يتضاعف القلق في واشنطن وتل أبيب، من إمكانية تعميق صنعاء مشاركتها في معركة «طوفان الأقصى»، وفقاً لما تُظهره الرسائل المتبادلة بين الجانبَين . وتفيد وسائل إعلام عبرية بأن صواريخ يمنية اعتُرضت في سماء إيلات، في أعقاب آخر رسالة تهديد وجّهتها الولايات المتحدة إلى حركة «أنصار الله»، ولوّحت فيها بإفشال مساعي السلام كافة، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، في نيسان من العام الماضي. وجاءت هذه الرسالة عشيّة زيارة يقوم بها وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، إلى واشنطن، للقاء المسؤولين الأميركيين، والبحث في مسألة العدوان على غزة، فيما يُتوقّع أن يتمّ التطرّق أيضاً إلى ملفّ الحرب على اليمن.
وتؤكد صنعاء، التي بعثت برسائل صاروخية متعدّدة إلى العدو الإسرائيلي امتدّت من قاعدة «دهلك» في إثيوبيا وحتى جنوب الكيان، أن «الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني بالمال والسلاح أقلّ الواجب»، كون اليمن لا يمتلك حدوداً مع فلسطين المحتلّة تمكّنه من الدفع بمقاتلين للمشاركة في الحرب. وفي هذا الجانب، أكد رئيس «المجلس السياسي الأعلى» (الحاكم)، مهدي المشاط، أن «تهديد الجانب الأميركي بعودة الحرب في اليمن، لن يُثني الشعب اليمني عن القيام بمسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني»، مضيفاً، أثناء تدشينه أعمال «اللجنة العليا للحملة الوطنية لنصرة الأقصى» في صنعاء، أن «الوقوف إلى جانب هذا الشعب المظلوم واجب ديني وأخلاقي»، وملمّحاً إلى «اقتراب موعد دخول صنعاء في معركة طوفان الأقصى». وأكد المشاط أن «هناك غرف عمليات مشتركة وجهوداً لمواجهة أيّ حماقة صهيونية»، مجدّداً القول إن «موقف صنعاء هو إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على كامل التراب الوطني الفلسطيني». وفي الموازاة، أُجريت، في اليومَين الماضيَين، مناورة حملت اسم «طوفان الأقصى» نفّذتها قوات «كتائب الدعم والإسناد»، والتي تُعدّ من قوات النخبة اليمنية، في إطار الاستعداد لمواجهة أيّ تحرّك عسكري من التشكيلات التابعة لـ«التحالف». ووفقاً لقائد تلك الكتائب، اللواء قاسم حمران، فإن المناورة «هي قطرة من فيض، ورسالة إلى العدو الصهيوني وأذنابه في الداخل والخارج بجهوزية هذه القوات وحضورها الفاعل لمواجهة أيّ تحديات في أيّ مكان وزمان».
من جهتها، تؤكّد مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن الجانب الأميركي استنفد أوراق الضغط على صنعاء كافة، في الأسبوعَين الماضيَين، كاشفةً أن السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، هدّد بإعادة التحريك لملفّ تصنيف حركة «أنصار الله» على قائمة «الإرهاب» الأميركية. وناقش، في لقاء جمعه إلى أعضاء في «المجلس الرئاسي» في الرياض، إعادة إغلاق ميناء الحديدة وخنْق صنعاء اقتصادياً.
وكان المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، قد هدّد بتفجير الحرب من جديد، ونسْف كل فوائد السلام، معبّراً عن مخاوف واشنطن من دخول «أنصار الله» على خطّ المواجهة مع العدو الإسرائيلي. وإذ ربط، في حديث أمام «معهد السلام الأميركي»، مسألة عودة التصعيد بمدى «انجرار» صنعاء إلى الحرب إلى جانب «حماس»، فقد نبّه إلى أن «التفاؤل الذي سبق حرب غزة بإمكانية تحقيق سلام في اليمن قد تضاءل». وفي السياق نفسه، دفعت الولايات المتحدة برئيس أركان القوات الموالية لحكومة عدن، صغير بن عزيز، إلى القيام بزيارة تُعدّ الأولى من نوعها إلى حدود محافظة صعدة، وغيرها من الجبهات في حجة غرب البلاد، علماً أن بن عزيز كان قد قام بزيارة إلى الولايات المتحدة استغرقت أسبوعاً. ويصف مسؤولون أمنيون في إسرائيل تهديدات «أنصار الله» بالخطيرة، متوقّعين المزيد من الهجمات مع بدء عمليات التوغّل البرّي في قطاع غزة. ويشير هؤلاء، وفقاً لتقرير لمركز «جيروزاليم للشؤون العامة»، إلى أن القوات الإسرائيلية تنسّق بصورة جيّدة مع «القيادة المركزية الأميركية» و«الأسطول الخامس»، مضيفين أن «الهجوم الذي شنّه الحوثيون على إسرائيل لم يفاجئ الجيش الإسرائيلي،
وكان من المتوقّع أن يأتي ذلك في إطار سياسة توحيد الجبهات التي تنتهجها إيران ضدّ إسرائيل». ويلفت المركز إلى أن «إسرائيل تقع ضمن نطاق صواريخ كروز وطائرات الحوثيين المسيّرة في اليمن، والتي يصل مداها إلى أكثر من ألفَي كيلومتر»، مذكّراً بأن «الحوثيين أعلنوا قبل عامَين أنهم أعدّوا بنك أهداف لإسرائيل»، وأنهم «يمتلكون أيضاً صواريخ باليستية تطير على نحو أسرع من صواريخ كروز نحو الهدف».