صحيفة الحقيقة العدد”388″:القول السديد :دروس من خطابات ومحاضرات السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله
القول السديد
الشعب الذي يقدس الشهادة في سبيل الله تعالى، وفي الحفاظ على حريته، واستقلاله، وكرامته، ومواجهة المعتدين عليه، هو الشعب الجدير بالنصر في نهاية المطاف، وبحسن العاقبة التي وعد الله بها عباده المستضعفين، وهو الشعب الذي لا ينحني للطغاة، ولا يركع للجبابرة، ولا تنكسر إرادته مهما كانت التحديات، ومهما بلغت التضحيات، فبالصبر والتضحية، يصنع له ولأجياله مستقبلا كريما وعزيزا ومزدهرا بإذن الله.
لا خيار أمامنا بحكم هويتنا وديننا إلا مواجهة العدوان بكل ما أوتينا من قوة
[ مقتبس من خطاب الذكرى السنوية للشهيد 1438هـ]
نحن في هذا البلد خيارنا في مواجهة العدوان نابع من هويتنا ومبادئنا وقيمنا ووعينا بطبيعة المعركة وأهدافها والوعي بمغبة وخطورة التهاون ونحن نواجه هذا العدوان لم يكن أبدا أمامنا من خيار إلا أن نبذل كل جهدنا وأن نتصدى بكل ما أوتينا من قوة، لهذا العدوان الغاشم الظالم الخطر، لأهدافه الخطرة، لممارساته الفظيعة والإجرامية، لكل ما يريده في بلدنا، ونحن كشعب يمني مسلم انطلاقا من هويتنا، انطلاقا من إرثنا الحضاري والتاريخي، انطلاقا من مبادئنا وقيمنا العظيمة، تحركنا باعتمادنا على الله سبحانه وتعالى، بتوكلنا عليه، برهاننا له، ونحن نعي هذه المعركة، مستوى العدوان مستوى إمكانياته ومستوى نفوذه مستوى تسلطه، لا يؤثر فينا ولا يكسر من إرادتنا، ولا يضعف من توجهنا، ولا يدفعنا في يوم من الأيام ولا في لحظة من اللحظات، ولا حتى أن يخطر في بالنا كخاطرة أن نفكر في التراجع، أو أن نفكر بالاستسلام، أو أن نقبل بالهوان، أو أن نستسلم أو نذل، أبدا، لماذا؟ بحكم هويتنا، بحكم ديننا وأخلاقنا ومبادئنا، بحكم إرثنا التاريخي وحضارتنا الضاربة جذورها في الأعماق، قوم ثابتون، قوم لنا هوية لنا مبادئ لنا قيم لنا وأخلاق.
مكاسب الصمود والثبات
وبالتالي نحن تحركنا بفضل الله ـ سبحانه وتعالى ـ لمواجهة هذا العدوان، بجدوائية وبفاعلية، وبثمرة واضحة لصمودنا، وتضحياتنا، وثباتنا، ويمكننا أن نسرد بعضا من هذه الحقائق والمكاسب:-
المكسب الأول: نحن اليوم كشعب يمني بصمودنا وثباتنا أكثر شعورا بحريتنا وعزتنا وكرامتنا أكثر من أي وقت مضى، وتجلى في واقع شعبنا مصداقية الهوية والانتماء، وأصالتنا والامتداد لهذه الأصالة، بحمد الله من نتائج صمودنا في مواجهة هذا العدوان نحن نعيش حالة الحرية نحن نترجم حالة الكرامة، نترجم حالة الإباء والعزة، عملا وموقفا، وتحركا ملموسا.
أول مكسب من مكاسب الصمود أننا مارسنا حريتنا ومارسنا وترجمنا العزة التي ننتمي إليها من واقع نعيشه، اليوم نستطيع أن نقول حتى لرسول الله محمد (صلى الله وسلم عليه وعلى آله): [يا رسول الله لم يخب ظنك في هذا الشعب، ولن يخيب إنشاء الله وبتوفيق من الله] يوم قلت عنه: ((الإيمان يمان، والحكمة يمانية)) يا رسول الله، الإيمان يمان، إيمان هذا الشعب تجلى في صموده، ومن أعظم ما يمكن أن يتجلى فيه الإيمان هو الصمود في مواجهة الطاغوت، ومقارعة الاستكبار، انظروا إلى الشعب كم هو عزيز بعزة هذه الإيمانية الناشئة عن إيمانه، عن قيمه، عن أخلاقه عن قيمة وجدانه الإنساني، وفطرته الإنسانية، انظروا كيف أنه لم يركع أبدا لكل قوى الطاغوت بالرغم من كل ما تفعله، بالرغم من حجم هذا الاستهداف، ومستوى هذا العدوان، فهذا أول مكسب وأول ثمره من ثمرات الصمود، مكسب مبدئي، مكسب معنوي، مكسب أخلاقي، مكسب ديني، ما بيننا وبين الله ـ سبحانه وتعالى ـ مكسب عظيم نفاخر به بين كل أمم الأرض.
لو كان خيارنا الذل والاستسلام حينما بدأ العدوان بجبروته، ووحشيته، وطغيانه يقصف القرى والمدن، وقمنا برفع أيدينا إلى الأعلى استسلاما، وقبلنا بالهوان كيف كنا سنقول ونتحدث مع أجيالنا الآتية؟ لأورثنا الذل لأجيالنا القادمة، ولكنا مسبة الدهر، ولكنا أيضاً بين الأمم عارا عالميا، وعارا أبديَّا، ولألصقنا بأنفسنا العار مدى الدهر وبين كل الأمم، ولكن بحمد الله، بتوفيق الله بهداية من الله، بمعونة الله ـ سبحانه وتعالى ـ وفقنا الله للصمود، والصمود المشرف، والصمود الفاعل والمؤثر، هذا أول مكسب وهو مكسب لا يساويه أي مكسب آخر، أكبر مكسب وأعظم مكسب أننا مارسنا حريتنا، ومارسنا وترجمنا العزة التي ننتمي إليها من واقع نعيشه، وإلى مواقف نقفها، إلى أعمال ميدانية، إلى صمود ترجمه الواقع.
