صحيفة الحقيقة:دماء الشهداء القادة طوفان سيجرف الوجود الأمريكي من المنطقة وعلى العدو الصهيوأمريكي أن يحسب حساب الشعب اليمني في أي معركة قادمة
الحقيقة/صادق البهكلي
الحديث عن الشهادة والشهداء هو حديث عن العزة والكرامة عن النصر والخلاص وحينما نتحدث في محضر هؤلاء العظماء فإنما ذلك في سياق أن نستفيد منهم في خضم هذه التحديات ما يزيدنا إرادة وبصيرة وعزيمة وقناعة بمواصلة ذات الطريق التي سلكوها وبرهنت الأيام أنها طريق الخلاص وأن دماء الشهداء القادة الذين سقطوا على أيدي الشيطان الأكبر وأدواته في المنطقة هي وقود المرحلة القادمة في مواجهة طغيان صهيوأمريكي لم تعد تحتمله المنطقة.
ولقد شاءت الأقدار أن يستشهد القائد المجاهد قاسم سليماني والقيادي العراقي ابو مهدي المهندس والشعب اليمني العظيم على موعد مع تدشين فعالية الذكرى السنوية للشهيد كتأكيد على أن شعبنا اليمني العظيم اليوم في قلب المواجهة مع قوى الهيمنة والاستكبار وأنه منذ خمس سنوات يواجه حرب إبادة صهيوأمريكية قدم خلالها آلاف من الشهداء وإن خروجه اليوم في ميادين العزة في صعدة وصنعاء مندداً باغتيال الشهيدين سليماني والمهندس ليعبر عن موقفه الإيماني والجهادي تجاه جرائم الاغتيالات التي تنفذها أمريكا وإسرائيل بحق قادة الأمة ورجالها في كل زمان ومكان.. وبحق الشعوب العربية واستنكاراً للاستهتار الأمريكي بدماء أبناء الأمة وسيادة شعوبها.
إن هذه الدماء الطاهرة التي تسفكها أمريكا وأدواتها في المنقطة هي طوفان سيجرف الوجود الأمريكي من المنطقة في القريب العاجل بإذن الله فالمنطقة لم تعد تحتمل المزيد من الجرائم الأمريكية ومن بقاء هذه الغدة السرطانية في جسد الأمة..
سياسة الاغتيالات عقيدة ومنهجية صهوأمريكية
لم تكتف أمريكا بالهيمنة على المنطقة والتحكم بها ونهب ثرواتها منذ منتصف القرن الماضي وإلى الآن والذي مكنها من الهيمنة على العالم بل عمدت على ممارسة الاغتيالات ونشر الفتن والحروب الانقلابات مع كل من لا يتوافق مع سياستها الإجرامية ومنذ التسعينيات سقط العشرات من خيرة أبناء الأمة شهداء بعمليات اغتيالات وحوادث مدبرة وقفت المخابرات الأمريكية والصهيونية خلفها كما تسببت بعشرات الحروب بين الدول العربية والاسلامية وداخل الدول العربية نفسها فالاغتيالات ونشر الفتن أصبحت عقيدة وسلوك صهيوأمريكي، ومع انحسار الدور الأمريكي في المنطقة وفشل كل رهاناتها وتلاشى جماعاتها الإرهابية عادت من جديد لاستخدام وسيلة الاغتيالات كسلوك جبان وهو سلوك صهيوني بامتياز إذ درج الكيان الصهيوني على ممارسة هذا الاسلوب مع المقاومة الفلسطينية واللبنانية ونفذ عشرات عمليات الاغتيالات ضد مقاومين فلسطينيين ولبنانيين وعرب على اعتبار أن الاغتيال لمقاومين يحقق حالة من الردع والكبح ويحجم قدرات المقاومة على التحرك ومواصلة الحرب وهي نظرة أثبتت الأحداث خطأها بل أثبت الواقع أنه كلما اغتيل قيادي جاء قيادي أقوى وأشد شكيمة منه.. على أن هذه الاغتيالات التي ينفذها الكيان ما كان لها أن تكون لولا ضوء أخضر ومشاركة أمريكية..
