صحيفة الحقيقة العدد”277″: أقرأ وصية الشهيد أبو شهيد وبعض من مشاهد العيد
وصية الشهيد حسن عبدالله حنين الجرادي (ابوشهيد)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد واله الطاهرين وبعد فهذه وصيتي اخطها الى والدي واخواني وبقية اسرتي كما هي ايضا لإخوتي المجاهدين في سبيل الله
الجزء الاول من الوصية لأهله وذويه :
فلوالدي واخواني وبقية اسرتي اقول عليكم اولا ان تشكروا الله الذي وفقنا جميعا للجهاد في سبيله واختار من اسرتنا شهداء في سبيله , فهذه نعمة كبيرة ومنة عظيمة منه سبحانه وتعالى نقول جميعا امامها (( الحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا ان هدانا الله )) ونقول كما علمنا الله (( رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي وان اعمل صالحا ترضاه وادخلني برحمتك في عبادك الصالحين ))
واعلموا احبتي ان ضمان استمرار النعم ودوامها هو الشكر لله شكرا كما يريد سبحانه من عباده , الشكر العملي .. وان اهم ما يبرهن به العبد لربه على صدق شكره له هو التحرك على اساس توجيهاته واوامره سبحانه وتعالى , لذلك اوصيكم وكلي امل ان تقبلوا وصيتي وان تواصلوا بكل جد واجتهاد السير الحثيث على خط الله وصراطه المستقيم المتمثل في مسيرتنا القرآنية المباركة التي توصل من سار عليها الى رضوان الله وجنته
اوصيكم بالتشبع بثقافة القران هدى الله المتمثل في دروس ومحاضرات السيد حسين بدرالدين والسيد عبدالملك بدرالدين رضوان الله عليهم
اوصيكم ان تربوا اولادي على هذه الثقافة وعلى تربية القران الكريم فهم مسئوليتكم من بعدي وامانة اودعها في اعناقكم .. فالله الله في اولادي شهيد ورهان وبيان علموهم حب الله ورسول الله صلى الله عليه واله واعلام الهدى من ال محمد وثقفوهم بثقافة القران وربوهم بتربية القران
اوصيكم بتقوى الله والتزام طاعته واجتناب معصيته وبالصلاة وايتاء الزكاة وبالإنفاق في سبيل الله وصلة الارحام وحسن الخلق والتعامل الحسن مع كل الصالحين والحفاظ على مبدأ الولاية لله ولرسوله وللإمام علي ولكل اعلام الهدى من ال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم
كما اوصيكم ان تسددوا ديني والذي سأكتبه في نهاية وصيتي
اوصيكم ان تطلبوا لي المسامحة من كل افراد اسرتنا واقاربنا وارحامنا واصدقائي ومن كل الناس الذي نعرفهم
اوصيكم ان تجعلوا من يوم استشهادي يوم عرس وعيد وفرح أكرموا فيه المساكين والفقراء بقدر ما تستطيعون , فلطالما قصرنا بحقهم ايام حياتنا الاولى
اولادي شهيد ورهان وبيان : اوصيكم بالسير على هذا الخط الذي سرت عليه ومواصلة المشوار حتى يأذن الله بلقائنا في مستقر رحمته ان شاء الله , ولتكن حياتكم حافلة بالبذل والعطاء في سبيل الله , واهتموا بقراءة الملازم والتثقف بثقافة القران الكريم وليكن هدفكم الذي تنشدونه هو رضى الله سبحانه
لطالما كنت احلم بحج بيت الله الحرام حتى اني كنت اذا رأيت مكة في التلفزيون ابكي من الشوق ,اذا يسر الله عليكم وتمكنتم ان تحجوا لي فهذا خير ما آمله منكم ولن يضيع عند الله سبحانه وتعالى
اوصي ان تخرجوا مبلغ من المال لسبيل الله على بيتي اذا تمكنتم
الجزء الثاني من الوصية ( ما يخص المجاهدين ) :
اخوتي المجاهدين عليكم ان تشكروا الله الذي وفقكم للجهاد في سبيله واعلموا اخواني ان المجاهد في سبيل الله عندما يتحرك يكون رضوان الله وجنته وما وعد به اوليائه في الدنيا والاخرة نصب عينه والهدف الذي يسعى له وهذا هو السمو النفسي فاحذروا اخواني كل الحذر من الانحطاط والسعي وراء اهداف صغيرة وحقيرة مقابل ما أعده الله لا ولياءه والابتلاءات قائمة
واعلموا اخوتي المجاهدين ان ما يضمن سلامة الهدف والسير في الطريق الصحيح هو الملاصقة الدائمة لهدى الله سبحانه وقراءة الملازم باستمرار فاحذروا التقصير في قراءتها واحذروا من التعامل معها ببرودة فان هدى الله يعتبر اكبر نعمة من الله بها علينا فليكن التعامل مع هذه النعمة تعامل من يقدرها حق قدرها
