صحيفة الحقيقةالعدد “255”:ثقافة قرآنية::دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه
كلمات من نور:
لا تتصور أبداً بأن معنى المسألة في مواجهة أهل الكتاب هو: أن تتجه بعينيك إلى [نيويورك] أو إلى إسرائيل أو إلى [لندن] أو [باريس] أو نحوها، بل من هنا العمل يبدأ في مواجهتهم من هنا من الداخل؛ لأنهم – وهم في مجال أن يضربوا الأمة- يتغلغلون إلى داخلها بمختلف وسائلهم الخبيثة، {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً} فساداً ثقافياً، فساداً أخلاقياً، فساداً اقتصادياً، فساداً في البيئة، فساداً في كل مجالات الحياة.
من مهام أولياء الله تطهير أرضه من المفسدين
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} كلما يتحدث عن الهدى يتحدث عن أشياء أخرى قد تمثل موانع مثلاً أو تبين لأصحابها فتكون بالشكل الذي يصرفهم عن هدى الله. يتناول هذا في مقام التهديد: هذه لن تغني عنكم من الله إذا لم تستجيبوا لهدى الله، وواقفين على ما أنتم عليه، تائهين فيما أنتم عليه ، مشغولين بأموالكم وأولادكم ، لن تدفع عنكم من الله العقوبة التي كانت بسبب أنكم أعرضتم عن الهدى وانصرفتم عنه { لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ}
هذه المسألة هامة فيما يتعلق بالجانب العملي للناس ؛ لأن الكثير من إطلاقات الآيات الكريمة لا تكون معناها دائماً الآخرة فقط ، الآخرة ، الآخرة ، الآخرة… أنه كثير من أموالهم ، كثير من أولادهم ، كثير من إمكانياتهم الكبيرة لن تغني عنهم ، لن تمثل وقاية متى ما أراد الله أن يضربوا على أيدي أوليائه ، لن تمثل منعة بالنسبة لهم متى ما أراد الله أن يضربوا{لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ} أي لن تدفع عنكم الشيء الذي أراد الله أن ينالكم بسبب انصرافكم عن هديه ،بسبب طغيانكم بسبب تجبركم ، وحتى هنا في الدنيا ، حتى هنا في الدنيا قبل الآخرة ؛ ولهذا قال بعد: { وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} لن تدفع عنهم في الدنيا ؛ لأن الكثير منا يرى مثلاً طرفاً آخر ، يراه عندهم جيش كثير ، وعندهم أموال كثيرة ، وعندهم إمكانيات كبيرة، فيكون عنده ما هو الذي يمكن أن نعمل! لكن أنت عندما تسير على هدى الله ، وعلى دين الله ، ألم نقل بالأمس إنه يجب أن نفهم دين الله ؟ أن من مهمة أولياء الله في دينه أن يتم على أيديهم تطهير أرضه .
وهذه القضية أساسية فآخرين تجد مثلاً عندما تكون أنت تسير على هدى الله وقد أراد الله أن يكون الناس على هذا النحو:{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} أليس هذا شيء جاء من جهة الله، من الله؟ إذاً فلن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم ، لن تغني عنهم إمكانياتهم الكبيرة، ولا جيوشهم الكثيرة ! أليست الجيوش تتألف من أولادهم ؟ سواء على مستوى الفرد أو على مستوى دولة ، ومجتمع الكافرين سواء كان على مستوى فرد وعنده أموال وعنده أولاد وعنده… بشكل ما يظهر وكأنه محتاج إلى شيء أو كانوا مجتمعاً ؛ لأنه عادة الجيش الذي يتألف منه مثلاً الناس، الذي يتألف منهم جيش دولة معينة، ما هم يكونون من أبناء تلك الدولة، على حسب قوانينهم ، ولو منح ما يسمونها جنسية؟.
هدى الله ليس أمامه عوائق في واقع الحياة
وهذه كلها تجدها قضية في القرآن الكريم بشكل كبير أنه هدى الله هو بالشكل الذي لا يمكن أن يكون هناك أمامه عوائق في واقع الحياة أبداً والمهام المنوطة بأوليائه هي أيضاً تكون بهذا الشكل؛ ولهذا قلنا في حديث سابق إنه عندما يأتي بعض الناس يفهم موضوع: [الإمام علي] عندما يقولون: [تولى فقام فلان وفلان وفلانة واتجمعوا أهل كذا وعارضوه وقاتلوه ثم قام وقاتلوه ثم قام وقاتلوه..] أنه أحياناً قد يكون هذا من دور الإمام علي المنوط به: أن تضرب على يديه هذه الفئات التي كفرت بهدى الله، أعرضت عنه وعارضته، من أدواره؛ ولهذا قال: إن رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) أمره بقتال ((الناكثين والقاسطين والمارقين)) أنه سيقاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) على تنزيله.