فمثلاً قام الكيان الصهيوني في بداية التسعينيات باغتيال الأمين العام السابق لحزب الله عباس الموسوي ثم قامت باغتيال أكثر من 460 مقاوم فلسطيني منذ عام 2000م أغلبهم قيادات في المقاومة الفلسطينية، ثم اغتالت القائد العسكري لحزب الله الحاج عماد مغنية في دمشق عام 2008م ثم استهدفت مبنى رئاسة الأركان السورية في دمشق 2012 وأسفر عن استشهاد كل من وزير الدفاع الشهيد العماد داود راجحة، ونائبه الشهيد اللواء آصف شوكت، ورئيس مكتب الأمن القومي الشهيد هشام بختيار، ورئيس خلية إدارة الأزمة الشهيد العماد حسن تُركماني، إضافة إلى إصابة وزير الداخلية محمد الشعار. بعدها اغتالت سمير القنطار وجهاد مغنية في 2015م ثم القيادي البارز في حزب الله مصطفى بدر الدين في 2016م فيما اغتالت أمريكا الرئيس اليمني السابق الشهيد صالح الصماد في 2018م و أخيراً أقدمت أمريكا على اغتيال القيادي البارز ورئيس الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس ليكون بذلك شرارة تطهير المنطقة من الوجود الأمريكي كما أكد ذلك السيد نصر الله بأن القصاص العادل لدماء سليماني والمهندس وغيرهم من الشهداء بتطهير المنطقة من الوجود الأمريكي.
الشهيد القائد من أوائل من دعوا لإخراج الوجود الأمريكي من المنطقة
لقد كان الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) الذي قتلته أمريكا عن طريق أدواتها وعملائها في المنطقة من أول أحرار الأمة الذين كشفوا المخططات الأمريكية وأهدافها ونواياها وأسقط عنها الاقنعة، حيث كان من أول من أثبت وبرهن على أن الجماعات الإرهابية ما تسمى القاعدة وداعش ما هي إلا صناعة أمريكية وأنها ليست هي المستهدفة من التحركات الأمريكية بل هي ادوات تتخذها أمريكا مبرراً لها للهيمنة واحتلال الشعوب كما أكد الشهيد القائد أن أمريكا لا تتحرك من أجل أنها خائفة على مصالحها فمصالحها الاقتصادية مصانة وهناك حكام وأنظمة تقوم بحمايتها وأموال العرب وثرواتهم تتدفق على أمريكا بلا مقابل إن المستهدف كما يقول هو حركات المقاومة والجهاد بمفهومه الإسلامي الصحيح وقد قدم الشهيد القائد (رضوان الله عليه) ضمن المشروع القرآني مشروع الشعار والمقاطعة الاقتصادية كموقف عملي يتحرك الناس على ضوئه وبقدر المستطاع وبالممكن والمتاح قال (رضوان الله عليه) في محاضرة [خطر دخول أمريكا اليمن] وهو ينبه إلى خطورة المرحلة ((الوضعية التي نحن عليها الآن ليست وضعية أن يبحث الإنسان عن مبررات إطلاقاً حتى ولو كان هناك مبررات شرعية، وضعية خطيرة، ليست وضعية أن يبحث الناس عن المبررات، ولا أن يقولوا: [نحن منشغلون بكذا أو كذا] هي وضعية يجب أن نتجه فيها لأن نتحدث دائماً مع الناس جميعاً عن خطورة المرحلة، وعن خطورة اليهود والنصارى، وعن أضرارهم ومفاسدهم، وعن كيف يجب أن نواجههم، وعن موقف نتبناه، أدناه وأقله أن نصرخ في وجوههم، ونرفع الشعار الذي قد جربوا هم مرارته.
ولقد تحرك الشهيد القائد في بداية التحرك الأمريكي وبكل قوة وشجاعة انطلق يوعي الناس ويحذرهم من اللامبالاة تجاه التحرك العدواني الأمريكي بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر وأنها مجرد خدعة للانقضاض على المنطقة وانهاء الوجود العربي والإسلامي وكان يحذر اليمنيين بشكل خاص يقول في [خطر دخول أمريكا اليمن] ((نقول جميعاً كيمنيين لكل أولئك الذين يظنون أنه لا خطر مُحدق، الذين لا يفهمون الأشياء، لا يفهمون الخطر إلا بعد أن يَدْهمهم، نقول للجميع سواء أكانوا كباراً أم صغاراً: الآن ماذا ستعملون؟ الآن يجب أن تعملوا كل شيء، العلماء أنفسهم يجب أن يتحركوا، والمواطنون كلهم يجب أن يتحركوا، وأن يرفعوا جميعاً صوتهم بالصرخة ضد أمريكا وضد إسرائيل، وأن يعلنوا عن سخطهم لتواجد الأمريكيين في اليمن، الدولة نفسها، الرئيس نفسه يجب أن يحذر، ما يجرى على عرفات، ما جرى على صدام، ما جرى على آخرين يحتمل أن يجري عليه هو، إن الخطر عليهم هو من أولئك, الخطر عليهم هو من الأمريكيين، الخطر عليهم هو من اليهود, على الحكومات وعلى الشعوب، على الزعماء.))
