صحافة عالمية :هل أوشك صبر المقاومة اليمنية على النفاذ؟
قد تكون اليمن بموقعها وما تتحكم به جيوسياسيا، وبإرادة مقاوميها الصلبة وعزيمتهم وإمكاناتهم، وبالإضافة إلى ذلك إيمانهم العميق وتمسكهم بالثوابت، وبمحصلة ذلك قد تشكل هي المفاجأة الاستراتيجية غير السارة لأمريكا وللعدو الإسرائيلي ومعسكرهما بالمنطقة.
هذا الأمر قد بدأت بعض الأقلام الصهيونية تلتفت إليه، حيث تعتبر اليمن رسميا عضوا في محور المقاومة، وهذا الاعتبار الرسمي يقصد به أن هناك حسابات عسكرية واستراتيجية وضعت اليمن في مرحلة متقدمة من معادلات المواجهة الشاملة، بعد أن كانت خاضعة للحسابات الثانوية، أي انتقلت من العدو المحتمل إلى العدو الصريح ومن الحسابات الاحترازية إلى الحسابات العملية والواقعية.
ومع ذلك فإن العدو لا يدرك فعليا حجم اليمن ولا يستطيع تقدير مدى قوتها ومفاجأتها الاستراتيجية له على مستوياتها الثلاثة، الاستراتيجي والتكتيكي والتعبوي.
تنضح تقارير العدو وتقديراته للموقف، بتقديرات تعتبر اليمن مجرد جبهة قد تفتح عليه مثل غزة وجنوب لبنان وتمركزات الفصائل المقاومة في سوريا والعراق، ولكن ما قد لا يتخيله أن اليمن قد تشكل انقلابا عالميا في سوق الطاقة، وقد تشكل اضطرابا عالميا في طرق التجارة والنقل تفسد الخطط الأمريكية الجديدة القائمة على الممرات البديلة للمرات التقليدية ولممرات الصين.
ودون مبالغات أو مجازفات، يمكن القول أن اليمن تمتلك أقفال الخطط الأمريكية الالتفافية وتستطيع غلق أبوابها.
وثقافيا، يشكل الشعب اليمني ضميرا للشعوب العربية، حيث يحتفظ بشكل شبه متفرد بكامل الثوابت وكامل الطاقات والجهود التي يمكن أن تبذلها الشعوب في التضامن والتعبير عن الانتماء للقضايا المركزية والتمسك بالثوابت، وهو ما يشكل خطا آمنا للرجعة للشعوب التي فترت حماستها أو انشغلت بهمومها وأوجاعها الذاتية.
كما يشكل اليمن نموذجا حيا لفشل التقديرات الأمريكية والصهيونية والتي قامت على أعمدة واهية مفادها أن اليمن تابع لإيران، وبالتالي يمكن الضغط على إيران بتصفيته، أو المساومة والتسوية على حسابه، وهو ما أثبتت كل من إيران واليمن خطأه، بالدعم الإيراني غير المشروط والذي يعطي اليمن كامل استقلاليتها في القرار، وبالممارسات اليمنية الفعلية التي لم تربط قراراتها بقرارات الدولة الإيرانية وتشخيصها الذي أفرز التهدئة والتقارب مع السعودية حيث يرتبط ذلك بحسابات إيرانية تمد اليد للتعاون مع كل من يمد اليد لها، وهو ملف منفصل عن ملف الأمن القومي لليمن ودحر ومواجهة العدوان.
هذه المقاربة هي المقاربة القاتلة للعدو، وهي مقاربة مفادها الانتماء العميق لمحور المقاومة مع الاستقلالية الكاملة للقرار، وهو ما يعني أن لكل جبهة من جبهات المقاومة تشخيصها وحريتها وقرارها، مع الاحتفاظ بالتنسيق والجهوزية للانخراط مع كامل المحور في مواجهات شاملة.
وهي قاتلة للعدو لأنها تفقده قدرته على المساومات وتعطي شكلا من اشكال اللامركزية في الجبهات وهو وضع مربك في الحسابات الاستراتيجية والسياسية يستعصي على العدو الوصول لعلاج عملي له.
هنا يكتمل تشديد الخناق على العدو وحصاره، ومعه ينتقل العدو من الهجوم إلى الدفاع ومن محاولته لإحكام الحصار عبر التطبيع والتعويل على الخونة، إلى إنهاكه لفك الحصار عن نفسه والانشغال بعمقه الاستراتيجي المهدد.
لا تزال تصريحات أمريكا بخصوص اليمن مخادعة، وتفترض أن هناك فرقاء ينبغي التوفيق بينهم لإشاعة السلام والاستقرار، وهو تجاهل لحقيقة أن من يتم وضعهم في خانة الفرقاء هي ميليشيات تابعة وعميلة لأمريكا والسعودية والإمارات وخادمة لمصالحهم باليمن، وأن اليمن لو تركت لأهلها بمعزل عن التدخلات ستتوحد وتصل إلى تفاهمات سلام وبناء ونهضة.
كما تتنصل أمريكا باستخفاف مهين للعقول من دورها المباشر في قيادة العدوان وتوجيهه وهندسة تحركاته.
والمراقب للتصريحات والتحركات اليمنية الأخيرة يدرك جيدا أن صبر المقاومة باليمن أوشك على النفاذ وأن مرحلة جديدة من المواجهة قد تكون وشيكة ومعها ستكون مستويات المواجهة أكثر تطورا وإيلاما للعدوان ومن يدعمه.
موقع العهد / إيهاب شوقي