صحيفة الحقيقة العدد”395″:القول السديد :دروس من خطاب السيد القائد عبدالملك الحوثي يحفظه الله بمناسبة اليوم الوطني للصمود 26/ 3 / 2020م]
القول السديد
أؤكِّد لشعبنا العزيز أنَّ يثق بنصر الله وبالفرج، وأنَّ لكل هذه الشدائد نهاية، وأنَّ للصبر والعمل والتضحية والعطاء والتقوى عاقبة حميدة، وعاقبة سعيدة، وعاقبة عظيمة يحددها الله -سبحانه وتعالى- من إليه وحده يرجع الأمر كله، ترجع الأمور، كما قال -جلَّ شأنه-: {وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}[الحج: من الآية41]
ثمرة الصمود واستمرار المسار التصاعدي
الحالة الراهنة التي وصل إليها تحالف العدوان- وبالإجماع- هي حالة فشل، وصلوا إلى مأزق حقيقي، وإلى فشلٍ واضح، هذا أمرٌ مجمعٌ عليه، ويعترفون به، ويعترف به الخونة من أبناء بلدنا، ويعترف به العالم، تحالف العدوان تكبَّد الكثير والكثير من الخسائر في كل المجالات: على المستوى العسكري، على المستوى الاقتصادي… على كل المستويات، واعترف حتى بهزائمه على المستوى الإعلامي، في كل مسارٍ من المسارات، في كل جبهةٍ من الجبهات: السياسية والإعلامية، والعسكرية، والاقتصادية، أخفق إلى حدٍ كبير، وفشل فشلاً ذريعاً، وتكبَّد الخسائر الكبيرة.
ولذلك عندما نأتي إلى ثمرة هذا الصمود، وجدوائية هذا الصمود، نجد أنَّ الله -سبحانه وتعالى- قد منَّ علينا كشعبٍ يمني بمعونته العظيمة، وتأييده الكبير، وتوفيقه الكبير، هذا الصمود الذي كان ضمن مسارٍ تصاعدي منذ بداية العدوان وإلى اليوم وبوضوح، وحقق أهدافاً مهمة، ونتائج عظيمة، أولها: التماسك، كان العدوان يسعى ويهدف إلى أن يوصلنا إلى الانهيار التام في وضعنا الداخلي، أن تنهار كل مؤسسات الدولة، أن تنهار في واقعنا الشعبي كل البنية الشعبية المتلاحمة، أن يوصلنا إلى تفككٍ تام، المكونات السياسية، والمكونات الاجتماعية، أن يوصلنا إلى الانهيار التام؛ بما يساعده في نهاية المطاف على السيطرة التامة، وكانت كل عملياته العسكرية، وكل أنشطته المتنوعة، كل وسائله العملية، كل مؤامراته التي تحرَّك بها، واشتغل عليها لتحقيق هذا الهدف: أن يصل بنا إلى الانهيار التام في مؤسسات الدولة، في واقعنا الاقتصادي، كان يريد لنا انهياراً تاماً في وضعنا الاقتصادي، كذلك في وضعنا وواقعنا المجتمعي، في تماسكنا الداخلي، ولكنه فشل.
في البداية بحمد الله وأول نتائج هذا الصمود، وثمرات هذا الثبات، كان هو التماسك، تماسك مؤسسات الدولة، تماسك المجتمع في بنيته الداخلية، تماسك المكونات الجادة والصادقة في تعاونها وفي موقفها ضد هذا العدوان، وكذلك تماسك المجتمع كمجتمع، وهذه نعمة كبيرة، نعمة كبيرة؛ لأن العدو عمل عملاً كبيراً، ليس بالقليل ما فعله في سبيل أن يصل بنا إلى الانهيار التام، وبقي لنا حتى على المستوى الاقتصادي، بقي لنا من التماسك ما ساعدنا على هذا الثبات، وعلى هذا الصمود، وعلى هذه الاستمرارية، وهذه نعمةٌ عظيمةٌ من الله -سبحانه وتعالى-.
استمر الدعم للجبهات، في كل هذه الخمس السنوات لم يتوقف الدعم والمساندة الشعبية من أبناء مجتمعنا للجبهات، الرجال استمروا بالذهاب إلى الجبهات، التحشيد والرفد من الأبطال والشرفاء والأحرار، النزول الميداني للرجال إلى الجبهات استمر في كل هذه الخمس السنوات، مع ما مررنا به من منعطفات حسَّاسة وخطرة جدًّا، ومن عمليات كبيرة أعدَّ لها تحالف العدوان لتحقق أهدافاً خطيرة، يسعى من خلالها إلى الاختراق إلى مناطق مهمة، أو إلى إسقاط محافظات مهمة، أو لتحقيق إنجازات نوعية، فكان يفشل، أولاً: بثبات المرابطين، وثانياً: بالدعم المستمر الذي كان يترافق مع كل منعطفٍ حسَّاسٍ وخطر، فاستمر الدعم للجبهات بالرجال، واستمرت القوافل من عطاء أبناء هذا الشعب، سيما الذين تحلو بالمسؤولية من أبناء هذا البلد، فقدموا من كل ما يمتلكونه، حتى من الأسر الفقيرة التي كانت تقدِّم كل ما تستطيع أن تقدِّمه لدعم الجبهات، والقوافل في كل هذه السنوات لم تتوقف، وكانت مواكبة، ولا زالت مواكبة، وتشهد على عطاء أبناء هذا الشعب؛ لأنه عطاء من ظروف صعبة، ومن ظروف اقتصادية معروفة، من معاناة حقيقية، فاستمر العطاء، واستمر الدعم للجبهات.