كما أكد أن الأمريكيين ليسوا بأوفياء حتى مع عملائهم وان الوجود الأمريكي الذي يرحب به وترعاه الأنظمة الخليجية خاصة النظام السعودي المجرم سيكون وبالاً عليهم وأنهم لن يستطيعوا إخراج القواعد الأمريكية إلا بجهاد مرير يقول في محاضرة [وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن]: (( أليست السعودية الآن في مشكلة كبرى أمام القواعد العسكرية والوجود العسكري الأمريكي هناك؟ وهم من يتحملون أعباء نفقاتهم الكبيرة في السعودية نفسها؟ هل يستطيع السعوديون أن يخرجوا الأمريكيين؟ لا يستطيعون إلا بمشقة بالغة وجهاد مرير.. هكذا خدعوا من البداية ووثقوا بمن قال الله عنهم بأنهم لن يرضوا عنكم، وثقوا بمن قال الله عنهم بأنهم أعداء، وأنهم لا يحبونكم حتى ولو آمنتم بكتبهم {هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ}(آل عمران: من الآية119)))
أما بالنسبة للكيان الصهيوني فقد أكد الشهيد القائد في أكثر من محاضرة بأن إسرائيل لا يمكن المصالحة معها ولا سلام ولا وفاق معها ولا أي مواثيق أو عهود تبرم معها لأنها دولة يهودية طامعة ليست في فلسطين بل في المنطقة وتطمح للهيمنة الكاملة على العالم الإسلامي بكله.
هدية أمريكية لإسرائيل
وعوداً للحديث عن جريمة اغتيال سليماني والمهندس التي اقترفتها أمريكا وحول أسباب وتداعيات الجريمة فهناك من يؤكد بأن الجريمة جاءت كهدية من ترمب لإسرائيل خصوصاً وأن الكيان الصهيوني يهدد منذ فترة بالقضاء على الوجود الإيراني في سوريا، وأنه سيواجه كل التحركات الإيرانية بما في ذلك التخلص من قيادات إيرانية في سوريا، فيما يذهب محللون آخرون بأن الجريمة جاءت كورقة بيد ترمب يذهب بها إلى الانتخابات المقبلة بعد أن وجد نفسه محاصراً وملاحقاً من الكونجرس الأمريكي الذي يريد عزله، وعلى أية حال فإن اغتيال قائد كبير بحجم سليماني كان خطأ استراتيجي اقترفه ترمب ولن يكون هدية لإسرائيل بل سيكون خلاص المنطقة من الوجود الصهيوأمريكي بإذن الله..
إما “السلة” أو “الذلة”
بإقدام أمريكا على جريمة اغتيال مكشوفة والتبجح بذلك بل والتفاخر والتهديد بحرب إبادة إنما تضع محور المقاومة أمام خيارين لا ثالث لهما إما “السلة” أو “الذلة” وهيهات لمدرسة الحسين ولرفاق سليماني أن يقبلوا بالذلة فسليماني كان واحد من أهم القيادات الفاعلة في محور المقاومة وكان مجاهداً عابراً للحدود يناضح عن المستضعفين في لبنان وفلسطين ويواجه فلول داعش والقاعدة وجيوش أمريكا الدموية في العراق وسوريا كما كان متعاطفاً مع الشعب اليمني في مواجه العدوان الصهيوأمريكي وأذنابهم من علوج النفط وملوك الرمال..
أن المرحلة القادمة فاصلة وسيكون الشعب اليمني العظيم في قلب المعادلات كما هو حاضراً منذ 5 سنوات وعلى العدو الصهيوأمريكي أن يحسب حساب الشعب اليمني في أي مواجهة قادمة.