صحافة أجنبية :وقائع المعركة اليمنية – الغربية: نموذج مصغّر للآتي
في ظلّ الترهيب الدولي لصنعاء لدفعها إلى وقف مساندتها للشعب الفلسطيني، يبدو أن المواجهة البحرية المباشرة التي خاضتها القوات المسلحة اليمنية مع نحو ستّ بوارج عسكرية أميركية وبريطانية، ستكون نموذجاً مصغراً لمعركة البحر الأحمر المقبلة، والتي تدفع أميركا بالمزيد من الدول للمشاركة فيها، بعد اعتماد مجلس الأمن مشروع قرار أميركي يدين العمليات اليمنية ضدّ السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، ويخوّل الدول حق استخدام القوة من أجل حماية سفنها في حال تعرّضها لأي إجراء من قوات صنعاء، حتى وإن كانت متّجهة نحو إسرائيل. على أن القرار الذي يمنح أميركا وبريطانيا غطاء دولياً للتصعيد، لن يغيّر موازين القوى في جنوب البحر الأحمر وباب المندب؛ إذ إن معظم البوارج البريطانية والفرقاطات والسفن الحربية وحاملات الطائرات الأميركية والبريطانية التي تتواجد هناك، خضعت لاختبار عسكري معقّد في عملية الثلاثاء الماضي، وتأكّدت الصعوبة التي تواجهها في حماية نفسها أمام ضربات من يملك الجغرافيا وقوة الحجّة.والواقع أن البحر الأحمر لم يشهد حدثاً أمنياً وفقاً لإعلان «هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية» (UKMTO)، بل معركة عسكرية بحرية غير مسبوقة، خاضت فيها قوات صنعاء مواجهة مباشرة مع بوارج واشنطن وسفنها العسكرية الحديثة، بعد نحو شهر من الاستعراض الأميركي في البحر الأحمر. وأفاد أكثر من مصدر عسكري مطّلع، «الأخبار»، بأن إحدى السفن الحربية الأميركية، بعد تعرّضها لهجوم بأكثر من صاروخ، استنجدت بالبارجة البريطانية «دياموند» المتواجدة بالقرب من باب المندب لإنقاذها، كون الاستهداف حدث في المنطقة الواقعة بين جزر الزبير وأرخبيل جزيرة حنيش في البحر الأحمر، حيث تتواجد المدمّرة البريطانية. وأكدت المصادر أن نيران قوات صنعاء حالت دون وصول «دياموند»، مضيفةً أن اشتباكاً بحرياً جرى بين القوات اليمنية والمدمرة التي قالت وزارة الدفاع البريطانية إنها «فتحت نيران مدافعها وأطلقت صواريخ “سي فايبر” خلال الهجوم». وكان وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، قد أعلن أن «الهجوم كان الأكبر الذي يشنّه الحوثيون منذ بداية حرب غزة قبل أكثر من ثلاثة أشهر»، مضيفاً، في تصريحات إلى وسائل إعلام بريطانية، أنه «لا يمكننا السماح باستمرار ذلك. وإذا لم يتوقّف الأمر فإن إجراءً سيُتّخذ».
المعركة عكست قدرات قوات صنعاء على شن هجمات بحرية متعدّدة في آن واحد
من جهتها، أكدت مصادر ملاحية، في حديث إلى «الأخبار»، أن ما حدث كان اشتباكاً مباشراً بين القوات اليمنية والقوات الأميركية والبريطانية، استمرّ لعدة ساعات وأدى إلى توقف حركة الملاحة عبر مضيق باب المندب. ونفت المصادر الرواية الأميركية التي تحدّثت عن أن الهجوم وقع ضدّ سفينة أميركية «أثناء تواجد العشرات من السفن المتّجهة إلى مضيق باب المندب»، وأن القوات الأميركية تولّت مهمة الدفاع عن تلك السفن، موضحةً أن الهجمات اليمنية طالت حاملة الطائرات «آيزنهاور»، والمدمّرات «غرافلي»، و«لابون»، و«مايسون»، والبارجة البريطانية «دياموند». وجاءت العملية بعد تلويح أميركي بوضع «آيزنهاور» في حالة هجوم، بعد أن أعادت تموضعها في المياه الدولية الواقعة قبالة مدينة الحديدة.
وعكست العملية، التي قالت البحرية الأميركية إنها الـ26 التي تنفّذها قوات صنعاء في البحر الأحمر منذ منتصف تشرين الثاني الماضي، قدرة قوات صنعاء على شنّ هجمات بحرية متعدّدة في آن واحد. وخلافاً للعمليات السابقة التي نفّذتها ضدّ سفن تجارية حاولت كسر قرارها، استخدمت قوات صنعاء، في الهجوم الأخير، عدداً كبيراً من الصواريخ والطائرات المسيّرة، فيما دخلت القوات البحرية اليمنية في اشتباك ناري مع البوارج الأميركية، ما أفقد الأخيرة القدرة على المناورة، وأجبر الأميركيين على استخدام أحدث الطائرات لحماية حاملة الطائرات من الاستهداف. وفي هذا الإطار، قال نائب مدير التوجيه المعنوي في قوات صنعاء، العميد عبد الله بن عامر، في منشور على منصة «إكس»، إن «الجانبين الأميركي والبريطاني استخدما عشرات الصواريخ الاعتراضية، وحاولا بشكل هستيري التصدي لعدد كبير من المسيّرات اليمنية وكذلك الصواريخ المجنّحة والباليستية، إلا أنهما يعيشان الصدمة». واتّهم الأميركيين والبريطانيين بإخفاء حقيقة ما حدث ليلة الثلاثاء، والتكتم على نتائج العملية.
وأشارت مصادر مقربة من حركة «أنصار الله»، بدورها، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «عملية الثلاثاء الهجومية جاءت كردّ أولي على جريمة الاعتداء على البحرية اليمنية، وتأتي في إطار التكريم لدماء شهداء البحرية، وتؤكد أن الدماء اليمنية ليست رخيصة كما يعتقد الأميركي». وأضافت أن «المعركة لا تزال في بداياتها، وستكون العمليات القادمة أشدّ ضرراً على الوجود الأميركي والأجنبي في البحر الأحمر، ولن تتوقف إلا بإنهاء الوجود العسكري الأميركي هناك».
الاخبار