هنا قال: {قَاتِلُوهُمْ} هذا دور من أدواركم بالنسبة للمفسدين في الأرض بالنسبة للكافرين بهدى الله {يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} (التوبة: من الآية14) ما يعني هذا أنه منوط بكم الدور المنوط بكم سيكون الطرف الآخر بهذا الشكل الذي ماذا؟ لا تغني عنه أمواله ولا أولاده أليس هذا يعني أن الله يفتح المجال؟ لا يمكن يقول: {قَاتِلُوهُمْ} ويترك الآخرين عبارة عن كتل من الصلب إلا ويكونون هم بالنسبة لواقعهم {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ} لن تدفع عنهم ما هو من جهة الله، وما هو من الله يصدق على ما هو على أيدي جنوده سواء كانوا جنود من أوليائه أو جنود من ملائكته أو جنود من… {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ولذا جاء بعدها: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} .
أليست قضية ستغلبون أي لن تنفعكم أموالكم ولا أولادكم لن تغني عنكم أموالكم ولا أولادكم؟ أليس هنا ستغلبون؟ في مواجهة من؟ أليست في مواجهة جنوده من المؤمنين مع رسول الله (صلي الله عليه وعلى آله وسلم) في بدر وفي غيرها ؟ ما هم غلبوا؟.
إذاً هذه حالة ثابتة داخل القرآن الكريم تنسف كثيراً من الأشياء التي تأتي داخل نفس كل واحد ينظر للطرف الآخر وكأنه [من الذي يستطيع] لا ، اعرف هذه سنة إلهية فقط اشتغل أنت في سبيله ، سر أنت على هداه فتصبح أنت جندياً من جنوده يضرب بك أعداءه ، وعندما يضرب بك أعداءه سيكون أعداؤه بهذا الشكل: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ} أو تقصر أنت يضربك بأعدائه ولا تغني عنك أنت لا أموالك ولا أولادك . ألسنا وجدنا آخرين في البلاد العربية حصل لهم هذه؟ ممن كانوا طواغيت ومتجبرين ما أغنت عنه لا جيوشه ولا أسلحته ولا أمواله!.
أولياء الله هم من يتحركون ويسيرون على كتابه وليس فقط عناوين معينة ومسميات
فالمسألة شبه متقاربة، أو متماثلة في الخطاب، أولياء الله يتحركون ويتم على أيديهم ضرب أعدائه، لكن أولياءه بالمعنى المطلوب، من يسيرون على كتابه وليس فقط عناوين معينة [سبيل الله!] وأشياء من هذه ليست صدقاً ، أو من هم محسوبون على دينه وهم معنيون بأن يتحركوا فيرفضون يضربون هم ولن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم ، مثلما حكى في الآية الأخرى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} لا تعد تغني عنكم هذه كلها، تضربوا
أعني: فالمسألة بالنسبة للناس إما أن يحاولوا أن يكونوا هم أولياء لله فيتم على أيديهم ضرب أعدائه، أو يقعدون فيتم ضربهم على يد أعدائه أليس الله قال هناك في بني إسرائيل: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} في نفس السياق الذي يقول للناس: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} اعتصموا بحبل الله أنتم، ما لم قد يعطي حبلاً لأولئك فيضربونكم أنتم سبب ، أسباب، هي عبارة عن سبب ، اعتصموا بحبل الله سبب بينكم وبينه ليؤيدكم لينصركم ليرفعكم عن الوضعية السيئة التي أنتم فيها لتصبحوا جنوداً له تضربون آخرين ما لم فقد يمكن الآخرين يعطيهم حبلاً من عنده ومن عند الناس فيضربونكم .
لا يوجد حالة فراغ، لا يوجد منطقة فراغ في دين الله على الإطلاق إنما فقط تسير على هديه فتكون أنت من جنوده {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} ولهذا كانت معروفة عند المسلمين الأوائل.
من الدرس الثاني عشر – من دروس رمضان.