صحيفة الحقيقة العدد “411″كلمات من نور : دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه
كلمات من نور
وهم من سيدخِّلون من يسمونهم إرهابيين إلى اليمن، قد يدخِّلون أفراداً من [القاعدة] فيبثونهم في مناطق في اليمن، ثم يقولون: هناك في تلك المنطقة واحد من أفراد القاعدة، هناك في تلك المنطقة واحد من تنظيم طالبان، أولئك هم يحتضنون إرهابيين، هم يساندون إرهابيين، اضربوهم!. لن يبقى لليمن أمن ولا إيمان ولا حكمة، نحن نقول عن اليمن: إنه بلد الحكمة بلد الإيمان (الإيمان يمان والحكمة يمانية) لن تبقى حكمة، ولن يبقى إيمان من بعد أن يدخل الأمريكيون. [دروس من وحي عاشوراء]
الإنسان المؤمن يجب أن يكون مستنيراً ومهتماً
الإنسان المؤمن يجب فعلاً أن يكون مستنيراً، وأن يكون مهتماً، ولكن ربما أن الإنسان لا يستطيع أن يصل إلى درجة أن يهتدي بهدى الله، أو يستنير. وكما قلنا في جلسة سابقة حول قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال من الآية: 24) والآية الأخرى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: 186) أن الإنسان يحتاج إلى أن يتوجه إلى الله سبحانه وتعالى، كل واحد منا حتى نستفيد، حتى يهدينا الله، حتى نستنير، أن يتوجه كل واحد منا بنفسه إلى الله سبحانه وتعالى، ويقطع، ويعزم مع الله، ويستعين بالله، ويرجو الله أن يعينه بأن يكون مهتدياً بهديه، بمعنى: أن يعزم فيما بينه وبين الله سبحانه وتعالى أنه سيسير على هدى الله، وأنه مسلِّم نفسه لله، وانه موطِّن نفسه للاستجابة لله، وإلا إذا جلس الإنسان هكذا لا يقطع بهذا الشكل مع الله سبحانه وتعالى، وفعلاً، كما قلنا أكثر من مرة في أجواء من الاستعانة بالله سبحانه وتعالى، من الاستعانة بالله، إذا لم تحصل هذه ربما لو سمعنا أشياء كثيرة، لو لدينا دروس، لو قرأ القرآن علينا عدة مرات ربما لا يترك أثرًا في نفوسنا بالشكل المطلوب. [ الدرس الحادي والعشرين من سورة المائدة صفحة [1] ]
إذا لم ينطلق الناس في موقف معين فقد يبلون بأصعب منه
هذا مؤشر، مؤشر خطير بالنسبة للناس، إذا مثلاً موقف معين لم ينطلقوا فيه قد يبلون بأصعب منه، ما انطلقوا، قد يعاقبون بأن يقحموا في أصعب منه، وهكذا.
في موضوع الجهاد يوجد مثل لهذا:{قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}(الفتح: من الآية16) لم يرضوا يتحركوا أن يقاتلوا أناساً عاديين مثلهم تخلفوا جبنوا, ما كان الموضوع بالنسبة لهم؟ أعني ماذا كانت النتيجة بالنسبة لهم، للمخلفين؟ أن يُقحموا بطريقة لا بد منها واحدة من اثنتين:{تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا}(الفتح: من الآية16) أليس هذا أمراً صارماً؟ ليس لديكم مجال من أن تطيعوا وتتجهوا فعلاً لقتالهم وقدهم {أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} وهم كانوا يهربون من أناس عاديين {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}(الفتح: من الآية16) {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً}(الفتح: من الآية16) بينما العكس متى ما اتجه الناس في قضية، في موقف، هي تبدو سهلة فليفهموا بأنه عندما ينطلقون في هذا السهل يكون بالشكل الذي يسهل العسير فيما بعد، يأتي تدخل إلهي تكون انطلاقتهم في هذا الموضع يعينهم على ما هو صعب فلا يبقى حتى ولا صعب بالشكل الطبيعي، انطلاقتهم في تلك القضية التي تبدو سهلة تساعدهم على أن تبقى القضايا الأخرى تكون أسهل من واقعها, أسهل من واقعها فعلاً .
{قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ}(البقرة: من الآية71) وهو حق من أول كلمة قال لهم:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}(البقرة: من الآية67) ألم تكن حقاً كافياً ؟ {الْآنَ} يعني: من الآن جئت أنت بالحق ! سوف يعتبرون أنفسهم أيضاً أنهم عباقرة وأذكياء، كيف أنهم استطاعوا أن يستخرجوا من موسى تشخيصاً كاملاً للحق! والآن هو رأى الحق، الآن عرف الحق الآن، وأعطانا الحق، {الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}(البقرة: من الآية71) لو يوجد لديهم مجال حول البقرة لوضعوا المزيد من التساؤلات لكن قد انتهت التساؤلات لم يعد لديهم شيء، وإلا باعتبار طبيعتهم لو أنهم وجدوا شيئاً لوضعوا المزيد، وربما أن بعضهم يفكرون في نفس الوقت ماذا يمكن أن يقدم من تساؤل حول البقرة المطلوبة! {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} (البقرة: من الآية71){وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}(البقرة:72ـ73).
ثم إنهم في الأخير اشتروا البقرة هذه كما يذكر المفسرون اشتروها وبثمن غالٍ جداً، وهذا الشيء المحتمل، الشيء المحتمل: أنه فعلاً لا يحصلون عليها إلا بثمن غالٍ؛ ولأنه كلما ظهر التساؤل من جانبهم كلما قدمت البقرة تبدو نادرة، نادرة صاحبها يرى في الأخير ما كأنه يوجد سوى هذه البقرة، ربما قد يصلون إلى بقرة لا يوجد غيرها ويتحكمون كيفما يريدون فيها. [ الدرس الخامس من دروس رمضان من صفحة [1 ــ 4] ]
من لا يصغي ولا يهتم لهدى الله يكون عرضة للتضليل
{أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ}(الأعراف: من الآية148) هنا يبين للإنسان كيف أنه فعلاً في موضوع هدى الله يحتاج إلى إصغاء، واهتمام، ويكون مبنياً على إيمان، والتزام، والذين لا يكونون بهذا الشكل يكونون عرضة لأي تضليل، قوم موسى، يعني ليسوا أناساً من مجاهيل أفريقيا، أو نحوها.. قوم موسى الذين حررهم وهم في مصر، حررهم مما كانوا فيه، وفلق الله لهم البحر، وآيات عجيبة يشاهدونها، ومع هذا ماذا؟ كانت عندهم قابلية أن يضلَلَوا، هو قال:{وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ}(طـه: من الآية85) ألم يقل وأضلهم السامري؟. لاحظ هنا في القضية هذه ألم يحصل مؤاخذة لهم شديدة؟. يوم قالوا:{يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً ..} عندما خرجوا من البحر كانت نفسياتهم ما زالت ثانية، وجههم موسى، وما حصل لهم شيء. هنا قاموا هم بتضليل السامري، وهم يعرفون بأن موسى ما زال حياً وإنما ذهب إلى الجبل، ذهب في ميعاد حدده الله له.
لهذا عندما يكون الإنسان غير مهتم، ولو كان في عصر مليء بالأنبياء، ولو كانت آيات الله تتنزل، ولو يشاهد عصا موسى تتحول إلى ثعبان، إذا لم تبن عليها قاعدة أساسية عندك: التزام، وفهم، ووعي، ستكون عرضة للتضليل، هؤلاء ناس ضُللوا وموسى ما زال حياً، وضللوا بعد أن قضى موسى معهم فترة طويلة في التبيين، وبعدما قد رأوا الآيات الكثيرة.
