صحافة دولية : صنعاء لا تستكين للضغوط : استهداف سفن تحت أنف الأميـركيين
تحدّت صنعاء الضغوط الأميركية المتصاعدة لوقف هجماتها على السفن المتّجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، ومنعت أكثر من سفينة لها ارتباط بإسرائيل من عبور البحر الأحمر وأجبرتها على العودة من حيث أتت. وأكّد الناطق باسم القوات المسلّحة اليمنية، العميد يحيى سريع، أن القوات البحرية لبلاده استهدفت السفينتين «سوان أتلانتك» المحمّلة بالنفط، و«إم إس سي كلارا» التي تحمل حاويات، باستخدام «طائرتين بحريتين»، وأجبرتهما على تغيير مسارهما والعودة من حيث جاءتا، مشيراً إلى أن عملية الاستهداف تمّت بعد تجاهل طاقمَي السفينتين نداءات وتحذيرات القوات البحرية، مجدّداً طمأنة كلّ السفن المتّجهة إلى كلّ الموانئ حول العالم عدا الموانئ الإسرائيلية.وقالت مصادر ملاحية، لـ«الأخبار»، إن العملية الجديدة ضد السفينتين جرت بالقرب من تواجد البارجة الأميركية «ميسون» قبالة جزيرة حنيش اليمنية في البحر الأحمر، في مناطق متاخمة للمناطق التي تقع خارج سيطرة صنعاء. وأشارت إلى أن عمليات القوات البحرية اليمنية تمّت جميعها في أماكن قريبة من مضيق باب المندب، ومن تواجد القوات الأجنبية الدولية في المضيق، في ما يمثل رسالة استباقية توجّهها إلى التحالف الدولي المزمع الإعلان عنه لحماية الملاحة الإسرائيلية، بأن التحشيد الدولي إلى البحرين الأحمر والعربي لن يوقف عملياتها ضد السفن المتجهة نحو الموانئ المحتلة.
وأكّد المحلل العسكري، علي النسي، بدوره، لـ«الأخبار»، أن العمليات التي نفّذتها صنعاء منذ أواخر الشهر الماضي ضد السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة نحو موانئ الاحتلال، سُجّل 62% منها أمام سواحل مناطق سيطرة الحكومة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي، والتي تتواجد فيها قوات دولية، مشيراً إلى أن 30% من الهجمات جرت في سواحل المخا المقابلة لمضيق باب المندب، والتي تخضع لسيطرة ميليشيات محسوبة على الإمارات، و30% أخرى قبالة السواحل الواقعة تحت سيطرة صنعاء. واعتبر مراقبون ارتفاع مستوى الهجمات خارج المناطق الخاصعة لسيطرة قوات صنعاء مؤشّراً إلى فشل القوات الأميركية المتواجدة بالقرب من باب المندب وفي البحر الأحمر في حماية السفن الإسرائيلية، خاصة أن المدمّرة الأميركية «ميسون» والبارجة «كارني»، كانتا على مقربة من عدد من السفن التي تعرّضت للهجوم، من مثل سفينة الشحن النرويجية «استاندا» التي هوجمت بصاروخ بحري مناسب وتمّ نقلها مطلع الأسبوع الجاري إلى سواحل جيبوتي.
وتزامنت عمليات صنعاء الجديدة مع تصاعد حالة التوتر العسكري في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن خلال الساعات الماضية، وقيام البحريتين الأميركية والبريطانية بإعادة انتشار في أعالي البحار مع اقتراب حاملة الطائرات «آيزنهاور» من باب المندب. وجاء ذلك بالتوازي مع وصول وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إلى تل أبيب، وسط توقّعات بإعلان تشكيل تحالف بحري دولي ضد هجمات صنعاء على الملاحة الإسرائيلية. إلا أن المؤشرات تؤكد فشل واشنطن في إقناع معظم الدول المشاطئة للبحر الأحمر بالمشاركة في التحالف الجديد، وهو ما يؤكد فشل التحريض ضد اليمن بدعوى أنه يهدّد الملاحة الدولية. وكانت إسرائيل تراهن على الدورين الصيني والمصري في وقف هجمات صنعاء عليها، إلا أن بكين انحازت إلى مصالحها وأعلنت وقف حركة سفنها إلى موانئ الاحتلال.
غالبية الدول العربية لم تحدّد موقفها حتى الآن من المشاركة في التحالف البحري الأميركي
وفي الوقت الذي توقّعت فيه ارتفاع حدة التهديدات الأميركية والبريطانية خلال الأيام القادمة، استبعدت مصادر مطّلعة نجاح واشنطن في ثني صنعاء عن عملياتها المرتبطة برفع الحصار عن قطاع غزة. وأكّد نائب مدير التوجيه المعنوي في قوات صنعاء، العميد عبدالله بن عامر، أن هناك بوادر فشل أميركية في تشكيل تحالف عسكري بحري، لافتاً إلى أن غالبية الدول العربية لم تحدّد موقفها حتى الآن من المشاركة في التحالف الجديد. وأشار في منشور على منصة «إكس»، إلى أن ثلاث دول عربية اعتذرت عن عدم المشاركة، وأن واشنطن تعمل على دفع دول خليجية إلى المشاركة بالتمويل على الأقل ولم تنجح في ذلك حتى اللحظة، وقال إن دولاً عربية تخشى من ردة فعل شعوبها وسبق أن أبلغت واشنطن بأن أي تحالف ضد اليمن هو في الحقيقة تحالف من أجل حماية إسرائيل. كما أكّد فشل واشنطن في تفعيل «القوة 153»، بسبب رفض دول عربية كانت ضمن القوة، التحرك ضد اليمن، لارتباط عمليات الأخير بالقضية الفلسطينية. واستبعد ابن عامر أن توافق تلك الدول على الانضمام إلى أي قوة جديدة. كما استبعد رئيس منظمة «فكر» اليمنية، عبد العزيز العقاب، مشاركة السعودية في التحالف الأميركي، وقال في منشور على منصة «إكس» إن «المملكة لن تدخل ولن تشارك في أي حرب ثانية. وخذوها كلمة، فهي تدرك تماماً الأخطار التي تتربّص بالمنطقة، كما أن المتتبّع للسياسة السعودية منذ أن بدأ العدوان على غزة يرى أنها تعمل بكل دبلوماسية على محاصرة الجانب الأميركي، وتضيّق الدائرة عليه رداً على المواقف الأميركية المتشدّدة».
إلى ذلك، انضمت شركات عالمية للشحن إلى تلك التي سبق لها الإعلان عن وقف إبحار سفنها في البحر الأحمر وباب المندب، ومن بينها «أورينت أوفرسيز كونتينر لاين» التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، و«إيفيرغرين» و«يانغ مينغ» التايوانيتان، و«شركة البحر المتوسط للشحن» و«بريتيش بتروليوم» البريطانية وشركة النفط والغاز النرويجية «إكوينور»، وشركة «فرونت لاين» النرويجية للشحن، وشركة ناقلات النفط البلجيكية «يوروناف». وكانت كبريات شركة النقل العالمية من مثل «ميرسك» الدنماركية و«هاباغ» لويد الألمانية و«سي أم إي – سي جي أم» الفرنسية قد أعلنت في الأيام الماضية توقيف جميع رحلاتها عبر البحر الأحمر وباب المندب.