفاء في العالم.
من المعني بتحقيق العدل ورفع الظلم عن كاهل الأمة؟
عندما نتأمل الواقع الذي نعيشه كأمة مسلمة وكشعوب مسلمة المظلومية الكبيرة التي نعاني منها في فلسطين وفي غير فلسطين في ميانمار في اليمن في العراق في دول كثيرة ظلمت وعانت بفعل هذا الطرف أو ذاك وكل الأطراف تلك من ورائها أمريكا وإسرائيل لو نأتي لنقول من المعني برفع الظلم عنا من هو المعني من الذي ننتظر منه أن يؤدي هذا الدور؟ من المعني بإقامة العدل فينا حتى ننعم بالعدل حتى نتخلص من الظلم في ساحتنا العربية والإسلامية؟ هل مثلا نعول على الأمم المتحدة وننتظر لها أن تكون جهة تأتي لتحقق العدل وتقيم العدل وترفع عنا الظلم وتصلح لنا واقع هذه الحياة حينها كمن يعلق أمله على سراب كالذي يطلب السراب يريد أن يشرب منه وهو ليس ظامئ هو ظامئ وليس الذي يراه إلا سرابا ليس ماءً القضية واضحة جدا.
القرآن الكريم يعلمنا الله فيه بأن المسؤولية في إقامة العدل وتحقيق العدل وتحقيق القسط في هذه الحياة هو نحن المسلمين الذين آمنوا الناس هذه مسؤوليتهم لا يمكن أن يتطلعوا إلى قوى الشر لتكون هي قوى تحقق الخير والعدل في هذه الحياة ولا يمكن حتى أن يتنظروا من الله سبحانه وتعالى أن يقوم هو بما هو مسؤولية عليهم مسؤولية هي عليهم جزء من التزاماتهم الدينية والإيمانية والعبادية يتعبدون الله بها الله غني ليس بحاجة إلى ذلك ولا يمكن أن يتدخل بشكل مباشر ليقوم هو بمسؤولياتنا العملية والتزاماتنا الدينية بدلا عنا ماذا يعني ذلك هو الرب جل شانه هو الملك والخالق وليس هو المأمور الذي تصل إليه الأوامر وينفذ نحن من علينا ذلك ولهذا لا يمكن مثلا أن ننتظر ليوم من الأيام نستيقظ فيه فجرا أو في الصباح الباكر فإذا بالأرض قد امتلأت عدلا وزال عنها كل ظلم وجور وكل طغيان وإجرام وصلحت أمور الحياة كيف تدخل في الليل والناس نيام وأصلح الله كل شيء، لا، المسألة ليست كذلك أبدا الله جل شأنه يقول[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ] يقول هو جل شأنه [لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ] الناس هم المعنيون بإقامة القسط مسؤولية عليهم يدخل ضمنها الكثير من الأعمال من الجهود والأنشطة من الاهتمامات العملية وتحتاج قبل ذلك أن تكون ضمن اهتمامات الناس على المستوى التثقيفي والتعليمي وعلى المستوى التربوي وأن تكون جزءًا رئيسيا من برنامجهم العملي في هذه الحياة وجزءًا أساسيا من التزاماتهم الدينية في هذه الحياة كما هي الصلاة كما هو الصيام كما أي التزام ديني آخر، فالمسألة مرتبطة بأدائنا وكما قلنا يتضح أصالة هذا الموضوع بالنظر إلى حضوره الواسع في النصوص القرآنية في آيات الله في أوامر الله الكثيرة جدا بهذا الشأن في مئات الآيات في القرآن الكريم وبأكثر حتى من الصلاة آيات أكثر بكثير ثم في حركة رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله الذي كان جزء كبير من أعماله واهتماماته وأنشطته وبرنامجه وحركته جهاد وأمر بالمعروف ونهي عن منكر وما يتصل بذلك إقامة للعدل أم إلى آخره، حركة واسعة مساحة واسعة في حركة رسول الله في حياة رسول الله في أعمال رسول الله في جهود رسول الله في اهتمامات رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله كماهي واضحة جدا وحاضرة في سيرته في ما عبر عنه القرآن وفيما رواه التاريخ فكيف غابت كيف غابت على مدى زمن طويل لدى فئات واسعة من أبناء الأمة لا أقل غابت لدى الجميع لدى فئات واسعة من أبناء الأمة وإلى اليوم الحال هو نفسه لا يزال الكثير من أبناء الأمة كثير من الشعوب كثير من البلدان كثير من المناطق حتى في القطر الواحد مثلا عندنا في اليمن ليست كل منطقة يحظر فيها في العام التثقيفي والتعليمي والتربوي الحديث عن هذه المسألة الدينية المهمة كماهي في القرآن كماهي في حركة رسول الله وسيرة رسول الله وأعمال رسول الله وأقوال رسول الله صلوات الله عليه وآله هل هي حاضرة بمستوى أهميتها بمستوى حضورها في القرآن بمستوى حضورها في السيرة النبوية ؟ لا، غائبة إلى حد كبير جدا بل عندما غابت إلى حد كبير جدا في الساحة الإسلامية وصل الحد إلى أن يكون أي تحرك يخالف هذا المزاج العام مستغرب لدى الكثير من الناس وغير مرغوب فيه غير مرغوب فيه في بعض المناطق لا يرغب الناس حتى أن يسمعوا كلاما في هذا الشأن حتى أن يسمعوا آيات من القرآن الكريم حتى أن يسمعوا مثلا سورة الصف أو أن يسمعوا سورة التوبة أو أن يسمعوا سور من القرآن الكريم تتحدث عن هذه المسائل بشكل واسع، ليس عندهم رغبة أبدا بهذا الشأن.
