شكاوى الحصار البحري تتزايد: اليمن يخنق إيلات!
وصل عدد الهجمات اليمنية على أهداف في كيان الاحتلال إلى 53 مرة كحد أدنى، وفقاً لخدمة أبحاث الكونغرس، إضافة لأكثر من 158 عملية عسكرية ضد السفن في البحار. وبعد الاعترافات المتتالية عن عدم تحقيق الجدوى من “التحالف” المعلن لوقف الهجمات، كشف المدير العام لميناء إيلات أنه يفكر في تسريح العمال”. مؤكداً على أن “هذا ليس خطأ المرفأ، بل خطأ ضعف دول التحالف في التعامل مع الحوثيين”.
لعبت الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها كيان الاحتلال دوراً هاماً في الضغط على القيادة الإسرائيلية وزادت من حدة الهوة بين المكونات السياسية. فإلى جانب دعوات سكان المستوطنات الشمالية للانفصال عن الكيان بعدما شعروا أنه قد تم التخلي عنهم، يواجه أيضاً كبار رجال الاعمال مصيراً مماثلاً لكن هذه المرة نتيجة عدم القدرة على حماية مشاريعهم من الاستهداف او تأمين القدرة على مباشرة أعمالهم بالشكل الذي يسبق عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر.
ويأتي في هذا الإطار، تصريح المدير العام لميناء إيلات، جدعون جولبار، بأن “الميناء قد أغلق تماماً… لم يكن هناك عمل على الإطلاق لمدة سبعة أشهر. نحن نفكر الآن في تسريح العمال، لأنه في الاتفاقية الجماعية لا يوجد خيار لوضع الأشخاص في إجازة غير مدفوعة الأجر، ولكن هناك خيار للفصل، وقد لا يكون لدينا خيار”.
موضحاً بأن “هذا ليس خطأ المرفأ، بل خطأ ضعف دول التحالف في التعامل مع الحوثيين”. لكن ما يشكل سابقة بالنسبة لهذه القضية، ما قاله جولبار حول زيادة النفقات على البضائع التي تصل عبر البحر الأحمر. وقال أنه “لا يمكن إهمال هذه القضية على الرغم من الحرب. لكن لا توجد حلول، لذلك لا أخجل من إخبار العملاء بدفع 100 ألف دولار للحوثيين للانتقال، وسأشارك في التمويل”. مضيفاً “أنا لا أنام في الليل، وإذا كان عليك أن تدفع لمصر للمرور عبر قناة السويس، أو الحوثيين للمرور عبر باب المندب، فهذا ما يتطلبه الأمر”.
وعلى الرغم من الرقابة العسكرية الإسرائيلية المفروضة على جميع المعلومات التي تتعلق بحجم الخسائر وعلى مختلف الجبهات، إلا أن الخسائر الاقتصادية على هذا الصعيد من الصعب اخفاؤها، خاصة وأنها ترتبط بشبكة كبيرة من الموردين.
على الجانب الآخر، فإن الهجمات اليمنية والتي أثبتت جدواها طيلة الأشهر الماضية، أثرت بشكل مباشر على تكلفة النقل البحري من شرق آسيا إلى الكيان. وهذا ما زاد من أزمة ميناء إيلات أيضاً. اذ تلقى مستوردو السيارات الإسرائيليون، إشعاراً من شركة “إلالوف” للشحن، التي تمثل شركة غريمالدي للشحن في إسرائيل، وبموجبه اعتباراً من 15 حزيران/ يونيو، من المتوقع حدوث زيادة حادة في أسعار نقل المركبات والمعدات المتنقلة على متن سفن محددة من أوروبا إلى إسرائيل.
ويرجع ذلك أيضاً إلى زيادة حادة بنحو 200٪ في “الرسوم الإضافية لمخاطر الحرب”، والتي تبلغ الآن 40٪ من قيمة الشحنة.
الرئيس التنفيذي لميناء إيلات، جدعون غولبر، قال أن “الموانئ الإسرائيلية المتبقية تستوعب الشحنات التي قد يتم تسليمها عبر البحر الأحمر، لكن ولكن إيلات لديها معدات لوجستية وأفراد غير مستخدمين”. مشيراً إلى انه “إذا تصاعد الصراع في الشمال، بين إسرائيل وحزب الله، مما أثر على الموانئ في البحر الأبيض المتوسط، فقد يصبح هذا تهديداً وطنياً…يحاول الحوثيون خنق إيلات واقتصادها”.
ويشرح غولبر، سبب الارتفاع الحاد في أسعار الشحنات التي تتحرك باتجاه إسرائيل “تحتاج العديد من السفن إلى تغيير مسارها حول إفريقيا لتجنب هجمات الحوثيين قبالة الساحل اليمني. وهذا يضيف الوقت والتكاليف إلى الشحنات، مما يزيد أيضاً من خطر الهجمات من أماكن أخرى، مثل ساحل جنوب أفريقيا أو مضيق جبل طارق”.
ما يزيد الأزمة تعقيداً، أنها تتعلق بأصل الصراع وترتبط بغير جبهة وليس محصورة بمنطقة جغرافية محددة. اذ يؤكد المستشار المتمرس في مجال الأمن البحري والمدير الإداري لشركة “ويفترين”، وهي شركة استشارية دولية للشحن، ريتشارد هاسي، أن “موانئ مثل حيفا وأشدود تقع ضمن مدى صواريخ حزب الله. ويمكن أن يؤدي التصعيد الكبير للصراع إلى هجمات وتعطيل التجارة وتغيير مسار البضائع”. مضيفاً “إنهم يمتلكون قدرات يمكن أن تهدد العمليات البحرية، مثل الصواريخ المضادة للسفن وتكتيكات القوارب الصغيرة”.
مع اتساع رقعة الاستهداف التي وضعتها القوات المسلحة اليمنية كجزء من المرحلة الرابعة وهي دخول البحر الأبيض المتوسط ضمن المعادلة، يبدي هاس مخاوفه من القدرات التي تمتلكها صنعاء وحلفاءها في المنطقة، بما في ذلك حزب الله. ويزعم في هذا الصدد، أن الحزب “تلقى حزب الله أسلحة متطورة، بما في ذلك صواريخ مضادة للسفن، من حلفائه”. معتبراً أنه من الممكن أن “يشكل نظرياً تهديداً للشحن التجاري في البحر الأبيض المتوسط”. مضيفاً “قد ركزت حماس أنشطتها على الهجمات الصاروخية وعمليات الأنفاق، وعلى الرغم من أنها يمكن أن توسع تكتيكاتها لتشمل التهديدات البحرية، إلا أن ذلك يعتبر غير مرجح”.
تأتي هذه المخاوف بالتزامن من اعتراف مسؤولين أوروبيين وأميركيين محدودية الهجمات التي شنها “التحالف”. وقالت خبيرة شؤون الشرق الأوسط ورئيسة كلية جيرتون بجامعة هارفارد إليزابيث كيندال “إن هذا التصاعد في هجمات الحوثيين يشير إلى أن الضربات الجوية الأميركية البريطانية ضد أهداف الحوثيين لا تنجح، على الأقل حتى الآن وليس بالفعالية المنشودة”. مضيفة “إن الحوثيين يتمتعون بالمرونة والطبيعة غير المتكافئة للصراع في البحر الأحمر لصالحهم. وقد يتضاءل تطور أسلحتهم، لكن كل ما يتعين عليهم فعله هو الاستمرار”.
موقع ـ الخنادق