صحيفة الحقيقة العدد “290”: متابعات لبعض ما تناولته الصحافة الدولية حول اليمن
مجلة The American Conservative الأميركية :يد الإمارات ملطخة بدم خاشقجي … ودماء كثيرة أخرى في اليمن
يد الإمارات ملطخة…”إذا قام الكونغرس بمعاقبة روسيا، سوريا، والسعودية على سلوكهم القمعي وانتهاكات حقوق الإنسان، فلا ينبغي أن يتخذ موقفاً سلبياً تجاه تجاوزات الإمارات… مصالح أميركا والقيم الأخلاقية لا ترضى بأقل من ذلك”…هكذا اختتمت مجلة The American Conservative الأميركية أحد مقالاتها المنشورة بتاريخ الثلاثين من شهر أكتوبر المنصرم والذي أوردته بعنوان ” القاتل الآخر في مملكة الخليج”. حيث تعتبر المجلة أن تورط الإماراتيين في الانتهاكات التي تحصل في منطقة الشرق الأوسط لا يقل عن السعوديين، محذرة من إعطاء حكام الإمارات فرصة للتملص من مسؤوليتهم من دم خاشقجي.
يد الإمارات ملطخة…لا أحد ينكر أن محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي قد نجح في صرف نظر أمريكا والعالم عن مسؤولية الإمارات عن المذبحة التي تعصف بالمنطقة، مستغلاً المغامرة الغبية التي قام بها حليفه الصغير “الدب الداشر” بقتله لصحافي سعودي بطريقة مروعة ووحشية داخل مقر القنصلية السعودية في اسطنبول مستخدماً فريقاً أمنياً مكوناً من خمسة عشر رجلاً. أما ما تقصده المجلة بقولها “المذبحة التي تعصف بالمنطقة” فهناك الكثير والكثير من الملفات التي من الممكن أن تدرج تحت هذا الاسم!
أحد أهم هذه الملفات هو وحشيتها وتهورها في اليمن وتسببها بأكبر كارثة إنسانية فيها خلال العقود الثلاثة الماضية. فقد أدى هجوم قوات التحالف على ميناء الحديدة -الذي كانت القوات البرية الإماراتية عماده على الأرض- إلى نزوح أكثر من 40 ألف مدني، وإلى تفاقم أزمة الغذاء والمجاعة بسبب توقف الإمدادات الغذائية التي يدخل 70% منها عبر ذلك الميناء. كما أبلغت منظمات حقوق الإنسان عن مراكز اعتقال سرية تديرها الإمارات تعرَّض المعتقلون فيها للتعذيب والضرب والصدمات الكهربائية والقتل. أضف إلى أن العائلة المالكة في الإمارات دفعت أموالاً لجنود متقاعدين كانوا ينتمون للقوات الخاصة الأميركية لتعقب واغتيال شخصيات سياسية يمنية!!
من الملفات الأخرى أيضاً:
مساهمتها في حصار دولة قطر الشقيقة، والقضاء على أمل الاستقرار في ليبيا بتمويلها ميليشيات معينة ضد أخرى وذلك طمعاً بالنفط الليبي. سجلها السيئ في منع حرية التعبير وعدم التسامح مع الانتقاد الداخلي والمعارضة، واستمرار الانتهاكات تجاه عدد كبير من العمال المهاجرين الأجانب، إلى جانب حقوق المرأة المنتقصة حسب ما وثقت منظمة Human Rights Watch
من كل ما سبق نجد أن حكام الإمارات لا يقلون سوءاً عن دب السعودية الداشر ويجب أن يحاسبوا على ما فعلوه في المنطقة أيضاً، فهل اقترب حسابهم عصبة الأشرار من عيال زايد؟!!
صحيفة «نوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية:هل أدت معرفة خاشقجي باستخدم الرياض «الكيماوي» باليمن لاغتياله؟
نشرت صحيفة «نوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية مقال رأي لسيباستيان بوسوا، الدكتور في المجال السياسي والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات العربية الأوروبية والإرهاب والتطرف، سلط فيه الضوء على ملف استخدام المملكة العربية السعودية لأسلحة كيميائية في حربها في اليمن، وعن علاقة ذلك باغتيال جمال خاشقجي.
وتساءل الكاتب، في مقاله الذي ترجمته صحيفة «عربي21»، عما إذا كانت معرفة جمال خاشقجي بمعلومات إضافية حول الأسلحة الكيميائية التي تستخدمها المملكة العربية السعودية في الحرب التي تشنها «دون شفقة» في اليمن، تقف وراء عملية اغتياله.
وعلى الأرجح أن اليمن سيكون بمثابة مقبرة لطموحات محمد بن سلمان العالمية، لكنه لن يكون الشخص الوحيد المتورط في قضية الأسلحة الكيميائية.
وأردف الكاتب أنه وفقا لتصريحات صديق مقرب من جمال خاشقجي، نشرتها الصحافة البريطانية، قد يكون مقتل هذا الصحفي المعارض مرتبطا بالحرب التي تشنها الرياض في اليمن.