مصير المتطلعين إلى الأمم المتحدة
الأمم المتحدة ليس لها حتى صلاحية لنفسها تعطي نفسها صلاحية أن تكون قراراتها كأمم متحدة ملزمة أو أن تكون فيها أطراف تتجه بجدية كبيرة جدا لإحقاق حق ما أو لدفع ظلم ما أو لإقامة عدل هنا أو هناك لا تمتلك العدالة لا في آلية عملها ولا في قدرتها ولا في اتجاهاتها دول كثيرة عندما تجد إلى واقع هذه الدول متفرقة جزء منها ظالم وجزء منها مظلوم والظالم هو ذلك الظالم الذي لا ننتظر منه أن يقيم العدل والمظلوم هو ذلك الضعيف المغبون الذي ليس له هناك في تلك المؤسسة الدولية صلاحية أن يفرض شيئا أو يقرر شيئا، ماذا فعلت الأمم المتحدة للشعب الفلسطيني على مدى 70 عاما فأكثر؟ ماذا فعلت؟ لا شيء ومظلومية واضحة جدا مجلس الأمن نأتي إلى مجلس الأمن أبرز الدول الأساسية التي لها أعضاء دائمون في مجلس الأمن هي ما يعبر عنها بالدول الكبرى يعني ذات النفوذ الأوسع في الأرض في العالم في الواقع البشري من حيث قدرتها العسكرية ومكانتها السياسية وكذلك إمكاناتها الاقتصادية بنفوذها الواسع بثقلها الاقتصادي والسياسي بقدرتها العسكرية تصبح ذات نفوذ كبير في الساحة العالمية يأتي في الترتيب لهذه الدول رقم واحد أمريكا ماذا تنتظر يعني من أمريكا أن تقيم العدل وهي منبع الظلم منبع الشر منبع الإجرام تأتي لتنتظر الأمريكي ليقنع بقية أعضاء مجلس الأمن يقنع البريطاني يأتي البريطاني الذي كان المستعمر ما قبل الأمريكي وورث عنه الأمريكي دور الاستعمار للشعوب ولاضطهاد للمستضعفين والتآمر على الشعوب المستضعفة السيطرة عليها ونهب ثرواتها والتلاعب بأوضاعها تأتي إليهم إلى الأمريكي والبريطاني ومن معهم مع الأمريكي والبريطاني ليقيموا عدلا هنا أكبر من ساند الكيان الإسرائيلي في فلسطين من هو أولا من عمل كل ما يلزم لإنشاء هذا الكيان على أرض فلسطين هو بريطانيا ورثت أمريكا الدور عن بريطانيا في تقديم رعاية شاملة وكاملة وحماية للإسرائيلي من بعد البريطاني دور لعبه الأمريكي فكيف تنتظر من الأمريكي عندما تتأمل هذه الأيام ما يفعله ترامب بشكل مباشر أمريكا تتدخل بشكل مباشر ضد الشعب الفلسطيني تصبح شريكا مباشرا لإسرائيل في الأذى للشعب الفلسطيني في مصادرة أراضي الشعب الفلسطيني في استهداف المقدسات فلسطين في التآمر على الشعب الفلسطيني بكل أشكال التآمر ليس فقط دور الحماية والدعم المفتوح لصالح الكيان الإسرائيلي بل إلى جانب الدعم المفتوح والكبير للكيان الإسرائيلي التدخل المباشر والعمل المباشر مع الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني هل يمكن أن تقول عن أمريكا راعية السلام أم منشأ الفتن والعدوان والإجرام؟ نأتي إلى مظلوميتنا كشعب يمني من الذي يشرف على هذا العدوان ويرعاه ويبرره ويوفر له كل أشكال الحماية والدعم والغطاء السياسي ويقدم له الدعم اللوجستي ويشترك فيه على مستوى التخطيط والتدبير والإشراف بكل أشكاله وعلى مستوى التدخل المباشر في كثير من الأحيان الأمريكي ويأتي وزير الخارجية الأمريكي قبل أيام ليتحدث في الكونجرس ويقدم شهادة يشهد هو على أن هذا العدوان يتحاشى إلى حد كبير استهداف المدنيين في ظل عدد هائل جدا من الجرائم في ظل جرائمه اليومية بحق المدنيين بحق المصالح العامة بحق الشعب اليمني في كل أشكال وأنواع حياته ومقدراته ومتطلباته كل أشكال الضرر تحصل بهذا الشعب من جانب أمريكا بالدرجة الأولى قبل أن تكون السعودية التي هي مجرد أداة النظام السعودي الذي هو مجرد أداة والنظام الإماراتي الذي هو مجرد أداة كذلك بيد الأمريكي.
[ مقتبس من المحاضرة السابعة للسيد عبد الملك في ذكرى الهجرة 1440هـ]