مسارنا التصاعدي يفرض معادلة توازن الردع
فهذا المسار التصاعدي الذي أوصلنا اليوم إلى موقع متقدِّم في القدرات العسكرية، في التماسك الداخلي، في الضربات النوعية، في العمليات الميدانية الواسعة، وأوصلنا إلى وضعٍ إيجابي على مستوى التماسك الاقتصادي، على مستوى مسارات بناء مؤسسات الدولة، على مستوى تعزيز الأخوة في الداخل، والتكافل الاجتماعي في الداخل، على مستوى تحسين كل مسارات العمل، على مستوى تعزيز حالة الأمن والاستقرار في الداخل، والجهود الكبيرة والناجحة للأجهزة الأمنية في تثيبت هذا الاستقرار، وتحقيق هذا الاستقرار في الداخل، مع أنها تواجه حرباً شرسة، وهي في الوقت الذي تواجه هذه الحرب الشرسة ذات الطابع الأمني، التي سعى العدو من خلالها لتفكيك الجبهة الداخلية من الداخل، وسعى من خلالها إلى كثيرٍ من الأعمال التخريبية والإجرامية، وفشل بفضل الله -سبحانه وتعالى- وبجهود الأجهزة الأمنية التي تقوم بواجبها في التصدي لهذا النوع من العدوان، وتسهم في نفس الوقت في كل جبهات القتال.
الأجهزة الأمنية ومنها وزارة الداخلية لها مشاركات مباشرة: على مستوى المرابطة في الجبهات، وعلى مستوى المشاركة في العمليات الميدانية، وهي في نفس الوقت حاضرة في كل المناطق التي هي في إطار بلدنا خارج إطار الاحتلال، حاضرة باهتماماتها الأمنية، بحفاظها على الأمن والاستقرار، وتحقق نتائج مهمة، وإنجازات كبيرة في هذا السياق.
فهذا المسار التصاعدي أوصلنا إلى موقع مهم جدًّا، موقع الانتصارات موقع تثبيت معادلات، وفرض توازن الردع، وهذا موقع متقدِّم جدًّا في المعركة، من الظروف التي كان البلد فيها في بداية العدوان يعاني معاناة كبيرة، وبدأت كل المسارات من نقطة الصفر، مسار بناء القدرات العسكرية بدأ من نقطة الصفر، مسار ترتيب الوضع العسكري وبناء التشكيلات العسكرية بعد أن شهدت المؤسسة العسكرية في البلد ما يشبه حالة الانهيار التام؛ لظروف معروفة من السابق، ومشاكل كثيرة من السابق، الوضع الأمني… كل شيءٍ في البلد في بداية العدوان وفي كل مجال: على المستوى الاقتصادي، وعلى المستوى العسكري كانا على شفا الانهيار، وكانت الوضعية- بحد ذاتها- مطمِعة للعدو؛ لأنه سيصل إلى تحقيق أهدافه سريعاً، وأنه يرى الظروف الداخلية لبلدنا في كل المجالات مهيأة، وغير جاهزة لمواجهة عدوان بهذا الحجم، بهذا المستوى الهائل، بتلك الإمكانيات الهائلة، بذلك الدعم الدولي والغطاء الدولي الواسع، مع ما عاناه شعبنا من الخذلان، المجتمع الدولي كان مسانداً لهذا العدوان، مختلف الدول إن أطلقت مواقف؛ تطلق مواقف معينة ومحدودة في معظم المراحل الماضية، ولكنها عملياً كانت تقف إلى جانب هذا العدوان بأشكال متنوعة ومتعددة: الدعم السياسي في مجلس الأمن والأمم المتحدة، البيع للسلاح، مؤخراً لا بأس هناك مراجعة للمواقف في بعضٍ من الدول، وهذه المراجعة هي نتيجة لما يشاهدونه من صمود وتماسك هذا الشعب، ومن قراءة لمآلات ومسارات الأحداث ونتائجها وعواقبها، جعلت البعض اليوم يراجع حساباته، وجعلت البعض من الدول تراجع أيضاً مواقفها، وتحاول أن تحتفظ لها بخيوط من التواصل، وأن تمهد لنفسها فيما إذا فشل هذا العدوان أن تقدِّم نفسها بصورة مختلفة، وأنه كان لها مواقف إيجابية ولو بمستوىً معين، بمستوى تصريحات معينة، أو توقيف في الآونة الأخيرة لبيع السلاح… أو نحو ذلك. هذا الصمود العظيم مثمر، هذه النتائج نتائج عظيمة، نحن نحمد الله ونشكره عليها، وهذه الثمرة لكل ذلك العطاء، لكل تلك التضحيات من خيرة أبناء شعبنا، من خيرة رجاله، هذه التضحيات وهذا العناء في نهاية المطاف أثمر هذه الثمرة المهمة.
اليوم باتت الصواريخ البالستية، وباتت كذلك الطائرات المسيَّرة في مداها البعيد، وفي دقتها في الاستهداف والإصابة، وفيما تمتلكه من قدرة تدميرية، في مستوى أن ثبَّتت توازن الردع ما بيننا وبين تحالف العدوان، وهذا ما لم يكن يتوقعه أحد، تحالف العدوان لم يكن حتى يخطر ببال قادته أنَّ النتائج ستصل إلى هذا المستوى.[مقتبس من كلمة السيد بمناسبة اليوم الوطني للصمود 26/ 3 / 2020م]