صحيفة الحقيقة العدد “386”: :ثقافة قرآنية :كلمات من نور : دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه
كلمات من نور
ثقافة الشهادة تحرر الأمة من قيود الخوف وتجعل منها أمة شجاعة لا ترهب الأعداء
أنت تكون شهيداً حينما تلقى اللهَ وأنت في هذا النهج وهذا الطريق: نهجَ الخضوع لله وحدَه, واستسلام لله وحدَه، ألّا يستعبدك أحدٌ من دون الله، أن تقفَ في وجه من يريدون استعبادَك وقهرك وظُلمَك والطغيان عليك والتجبر عليك والاستكبار عليك، أنت ومَن معك من المستضعفين، هنا الشِّهَـادَة، هنا ترتقي شهيداً، لك مجد وخلودٌ وشرفٌ دائم، لك هذه المكانة العالية عند الله، فلا يقال عنك إنك في عدادِ الأموات
سبيل الله طريق العزة والكرامة
التحرك في سبيل الله هو تحرك في الطريق التي رسمها الله سبحانه وتعالى لنسير عليها كبشر هي طريق عزة، طريق كرامة، طريق تحرر من كل عبودية لما سوى الله سبحانه وتعالى، تحرر من العبودية للطواغيت، طريق لا نكون فيها عبيدا إلا لله سبحانه وتعالى، نكون فيها أحراراً أعزاء كرماء، نحظى بالعدل نحظى بالرعاية الإلهية نحظى بالكرامة، طريق رشد وصواب وخير وحق وفلاح، طريق نرشد فيها في دنيانا هذه وفي مستقبلنا الأبدي في الآخرة، ولذلك يقول القرآن الكريم (ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) [التوبة – 41] ليس فيها شيء يعود إلى الله يمثل خدمة له أو جميلا إليه , هو الغني جل شأنه ولذلك قال (وَمَن جَـ’هَدَ فَإِنَّمَا يُجَـ’هِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَـ’لَمِينَ) [العنكبوت – 6].
في طريق الجهاد والاستشهاد ندفع عن أنفسنا الشر العبودية للطاغوت الإذلال القهر الامتهان، ونحقق لأنفسنا الخير، العزة، الكرامة، الفلاح، الحياة الطيبة إلى آخره..
أهمية الشهادة
ولذلك ندرك قيمة الشهادة في سبيل الله، في ما تمثله من قيمة معنوية مهمة وتضحية وعطاء في مستوى القيمة المهمة لهذا الإنسان، ثم ندرك أيضاً أهمية هذه الثقافة وأهمية حمل هذه الروحية في ما تتركه من أثر كبير على المستوى المعنوي في نفوس الناس، فتحررهم من أغلال الخوف ومن قيود المذلة، وتجعلهم يتحركون في الميدان للتصدي لأعدائهم لقوى الشر لقوى الإجرام، لقوى الاستكبار، لقوى الطغيان بكل عزة بكل شجاعة بدون أي خوف، ليسوا مكبلين بالخوف من الموت لأنهم يحظون بالبديل عن الموت الذي هو الشهادة، وهم يدركون قيمة هذه الشهادة وما تصنعه من أثر في واقع هذه الحياة، في ما يكتبه الله للأمة التي قدمت شهداء، وما يكتبه الله للشهداء في أمتهم ثمرة من ثمار عطائهم وتضحياتهم، يدركون هذه القيمة هذه الأهمية هذه الثمرة هذه النتيجة الطيبة هذا الأثر العظيم في واقع الحياة هنا في الدنيا.
مكانة الشهداء (أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ)
و للشهادة فضل ومنزلة رفيعة عند الله سبحانه وتعالى يحظى به الشهداء، لدرجة أنهم لا يتجهون نحو الموت لا ينتقلون إلى الفناء، إنما ينتقلون إلى حياة تكريما لهم فيما يدل على عظم هذه التضحية، قيمة هذه التضحية أهمية هذه التضحية، كيف يقابلها الله سبحانه وتعالى بهذا الفضل العظيم أن ينتقل الشهداء إلى حياة حقيقية عند الله سبحانه وتعالى كما قال في كتابه الكريم: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ) [آل عمران – 169] هم لم يتجهوا إلى حيث الفناء والموت الدائم إلى يوم القيامة، لا، انتقلوا الموت بالنسبة لهم لحظة عابرة وصغيرة، فاصل قصير جدًا جدًا ولحظة عابرة سريعة ينتقلون من خلالها إلى حياة لها هذه الميزة المهمة (بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ) في كل ما يعنيه هذا، هم عند الله هم ضيوفه هم في إطار كرامته ورعايته، لا قلق عليهم لا خوف عليهم، البعض قد يطمئن لأن ابنه أو قريبه ذهب إلى مكان يطمئن عليه فيه عند بعض من أقاربه عند جهة يطمئن عليه أنه سيحظى عندها بالرعاية والاحترام والإكرام والاهتمام، أما هؤلاء فهم عند ربهم حيث نطمئن عليهم كل الاطمئنان، يحظون برعاية خاصة منه جل شأنه في ضيافته تلك الضيافة المستمرة ليست مجرد ضيافة ثلاثة أيام أو وقت محدود ضيافة مستمرة ودائمة، (عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ) يمنحهم الله من أرزاقه فيما يؤكد لنا أنهم يعيشون حياة حقيقية قد تختلف -الله أعلم- في أي التفاصيل عن حياتنا هذه على كوكب الأرض لكنها حياة حقيقية يعيشون فيها هذه النعمة من الله هذا التكريم وحتى الرزق ويعيشون فيها أيضا على المستوى المعنوي والنفسي حالة عبّر عنها فيما يلي حين قال: (عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [آل عمران – 170] يعيشون على المستوى النفسي والوجداني وعلى مستوى الشعور هذه الحالة من الفرح، فرحين، فرحين بما وصلوا إليه فرحين بما هم فيه من النعيم الذي فيه الكثير والكثير مما يفرحهم مما يسعدهم مما يسرهم، فهم يعيشون فيما وصلوا إليه وفي ما هم فيه حالة الفرح حالة السرور حالة النعيم وأيضا فيما وراءهم في مسيرتهم في إخوتهم فيما تركوه وراءهم من أمة مجاهدة من إخوة ورفاق درب لا يقلقون عليهم هم يستبشرون يستبشرون لهم (وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [آل عمران – 170] هم يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم بأنهم قد شاهدوا عندما وصلوا ما هم فيه من النعيم وما أمامهم من الخير، فهم يستبشرون للآخرين أن يلحقوا وأن يصلوا إلى ما وصلوا إليه ليعيشوا معهم ذلك النعيم تلك الحياة الراقية الطيبة التي يعيش فيها الإنسان بدون أي منغّصات.