المكسب الثاني: شعبنا اليمني ألحق بقوى العدوان ومرتزقتهم خسائر فادحة وجسيمة.
ثم كذلك الأمر الآخر الذي يثبت جدوائية هذا الصمود، والذي هو ثمرة من ثمرات هذا الصمود، أن شعبنا العظيم في صموده، وثباته، وتصديه لقوى العدوان، ألحق بها وبمرتزقتها خسائر جسيمة وفادحة، الآلاف المؤلفة من القتلى، وعشرات الآلاف من الجرحى، الآلاف قتلوا بينهم الكثير والكثير من قياداتهم، من شخصياتهم الفاعلة التي يعتمدون عليها، ويراهنون عليها، ولها أهميتها بالنسبة لهم،
كما تمكن شعبنا العزيز بصموده في ميدان القتال، ـ بفضل الله تعالى ومعونته ـ من إسقاط عدد من الطائرات، على رأسها الأباتشي المعروفة بمنعتها العسكرية، ومقومات حمايتها، وبأهميتها على المستوى القتالي، كما تمكن أيضاً في البحر من ضرب البارجات والمدمرات المعتدية وإحراقها، وصدق الله ـ سبحانه وتعالى ـ القائل: { وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ) [النساء من آية104]
المكسب الثالث: شعبنا اليمني أرهق بصموده وثباته اقتصاد دول العدوان.
على المستوى الاقتصادي: باتت تكلفة العدوان مرهقة لقوى العدوان على المستوى الاقتصادي بشكل كبير إلى حد جعل النظام السعودي، ومعه الإماراتي يخرجان من زمن النعمة والرخاء والفائض المالي والميزانيات الاحتياطية، يخرجان من ذلك ويدخلان إلى نفق مظلم من الأزمات الاقتصادية، ودخلوا في سياسات اقتصادية تخلق لهم أزمات، ومشاكل اقتصادية مستقبلية كبيرة، وخطيرة، وخيم الفقر بشبحه على بلدانهم، هذا هو الواقع، الذي يمكن استقراؤه ببساطة بدون مشقة من خلال وسائل الإعلام عن واقعهم الداخلي .
المكسب الرابع: تحقيق خطوات مذهلة في بناء القدرات العسكرية.
رابعا شعبنا اليوم بالرغم من الحصار الشديد، والمعاناة الاقتصادية الشديدة، وظروف الحرب الصعبة، يبني قدراته العسكرية على نحو مذهل، ويحق لكل الناس، في كل الدنيا أن يندهشوا، وتمكن بفضل الله تعالى من قطع شوط مهم وكبير، وعلى رأس هذه القدرات، القدرة الصاروخية اليوم يعتبر هذا إنجازا كبيرا بكل الاعتبارات، وبكل المقاييس، إنجاز بهذا المستوى، في مثل هذه الظروف، في هذا الواقع، يعتبر فعلاً: من صناعة المستحيل! الذي تحول ممكناً بالاعتماد على الله ـ سبحانه وتعالى ـ.
المكسب الخامس: المقاتل اليمني صقل مهارته واكتسب الخبرات القتالية العالية.
خامسا: من مكاسب هذا الصمود الأسطوري، يكتسب مقاتل هذا الشعب، وأبطاله في الميدان، الخبرات القتالية العالية في مواجهة المخططات، والمؤامرات، والعمليات العسكرية التي يديرها اليوم أمهر وأقدر الخبراء العسكريين لدى الأعداء، وهم على مستوى العالم، يعني: العدوان علينا اليوم تديره أمريكا، غرف العمليات التي تدير العمليات العسكرية، والضربات العسكرية على بلدنا، فيها الخبراء الأمريكيون أمهر وأقدر الخبراء الأمريكيين، وكذلك فيها الخبراء الإسرائيليون، وجادوا للنظام السعودي ولقرن الشيطان في هذا العدوان ـ لأهمية المسألة عندهم ولعدائهم للشعب اليمني ـ بأمهرهم خبرةً، وأكثرهم قدرة عسكرية،لكن اليوم يكتسب أبطال الجيش وأبطال اللجان الشعبية يكتسبون من الميدان من أعظم مدرسة يكتسبون خبرات عالية ويحققون نجاحات كبيرة، لولا هذه النجاحات وبعون الله وفضل الله لكان العدوان حسم أمره منذ البداية إذاً فالمواجهة لطرف قوي لديه أمهر الخبرات العسكرية، وأكبر القدرات العسكرية هذا يصنع منك قويا، هذا الذي يجعل منك قويا ليست القوة أن تقاس بمقاييس أن تكون قويا عندما تواجه ضعيفا مستفيدا من ضعفه، أنت قوي في صمودك في مواجهة القوي، أنت قوي وأنت تسعى على الدوام لبناء واقعك وقدراتك لتكون قويا في المواجهة مع من ترى فيهم بإمكاناتهم وخبراتهم على أنهم أقوياء، هذا فعلا يساعد بشكل كبير وإيجابي يعني كثير من الأمور لها سلبيات ولها إيجابيات ولها حسنات.
ومن حسنات هذا العدوان يساعد على بناء القدرات والخبرات اللازمة، ونزداد به قوة واقتدار في مواجهة التحديات الكثيرة وهذه مسألة في غاية الأهمية، مسألة مهمة جدا.
.