اوصيكم الاستمرار في قراءتها القراءة الفاعلة والتطبيق لمضامينها والالتزام بها سلوكا وعملا
اوصيكم ان تشكروا الله على نعمة التمكين واستغلاله في اقامة الحق والعدل واماتت الباطل والظلم فذاك نهج مولانا الامام علي الذي قال عندما آلت اليه الخلافة ( والله ان خلافتكم لا تسوى شراك نعلي هذا الا ان اقيم حقا او اميت باطلا )
واحذروا من التغير مع التمكين (( فما عند الله خير وابقى ))
لا تنسوا التذكر لما كنا فيه من الاستضعاف فهذا امر الله لنا جميعا حيث قال (( واذكروا اذ انتم قليل مستضعفون في الارض …الخ )) وليكن تذكرنا وفق آلية عمل كما وجه السيد عبدالملك رضوان الله عليه , كما اوصيكم بأولاد الشهداء واسرهم فهم امانة في اعناقكم
والله الله في القران لا تقصروا في قراءته
والله الله في المستضعفين والمساكين والمحرومين لا تنسوهم
والله الله في اخوة لنا في فلسطين والعراق وكل بقاع الارض يقتلون ويظلمون , حثوا الخطى وواصلوا المسير فهم في انتظاركم
الله الله في المسجد الاقصى فتحريره بانتظاركم فلا يشغلنكم شيء عنه
اوصيكم ان لا تغتروا بكثرتكم وبقوتكم وكونوا دائما ملتجئين الى الله ومستعينين به ومتوكلين عليه فهو وحده ناصركم ومؤيدكم ومعينكم
الله الله في الثوابت والاسس لمسيرتنا القرآنية لا تخلوا بها واعلموا ان الضمانة لعدم الاخلال بها ما قاله رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ( اني تارك فيكم ماإن تمسكتم به لن تظلوا من بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتي ان اللطيف الخبير نبأني انهما لن يفترقا حتى يرد علي الحوض ) صدق رسول الله
كما اوصي اخوتي المجاهدين بالالتزام والانتظام فديننا ارقى نظام عرفته البشرية وابعد ما يكون عن العشوائية وهذه مسئولية الله حملنا إياها حيث قال سبحانه (( ياأيها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله )) صدق الله العظيم فلتقدم شهادة الله على عظمة دينه أنه قسط وعدل ونظام راقيا وخير ورحمة وقيم ومبادئ واخلاق وقوة وعزة وغيرها من القيم التي يرسمها ديننا العظيم
املي كبير فيكم كما هو امل كل شهيد ان تواصلوا المشوار بكل التزام وثبات وتفان وصدق مع الله
كما املي وطلبي دعائكم لي بان اكون مع اولياء الله وانبيائه (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون , فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذي لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون , يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المحسنين )) صدق الله العظيم ,(( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )) صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم حسن عبدالله حنين الجرادي (ابوشهيد)
مشاهِد العيد!
كتب/د/مصباح الهمداني
نظرتُ إلى كفي الأيمن، فرأيتُ فيه آثار النعمة، فقد امتلأ باللحم والشحم، تأملته جيدًا، وجدته ينضح حيوية ونشاط بعدَ أن أكلتُ بهِ في العيد كل ما لذَّ وطاب، وبعدَ أن صافحت به المئات إن لم يكُن الآلاف في أول أيامِ العيد..
وفيما حلَّقتُ ببصري سريعًا؛ على شاشة التلفاز، فإذا بخبرٍ عاجل، يتحدثُ عن بث مشاهدٍ جديدة لمعركة حيران بعد قليل..
تسمرتُ في مكاني، وما هي إلا لحظات ويأتِ البثُّ المسَدَّدْ..
تحت شمسٍ حارقة، تُصارعُ حرارتها نسائم البحر المتدفقة؛ يظهر بضعة أشبال، وقد أرخوا أذرعتهم القوية، في الصحراء الممتدة؛ لكي تتوغل آليات ومدرعات المرتزقة، وبالفعل فقد اطمأنت الآليات، وواصلت سيرها المدرعات، وفوقها عبيد الغزاة يمشطون بأعينهم الخائفة كل الصحراء الممتدة، فلا يرونَ فيها عوجًا ولا أمتا، ولا يظهرُ لهُم عدو، ولا تلوحُ لهم مواجهة؛
وفي لحظةٍ فاصلة؛ تُعلنُ القبضات الحديدية انتهاء الاستدراج، وبدء الانقضاض، وتبدأ الأكف القوية بتسديد طلقاتها المؤيدة، من أماكن متفرقة متباعدة، وتتلقى المدرعات الشاردة، سيولاً من الرصاص التي انهمرت فجأة، وتلحق القاذفات والصواريخ المسددة، فيتشتت جمع الغزاة، وهم يشاهدون مدرعاتهم تحترق بمن فيها الواحدة تلو الأخرى..
