صحافة عالمية : أسلحة جديدة تدخل المعركة | صنعاء لواشنطن: السنّ بالسنّ …البحرية الأميركية حاولت تمرير «جينكو بيكاردي» وسط 11 سفينة تجارية كانت تمرّ بشكل جماعي والبحرية اليمنية استهدفتها بدقة عالية
تصاعدت حالة التوتر العسكري بين قوات صنعاء والقوات الأميركية في البحرَين الأحمر والعربي وخليج عدن، إلى أعلى المستويات خلال اليومين الماضيين، وذلك إثر اعتداءات عسكرية أميركية جديدة. وأتت هذه الاعتداءات بعد استهداف القوات البحرية اليمنية سفينة أميركية بسلاح قال زعيم حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، إنه «لو علم الأميركي بنوعيته لتيقّن من أن مواصلة عدوانه ستزيد من تطوير قدراتنا العسكرية». وكشف الحوثي، في كلمة متلفزة أمس، أن السلاح الذي تم به استهداف السفينة الأميركية، أول من أمس، كان سلاحاً متطوّراً لم يُستخدم من قبل، وبشّر الشعب اليمني بأن «هناك إنجازات تحقّقت خلال الأيام الماضية في مسألة تطوير القدرات وسنستمر في ذلك». وقال إن «عملياتنا ستشمل السفن الأميركية والبريطانية، والعدوان لن يغيّر شيئاً من موقفنا».وليل أمس، أعلن البيت الأبيض شن ضربات جديدة على صواريخ «أنصار الله»، ومنها صاروخان في طور الرماية، وذلك بالتزامن مع تصريح للرئيس الأميركي، جو بايدن، للصحافيين في البيت الأبيض قال فيه إن الضربات في اليمن ستستمر ما دام «أنصار الله» يواصلون هجماتهم على السفن في البحر الأحمر. وبعد ذلك بقليل، ذكرت مصادر في صنعاء أن القوات البحرية اليمنية استهدفت سفينة أميركية ثالثة قبالة حضرموت.
وقد أكدت مصادر عسكرية يمنية في صنعاء، لـ«الأخبار»، أن الطيران الأميركي شنّ عدداً كبيراً من الغارات فجر أمس على مواقع سبق استهدافها في محافظات صعدة وذمار والبيضاء وتعز والحديدة. وأشارت إلى أن مصدر الاعتداء الجديد كان حاملة الطائرات «آيزنهاور» التي تتموضع بالقرب من السواحل الإريترية المقابلة لسواحل محافظة الحديدة. واستهدف الهجوم الجديد، الذي اعتبرته القيادة المركزية الأميركية دفاعاً عن النفس، معسكرات خالية في ذمار ومنطقة الجند في تعز ومنطقة الصمع في صعدة ومناطق أخرى في إطار المحافظة نفسها. في المقابل، ذكرت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، أن قواتها «قصفت 14 منصة صواريخ مُذخّرة كانت قوات صنعاء قد جهّزتها لاستهداف خطوط الملاحة في البحر الأحمر».
وأضاف البيان أن «هذه الصواريخ، التي كانت على منصّات الإطلاق، مثّلت خطراً داهماً على السفن التجارية والمدمّرات التابعة لسلاح البحرية الأميركية في المنطقة، وكان يمكن إطلاقها في أيّ لحظة»، وهو ما نفته مصادر مطّلعة في صنعاء، مؤكدة، لـ«الأخبار»، أن «قدرات القوات المسلحة اليمنية آمنة ويتم تجهيزها للردّ على الاعتداءات الأميركية والبريطانية التي تتعرّض لها الأراضي اليمنية». وأشارت المصادر إلى أن هذه المزاعم تأتي بعد ساعات من إقرار المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، باتريك رايدر، بفشل العمليات السابقة التي نفّذتها واشنطن بمشاركة لندن الأسبوع الماضي، والعمليات الأخرى التي نفّذتها القوات الأميركية منفردة، واعترافه بأن محاولة ردع القوات المسلحة اليمنية لم تنجح حتى الآن.
سفينة تابعة للبحرية الهندية تعرّضت لهجوم صاروخي أثناء محاولاتها إنقاذ السفينة الأميركية المستهدفة
وجاء العدوان الأخير في أعقاب نجاح قوات صنعاء في استهداف السفينة الأميركية «جينكو بيكاردي» في خليج عدن بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة، ما أدى إلى اندلاع النيران في الجهة اليمنى منها. وبعد فشل البحارة في السيطرة على الحريق، تم إطلاق نداء استغاثة لسفينة عسكرية تابعة للبحرية الهندية استجابت للنداء، وفق أكثر من مصدر ملاحي، إلا أنها تعرّضت هي الأخرى لهجوم صاروخي أثناء محاولاتها إنقاذ السفينة. وخلافاً لبيان القيادة المركزية الأميركية، فإن البحرية اليمنية استهدفت السفينة الأميركية بعدد من الصواريخ البحرية المضادة للسفن، وليس بطائرة مسيّرة.
وبيّنت مصادر عسكرية، بدورها، في حديث إلى «الأخبار»، أن البحرية الأميركية حاولت تمرير السفينة وسط 11 سفينة تجارية كانت تمرّ بشكل جماعي بحماية قطعة بحرية أميركية في خليج عدن، إلا أن السفينة «جينكو بيكاردي» كانت تحت الرصد والمتابعة من قبل قوات صنعاء، وقد استهدفت بعملية نوعية عكست قدرة القوات البحرية اليمنية في تنفيذ أهدافها بدقة، وفي أكثر من مسرح عملياتي. وسبق لصنعاء، التي رفعت سقف الشروط لوقف عملياتها البحرية، من المطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى سكان قطاع غزة، إلى الوقف الكلي للحرب على القطاع ورفع الحصار نهائياً عنه، أن توعّدت برد حاسم على كلّ الاعتداءات الأجنبية التي طاولتها خلال الفترة الماضية. وكما يبدو، فإنها تتعامل مع تلك الاعتداءات وفق قاعدة «السنّ بالسنّ»، مع استمرار هجماتها العسكرية المحدّدة أهدافها بالسفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة.
وأتى الاعتداء الأخير بعد ساعات من إعادة واشنطن تصنيف حركة «أنصار الله» في قائمة الإرهاب، والتلويح باتخاذ عقوبات ضد شخصيات وقيادات من الحركة. وأوضحت مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن قرار إعادة التصنيف الحالي هو ضد الأفراد وليس ضد المنظمات، مشيرة إلى أن التصنيف السابق الذي لوّحت به إدارة دونالد ترامب، من النوع «FTO» وهو ضد «أنصار الله» كمنظمة وتترتّب عليه عقوبات كبيرة، ومنع مرور الغذاء والدواء والوقود، وفرض قيود على تحويلات الأفراد. أما التصنيف الأخير فسيكون ضمن نطاق «SDGT» الأقل حدة، والذي لا يفرض عقاباً جماعياً على الحركات والتنظيمات المستهدفة، بل يستهدف أفراداً وشخصيات. وكانت مصادر من الحكومة الموالية لـ”التحالف” قد أشارت، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن القرار لن يكون له أي أثر على «أنصار الله»، كون التصنيف الأميركي يستثني الغذاء والدواء والأجهزة الطبية والوقود والحوالات المالية بين الأفراد، ويقتصر على مراقبة العمليات المالية التي تقوم بها الكيانات اليمنية الحكومية وشبه الحكومية بالتعاون مع البنوك العالمية والشركاء.