شعار الصرخة.. نظرة في العمق ..بقلم/عبد الكريم الوشلي
كلما حلت الذكرى السنوية للصرخة..تنفتح في ظلال المناسبة الآفاق واسعة للتأمل في كوامن المعنى الجوهري الكبير لها، وما يتشعب من جذر المعنى من عميق الدلالات ذات الحساسية الفائقة بالنسبة إلى ما تعانيه أمتنا منذ عقود، وما تكابده من مآسي الاستلاب والارتهان للأعداء، بما مكنهم من استباحة كل حقوقها وحرماتها.. وهذا هو المناخ الموضوعي أو الطور الجنيني الذي وُلد الشعار من رحمه، كسلاح وموقف، منذ لحظة مستهله ومخاضه الأولى قبل نحو23عاما على يد الشهيد القائد المؤسس السيد حسين بدر الدين الحوثي(رضوان الله عليه).. فكان لزاما – بكل معايير المنطق والعدل والعقل – المبادرة والقيام بشيءٍ مَّا يستجيب لاستدعاءات ومقتضيات واقع المواجهة مع عدو لا ينضبط في سلوكه العدواني والإجرامي بأي ضابط أخلاقي أو قانوني أو شرعي في هجومه الدموي المتوحش، بدوافع الطمع في الثروات والنزعة العنصرية الاستئثارية التي ترى في حقوق الآخرين ومقدراتهم أهدافا مشروعة مستباحة، ولو أُبيدت في سبيل السطو عليها والاستئثار بها شعوب بأكملها. وهذا ما طبع سلوك أمريكا ومنظومتها الاستكبارية الصهيونية ولفيفها النهاب القتَّال التليد والجديد، إزاء شعوب أمتنا، بالاستعانة – طبعا- بالصنائع والأتباع الإقليميين والداخليين..فكان هذا الشعار هو الصيغة الحكيمة المحْكمة والمؤهَّلة لتكون منطلقا وعنوانا تأسيسيا للموقف المطلوب إزاء كل هذه التحديات والمخاطر والمهدِّدات الوجودية للأمة بأكملها.. هذه هي خلاصة الحامل الموضوعي للوعي المنصف والمستنير والحر.. بحقيقة الشعار وجوهره ومغزاه.. ووعي كهذا، هو وحده الكفيل بالوصول – من أقرب الطرق – إلى المدلول الأعمق للصيغة المتربعة في قلب المكون اللغوي أو التعبيري للشعار.. وهي (الموت لأمريكا..الموت لإسرائيل). فليس المقصود هنا «أن تقتل أمريكيا، أو تهاجم مؤسسة، أو تفجر هنا أو هناك..أو تدمر برجا..إلخ»، بل الغرض منه الحض على مواجهة أمريكا (الشيطان الأكبر) بأساليبها، فهي تستخدم الإعلام والثقافة وسياسة التضليل والخداع في تغطية جرائمها وعدوانيتها الدموية إزاء الشعوب الضحايا لنهجها الإجرامي الاستكباري.. وهذا لايعني أن نكون في مستواها المتحدر في وهاده الشيطانية ..بل يشير إلى وجوب أن نواجهها بما يعريها ويسقط الأقنعة عن وجهها البشع..أن نواجهها بثقافة القرآن ووعي مكتمل التحصين والنضج والمناعة الكافية الضدية لأساليبها الإجرامية الماكرة.. وهكذا يكون الجهاد ضد أمريكا ومنظومتها العدوانية الظلامية الهدامة.. الجهاد الذي ينطلق من منصة الوعي المستبصر، ومن داخل النفس، متزودا بشحنات الرفض لها ولعدوانيتها وهيمنتها، والعداء لسياساتها الظالمة القاتلة.. وصولا إلى إقامة “دين الله الصحيح النقي”، الذي يكفل العدل، ويبني أمة وحضارة، ويصون الكرامة والسيادة والوحدة بين أبناء الأمة.. ويؤمِّن الاستفادة من مختلف عناصر القوة المتاحة في جميع المجالات..