تقرر عدد من الآليات الفرار، لكن الصحراء مكشوفة، ولم يعُد هناك من مبنى قريب، أو مزرعةٍ وارفة، ويلوحُ أمامهم هيكلٌ خرساني لمحطةٍ قيد الإنشاء، فيجمعون ما تبقى منهم حوله، لكنه يعجزُ عن إيوائهم، ويعتذر عن حمايتهم، ويكشفهم أكثر مما يخفيهم.. وتلتحق الصواريخ الطائرة، والقذائف العابرة، بالهاربين المرتزقة؛ لتُحيل تجمعهم المدرع إلى هياكلٍ محترقة، وتجعل من أجساد المأجورين، نارًا ووقودًا ملتهبة…
ويفرُّ المحظوظون من جنود الدرهمِ والريال، تاركين خلفهم مدرعاتٍ جديدة، وأطقمًا مدرعة؛
ثم يقتربُ الأشبالُ الأبطال، وبيدِ أحدهم كرتونًا قد أشعله بالولاعة ورماه إلى داخل المدرعةِ الجديدة، لتحترقَ النيران بجوفها، وهو يقول “بحقهم الكراتين”..
وفيما تتناثر أشلاء المدرعات والأطقم في كل مكان، يقفُ بضعةٌ من المجاهدين وخلفهم الحرائق الكبيرة، ويردد أحدهم بحماس، ورباطة جأش، قائلاً:
“والله مهما زحفوا بكل قواتهم، لن يهزوا فينا شعرة”
ويثني آخر بثقةٍ كبيرة، وعزيمةٍ جبارة، مرددا قول الحق سبحانه:
“قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين”
ويسجدُ البقية شكرًا وحمدًا وتعظيمًا وإجلالا لله…
جلستُ حيث أقف…
لأتابِع المشاهِد الحيَّة، والبطولات الربانية، ووجدت شعر رأسي القصير يقفُ مندهشًا لمشهدٍ إيماني آخر؛ فيه من الشجاعة والصبر والبسالة والتسديد والتأييد ما الله به عليم؛
وقد دارت أحداثه في البيضاء، في جبال ناطع الوعرة؛
كان الدواعش بالعشرات في رأس الجبل محصنين ومسيطرين ، وبين أيديهم أحدث ما جلبه السعودي والإماراتي من مصانع أمريكا من قناصات وقاذفات وقنابل ونواظير..
لكنَّ الأسود قرروا الهجوم، وأصروا على الافتراس..
كانت المخاطرة خطيرة، والطريق إلى القمةِ خطرة، لكن الإرادة أقوى، والعزيمة أصلب، والإيمان أكبر، وآيات الله على ألسنتهم تتردد، وفي آذانهم صوت نبي الله محمد، يخبرهم أن الإيمان يمان، وفي دمهم يجري
بأس الكرار، وفي أعينهم بصرُ الحسنين، والعقلُ مليء ببصيرةُ زيد، وبأيديهم سيفُ الأشتر..
كانوا قلَّة، والعدد أقل من الخمسة؛ لكن القلةَ منصورة..
صعدوا كنمورٍ.. كأسودٍ مفترسة، ويدي تمسكُ صدري، كي لا يخرجَ قلبي من شدة ما شاهدت..
اقتربَ الأول من مخبأ أعداء الله المرتزقة، باشرهم برصاصٍ في الرأس، من منطقةٍ لا يفصلها مترٌ واحد، بل حتى شبر واحد، كانت فوهات الرشاش، تلامس رأس كليب بني داعش…
هرب المرتزقة، تركوا رشاشات حمايتهم، وكل عتادٍ حملوه، هربوا.. لكنَّ رصاصَ رجال الأرض، وسهام حماة العرض؛ تلاحقهم، ترديهم.. الواحدَ تلو الآخر، في مشهد لم يحدث حتى في الأفلام، لم يُروى حتى في أوراق خيالات الشعراء..
وبطلُ الإعلام الحربي يلاحقهم؛
يصوِّرُ إقدام الأُسد المنصورة، ويلاحق أقدام الفئران المذعورة، كاد البطلُ من الفرحةِ يبكي، وهو يشاهد آيات الله تتجلى في أبهى صورة، ويهلل ويكبر في إخلاص، وهو يرى المشهد أكبرُ من أن تنقله عدسات الإعلام..
ونظرتُ إلى كفي ثانيةً، ورأيتُ الفرق كبير..
وكبيرٌ جدًا، بين الكف الحبلى بدهون الأرض، وبين أكف عباد الرحمن..
وعزائي أن بَني على الدرب، وأنا إن كنتُ بعيدًا فالقلب إليهم يهفو، ودعاء المسلمُ للمؤمن إيمان..
والله لقد كانوا أكبرُ من كل الأوصاف المروية،
كانوا صورًا حية، لكثير من سور القرآن المنسية…