في الواقع، يبدو أن خاشقجي كان على وشك الكشف عن أسوأ خبر يمكن أن يطرق مسامع المجتمع الدولي، والمتمثل في احتمال استخدام محمد بن سلمان لأسلحة كيميائية في اليمن، في محاولة منه للتخلص نهائيا من المسلحين الحوثيين المدعومين من طرف إيران.
والذين يزعجونه منذ أربع سنوات تقريبا. وبطبيعة الحال، لن يقف المجتمع الدولي ساكنا بمجرد ثبوت صحة هذه الادعاءات.
ولا يبدو أن الحرب في اليمن، التي قد تتعلق بالسياسات الداخلية لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ستنتهي قريبا.
كما تلاشت آمال ثورات الربيع العربي الواحدة تلو الأخرى. وبالتزامن مع ذلك، لا زال الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربية محل الضغوط الجيوسياسية العالمية وتضارب المصالح المحلية.
وذكر الكاتب أن الحرب في اليمن، التي باتت توصف اليوم «بأسوأ أزمة إنسانية عرفها العالم»، والتي يقودها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وتشارك فيها الإمارات على الميدان، أسفرت عن مقتل حوالي 10 آلاف شخص، بينما عصفت أمراض الكوليرا والخناق بالبلاد.
ووفقا للأمم المتحدة، فقد حوالي مليوني نازح كل ممتلكاتهم. وفي هذا البلد، يموت طفل كل عشر دقائق.
وأضاف الكاتب أن رغبة كل من محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في القضاء على «المتمردين الحوثيين» المدعومين من إيران باتت واضحة اليوم، كما أنه لا مجال للتفاوض بين الطرفين حول هذه المسألة.
ويعد خيار القضاء على المسلحين الحوثيين بصورة نهائية، بغض النظر عن العدد الهائل من الضحايا الذي تخلفه هذه المعركة والوسائل المعتمدة في ذلك، عماد سياسة الزعيمين، بالإضافة إلى الرغبة في الحفاظ على منطقة نفوذهما وعدم التنازل أمام طهران.
ويبدو أن هذين القائدين المتحالفين في المنطقة بصدد التسبب في كارثة إقليمية وبشرية، ستنجر عنها عواقب وخيمة خلال العقود القادمة.
وإذا ثبتت صحة ودقة المعلومات التي كان يمتلكها خاشقجي قبل وفاته، فستنتقل المملكة العربية السعودية إلى مرحلة جديدة من انتهاك القواعد الأساسية للقانون الدولي المتمثلة في اتفاقية الأسلحة الكيميائية لسنة 1997، والتي سبق لها أن وقعتها وصادقت عليها.
بناء على ذلك، يمكن تتبع الرياض قانونيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم في حق الإنسانية.
تجدر الإشارة إلى أنه في شهر أبريل سنة 2018، وخلال القمة العربية، دعت المملكة العربية السعودية من خلال وزير خارجيتها، إلى إجراء تحقيق حول الأسلحة الكيميائية التي من المتوقع أن يكون قد استخدمها النظام السوري.
وأشار الكاتب إلى أن آخر معلومة حصرية كشف عنها الشخص المقرب من الصحفي السعودي تمثلت في أن المملكة المتحدة كانت على علم بالمؤامرة التي حيكت ضد خاشقجي.
وفي الواقع، اعترضت أجهزة الاستخبارات البريطانية محادثات تُورط النظام السعودي. وهنا يمكن السؤال: هل يمكن للمملكة المتحدة والولايات المتحدة، اللتين انضمتا إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، تجاهل ممارسات صديقهما السعودي؟
صحيفة “الاوبزرفر” البريطانية:أهداف سياسية وراء الدعوات الأمريكية للسلام في اليمن
يتواصَلُ انكشافُ زيف الدعوات الأمريكية لوقف الحرب في اليمن، عبر وسائل الإعلام العالمية، فبعد تقرير مجلة “الايكونومست” الذي نشرته صحيفة المسيرة في عدد الأمس، والذي وضح أن الأمريكيين غيرُ جادين في تلك الدعوات، تناولت صحيفة “الاوبزرفر” البريطانية في افتتاحية عددها الصادر يوم، أمس الأحد،، الموضوعَ نفسَه، لتؤكّـدَ أَيْضاً أن الولايات المتحدة لديها “أهداف سياسية أنانية ومعيبة للغاية” من وراء دعوات السلام المزيفة.
في البداية تساءلت صحيفة “الاوبزرفر”: “لماذا استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تتصرف إدارة ترامب، مع أن الخسائر المفزعة على حياة اليمنيين والتي سبّبتها حملة القصف التي تقودها السعوديّة بدعم من الغرب، قد تم توثيقها جيداً خلال السنوات الثلاث الماضية؟” تساؤلٌ يلفت الأنظار إلى توقيت الدعوات الأمريكية لإيقاف الحرب، حيث يشكل هذا التوقيت المفتاح الرئيسي الذي يمكن عبره النظرُ بوضوح إلى أهداف الولايات المتحدة من وراء تلك الدعوات.