عندما يقول البعض: إنه كيف يمكن أن يكونوا ضلوا ناس من الصحابة بعد رسول الله! أليس هؤلاء صحابة ضلوا وما زال موسى حياً، إنما ذهب لفترة أربعين يوماً منهم، صحابة من داخل بني إسرائيل، من الذين اصطفاهم الله على العالمين، أمكن أن يضلوا مع وجود النبي، ثم تقول لي: كيف أنه يمكن أن يضل ناس من بعد النبي؟! أليس احتمال أن يضلوا بعد نبي أكثر من احتمال أن يضلوا في وقته؟ هذه الآيات نفسها كانت هي هامة جداً بالنسبة للصحابة أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، أن يكون كل واحد منهم منتبهاً عندما يعرف أنه أمكن أن يضل ناس وما زال نبيهم موجوداً، وآيات قاهرة معه، عصا تتحول إلى ثعبان، يده تتحول إلى عمود من النور، وأمكن أن يضلوا، وقال لهم: إنه أضلهم السامري. هذه الآية ألم يقرأها الصحابة؟ لكن أي ناس كائنا من كان إذا لم يتفهموا، ويعوا، سيكونون عرضة للضلال.
فهي تعتبر حالة خطيرة في حد ذاتها، إذا ما هناك تفاعل بإيجابية مع هدى الله، قد يكون الناس في حالة، قد فعلاً يضلهم فعلاً، من يتأمل موقف الإمام علي في تلك الحالة يعرف المسألة ـ مثلما قلنا سابقاً ـ يعرف الإمام علياً، أشياء كثيرة من سنن الله، عندما لا يكون هناك اهتمام أثناء تقديمه، وهو يقدم على أرقى صورة، ويبين على أحسن تبيين، ويقدم على أجمل صورة، وأيضاً يعطى في نفس الوقت، يعطى الناس حتى وإن كانوا بسطاء أشياء واضحة للالتزام، واضحة مثل: اتبعوا، أطيعوا.. أليست عبارات واضحة؟.
لكن في الأخير، عندما لا يكون هناك اهتمام بالشكل المطلوب، هذه النوعية تكون عرضة لأن تضل، وأن تكون ضحية المضلين. قوم موسى أضلهم واحد، السامري، وجعلهم يعبدون عجلاً! ألا يمكن أن يأتي من بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من يضلهم، ويجعلهم يعملون خليفة آخر، قد أمكن شخص يجعلهم يعبدون إلهاً آخر.. أين أكبر؟ ألم يستطع أن يضلهم حتى يجعلوا لهم صنماً؟ إذاً بالتأكيد يستطيع أي شخص أن يضلهم فيتخذون لهم شخصاً آخر خليفة بدل ذلك الشخص الذي أعلنه على مرأى، ومسمع منهم. لكن إذا ما هناك اهتمام فهي في حد ذاتها حالة خطيرة.
كذلك في أي زمان لا يتصور واحد، مثلاً تتصور بأنه كأنك لا تسمع شيئاً، الناس إذا لم يكن عندهم اهتمام أن يصغوا بجدية، ويتفهموا، قد تأتي في مسيرة الناس أشياء كثيرة يكون من لا يهتمون عرضة لأن يضلوا فعلاً، ليست قضية سهلة. هنا يبين لنا أشياء، بين للناس في أيام رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) بهذه الأشياء، ولم يأخذوها على محمل الجد فضلوا فعلاً! هنا قال:{فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ}(طـه: من الآية85) فتنهم.
كل المسألة تقدم على أساس أن الإنسان يتعامل بجدية مع ما يقدم من عند الله، وأن يتعامل بجدية مع ما قدم من عند الله هو بالشكل الذي يكون له إيجابية كبيرة في حياته؛ لأن حالة اللامبالاة هذه معناها في حد ذاتها: أن ما لله قيمة عندك، وليس لهداه قيمة عندك، إنما فقط اتغصَّاب! إذا لم يكن [إلا اتغصاب يغصبه] فلن يغصبه، سيجعله يضل. [ الدرس الثامن والعشرين من دروس رمضان [ 17 ــ 18] ]