يوغل العدوان في التوحش، والإجرام، ويسرف في القتل، والتدمير ..والإرجاف، والتضليل، فيما الشعب اليمني الحر ماض في الصمود، والثبات، على طريق الانتصار الكبير.
وإذ تتكامل أدوار الشعب اليمني بمختلف فئاته، وفي شتى الجبهات، فإن التضحيات الجسيمة التي يقدمها أبطال الجيش واللجان الشعبية، تبقى حجر الأساس في معادلة، ومعركة الكرامة، و الدفاع المقدس الممتدة منذ إحدى عشر شهراً.
يضحي الأبطال ويجودون بأنفس ما يملكون في سبيل الله، والوطن، فإما أن يظفروا بالنصر، أو يرتقون في سلم المجد والشهادة. ولعل الشهادة لدى الغالبية منهم هي الغاية الأسمى، ولذا تراهم يقاتلون بإقدام من لا يخشى الموت. وفي حياة عدد كبير من المجاهدين قصص توحي بالعظمة والسمو، في حياتهم وتعاملاتهم مع الناس، ثم في لحظات الوداع الأخيرة، ما يجعل المرء في حيرة من أمره، وهو يستمع إلى قصص البعض منهم، وكأنها من ضرب الخيال.
غير أن من لم يصدق ما قيل ويقال عن حال الشهداء، فإنه يرى بأم عينه العجب حين يلمس البهجة والطمأنينة لدى أهل الشهيد، وتحويل التشييع إلى مراسم زفاف، يلبس فيه أقارب الشهيد أجمل الثياب، ويودعون شهيدهم وشهيد الوطن بأعذب الكلام، وبالتهنئة والفرح، وبمعاهدته أن يكونوا على ذات الطريق التي سلكها.
وقد كان قائد الثورة الشعبية محقاً حين قال أن الشهداء فخر لنا..وإذا كان أهاليهم يعتزون بهم على النحو الذي نراه، فمن حقهم على المجتمع، أن يكون وفياً لذكراهم ولمبادئهم، ولأسرهم، بحيث يواصل المجاهد مسيرة الدفاع عن الوطن، وهو مطمئن أن دمه لن يذهب هدراً عند الله، وعند الناس.
بمقارنة بسيطة بين حالنا في اليمن خلال هذا العدوان الذي تقف على رأسه قوى الهيمنة الكبرى، وأذيالها في المنطقة، نرى أن اليمن قد انتصر بصموده وثبات مقاتليه في مختلف الجبهات، ما جعل العالم يعيد النظر في تقييم اليمن الذي استضعفوه يوم شنوا عليه العدوان، ثم ها هم اليوم ويتخبطون، وهم يوارون فشلهم ويجرون أذيال الهزيمة.
لقد توهم الطغاة، أن فيما ما حشدوه من مال وسلاح، كاف لإخضاع اليمنيين، واحتلال بلادهم، كما حصل بالفعل وفي الماضي القريب مع بلدان عربية وإسلامية لم تصمد أمام الغزو الأمريكي، فانهارت على نحو دراماتيكي برغم ما لديها من جيوش واسلحة نوعية، كانت كافية للمواجهة، لو أن المجتمع نفسه كان مستعدا للتضحية والشهادة.
ظنت أمريكا والسعودية أن المهمة في اليمن لا تحتاج إلا لقليل من “الحزم” وينتهي كل شيء، وكانت المفاجأة أن اليمن صمدت وما زالت ،وهي تتصدى لأشرس عدوان وحصار في تاريخ المنطقة. وما كان لهذا الصمود أن يستمر ويتوج بانتصارات في مختلف الجبهات، لولا انطلاقة المقاتلين المجاهدين المعززين بالثقافة القرآنية، وبالعقيدة القتالية في سبيل الله والوطن.
لقد خشيت السعودية من انفلات الأوضاع إلى حيث لا تريد، فتمكنت بألاعيب شيطانية من محاصرة ثورة 11 فبراير 2011، وكانت المبادرة الخليجية عنوانا للخداع الخارجي، والانهزام الداخلي. وبرغم ان الآلاف من الشباب اليمني كانوا على أهبة الاستعداد للتضحية لأجل الثورة والوطن، إلا أن الانتهازية السياسية أصابت الثورة في مقتل، وحرفت مسارها تحت ضغط الإغراء المالي الذي فعل فعلته في شباب الثورة.
لكن الواقع اختلف كثيرا مع ثورة 21 سبتمبر ، وشبابها الذين رفضوا كل الإملاءات والإغراءات الخارجية، وصمدوا كالجبال في وجه العدوان. ولولا دماء الشهداء، وصمود وتضحيات المجاهدين، لكانت صنعاء اليوم في قبضة شذاذ الآفاق من الجنجويد، وبلاك ووتر، ومن مرتزقة الرياض، وأشباه الرجال من اليمنيين والخليجيين على حد سواء.