وتجيبُ الصحيفة على ذلك التساؤل بالربط بين “الاندفاع الدبلوماسي الأمريكي المفاجئ” فيما يخص اليمن، وبين “قتل الصحفي السعوديّ جمال خاشقجي من قبل المخابرات السعوديّة”، إذ أسهمت القضية الأخيرة في تشويه صورة الرياض بشكل كبير، ووجهت أنظار العالم إلى جرائم ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان، وعلى رأس تلك الجرائم العدوان على اليمن، وبالتالي فإن واشنطن تحاول من خلال دعواتها إلى السلام، الحيلولةَ دون بدء التفات العالم إلى ما يحدُثُ في اليمن.
وأضافت الصحيفة مؤكّـدةً على ذلك، أن “ترامب حتى الآن لم يكن له أي اهتمام بحرب اليمن، بل كان يعتبرها واحدة من العديد من المسارح في مسابقة استراتيجية واسعة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهم الخليجيين من جهة، وإيران من جهة أخرى” كما أكّـدت أن “ترامب لا يمتلك أية رغبة للضغط من أجل صنع السلام، وذلك شيء يعرفه السوريون والفلسطينيون والكوريون” الذين لديهم تجارب طويلة مع طريقة التعامل الأمريكية الانتهازية فيما يخصُّ السلام.
وتابعت الصحيفة توضيحَ حقيقة أن الولايات المتحدة أرادت من خلال دعواتها للسلام في اليمن، تخفيفَ الضغط العالمي المركَّز على الانتهاكات السعوديّة، وقالت إن “ما يهم ترامب هو الحفاظ على العلاقات العسكرية والاستخباراتية والاقتصادية للولايات المتحدة مع السعوديّين، وعلى وجه الخصوص مع ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه أمر بقتل خاشقجي، وقد كان ترامب يكابد لحماية الأمير محمد من سيل الإدانات الدولية التي أعقبت جريمة اسطنبول. لكنه لم يستطع أن يوقف الغضبَ الذي يسلّط الضوء على المسؤولية الشخصية للزعيم السعوديّ، عن الكارثة التي تتكشف في اليمن، من بين أمور أخرى سيئة”.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من التقارير الرسمية التي تشير إلى أن الولايات المتحدة قررت الآن ملاحقة بن سلمان، إلا أنه “لن يكون هناك أي عقاب حقيقي” وأوردت الصحيفة عدة أسباب لذلك، من بينها أن ترامب “يريد الحفاظ على مبيعات الأسلحة المربحة” إضافة إلى أنه يريد بن سلمان إلى جانبه مع “إسرائيل والإمارات ودكتاتور مصر، عَبدالفتاح السيسي” من أجل استهداف إيران، في إشارة إلى التحالف المتوقع تشكيله بين أمريكا ودول عربية وإسرائيل لمواجهة إيران.
وتطرقت الصحيفة أَيْضاً إلى انتخابات الكونجرس، والتي تعتبر من أهمّ أسباب انطلاق الدعوات الأمريكية المخادعة لوقف الحرب، إذ أن “ترامب يتعرض لضغوط متزايدة من الحزبين؛ بسببِ الكارثة الإنسانية في اليمن، والتي يلام السعوديّون عليها بشكل أساسي، ومن شأن الاقتراحات الأخيرة (دعوات وقف الحرب) أن تحد أو توقف عمليات بيع الأسلحة في المستقبل”.
وخلصت الصحيفة إلى أن أفضل طريقة وجدها ترامب أمامه لتجنب ذلك كانت “الدعوة إلى وقف حرب منسية كان يتجاهلها حتى الآن”.
وأوضحت الصحيفة أَيْضاً أن دعوات السلام الأمريكية نفسها كانت تحتوي عيوباً واضحة تؤكّـد عدم جديتها، إذ “تصر الولايات المتحدة على أنه، قبل أن يتوقف القصف السعوديّ، يجب على الحوثيين أولاً وقف هجماتهم الصاروخية، وهو شرط غير واقعي مسبق” كما أن تلك الدعوات “لا تقترح حتى وقفًا رسميًّا لإطلاق النار، بل مجرد “وقف للأعمال العدائية”، وهي فكرةٌ مختلفة تمامًا”.
وبناءً على ذلك أنهت الصحيفة افتتاحيتَها، قائلة: إن عملية السلام التي تدعو إليها الولايات المتحدة تقومُ “على أساس معيوب”، “وتهدف لغايات سياسية غريبة أنانية ومعيبة للغاية” وإن الانخراط فيها ربما يزيد الأمور سوءًا”، وبالتالي فإن “المبعوث الأممي أمام مهمة لا يُحسَد عليها”، وأضافت: “يجب أن نأمل، في المقام الأول، أن يمتنع السعوديّون عن شن هجوم جديد على ميناء الحديدة المحاصَر في الثلاثين يوماً”، وهو ما يناقِضُه التصعيدُ الجديدُ لتحالف العدوان في الساحل الغربي والذي بدأ منذ أيام.