شبح سوء التغذية يطارد أطفال اليمن.. هل سيستيقظ الضمير العالمي قريباً ويوقف العدوان على هذا البلد الفقير؟
تعدّ المقترحات الجديدة للسلام، وتقديم الرعاية العاجلة للأطفال المصابين بسوء تغذية، والإفراج عن بعض السجناء وعقد عدد من المحادثات بين طرفي النزاع في اليمن، أول البوادر التي تؤكد على قرب انتهاء الحرب اليمنية ولكن للأسف الشديد لا تزال هذه العملية بطيئة للغاية بحيث أصبحت حياة وصحة الشعب اليمني أقل أهمية لدى قوى تحالف العدوان بقيادة السعودية.
وحول هذا السياق، أعربت لجنة الإنقاذ الدولية التي يقع مقرها الرئيسي في أمريكا، بأنها قامت برصد الكثير من الأزمات الإنسانية التي حصلت في النزاعات السياسية والعسكرية في أكثر من أربعين دولة، وأنها قامت بتدريب وارسال أكثر من 24 ألف شخص في عام 2018 إلى جميع أنحاء العالم وذلك من أجل مراقبة عملية تعّلم الاطفال في المدارس. كما أن هذه اللجنة الدولية قامت خلال الفترة الماضية بإصدار تقرير تنبّأت فيه بنتائج مروّعة حول مستقبل حرب اليمن.
وفي هذا التقرير قالت هذه اللجنة: “إن المؤيدين الدوليين للحرب، بما في ذلك بريطانيا وأمريكا وفرنسا، يمكنهم لعب دور الوسيط، ويمكنهم أيضاً استخدام نفوذهم الدبلوماسي لمواكبة هذه التطورات الميدانية التي تشهدها الساحة اليمنية وعقد محادثات بين جميع الأطراف اليمنية والخارجية”، أو أنهم يظلون متفرجين على الازمة اليمنية وبذلك سوف تزداد الاحتياجات الإنسانية وسوف يزداد احتياج المدنيين اليمنيين للمساعدات الانسانية التي تقدمها الكثير من المنظمات الدولية”.
توقعات مقلقة
كشفت العديد من التقارير بأنه إذا استمرت الحرب في اليمن إلى عام 2022 فإنه سوف يموت حوالي 500 ألف يمني جراء الاوضاع المعيشية السيئة وانتشار الامراض وسوء التغذية وقلة الادوية والمستلزمات الطبية والصحية ولفتت تلك التقارير إلى أن اليمن أصحبت في وقتنا الحالي تستضيف أكبر عدد من السكان الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في العالم. كما أضافت تلك التقارير بأن 80% من سكان اليمن اليوم (حوالي 24 ملايين نسمة) في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، وأن 16 مليون شخص في اليمن، أي حوالي نصف سكان البلاد، يعانون من سوء التغذية الحاد، وإذا استمر الحصار الجائر على الموانئ اليمنية وتعطلت الإمدادات الغذائية، فإن هذا العدد سوف ينمو بشكل كبير.
إن تكلفة سوء التغذية وانعدام الامن الغذائي على المدى الطويل ستظهر في أطفال اليوم الذين سيواجهون مشكلات في النمو العقلي والبدني في المستقبل القريب ولقد كشفت العديد من التقارير بأن هناك 1.1 مليون امرأة حامل تعيش في حالة من الفقر الغذائي. وإذا استمرت العمليات الحالية لتحسين الوضع الإنساني في اليمن، فإن الامر سيستغرق حوالي 20 عاماً حتى يعود مستوى الشعب اليمني من الامن الغذائي إلى مستوى ما قبل الحرب.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، بأن هناك أكثر من ثلاثة ملايين نازح بسبب الحرب اليمنية وتشكل النساء والأطفال حوالي 75٪ من نازحي الحرب في اليمن وعادة ما تخرج النساء للحصول على الطعام من أجل إطعام أطفالهن ولقد وصل عدد النساء الحوامل في اليمن إلى حوالي 1.1 مليون امرأة تعيش في حالة من الفقر الغذائي، ما يعني أنه سوف تحدث لهن أضرار جسيمة ولجنينهن في السنوات القادمة. كما ذكرت بعض التقارير بأن معدلات العنف القائمة على النوع الاجتماعي في اليمن زادت أيضاً ووصلت إلى نسبة تقدر بـ 63٪، وبينما كان معدل زيجات الفتيات دون سن الـ 18 قبل الحرب يقارب 50٪، فقد ارتفعت هذه النسبة في وقتنا الحالي بمعدل الثلثين. وبطبيعة الحال، كانت هذه الزيادة نتيجة للحاجة إلى الدعم من الرجال وذلك بسبب الاوضاع المعيشية السيئة التي يعيش فيها معظم أبناء الشعب اليمني.
وفي سياق متصل، كشفت العديد من التقارير بأن برنامج الغذاء العالمي يبذل في وقتنا الحالي الكثير من الجهود لإيصال الطعام إلى 12 مليون يمني بشكل دوري ومنتظم، لكن مقدار وكمية الغذاء التي يقدمها هذا البرنامج العالمي لا تكفي لإشباع جميع افراد الاسرة ولقد كشفت العديد من التقارير بأن هناك ما لا يقل عن 160 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، وإذا توقفت الحرب الآن، فإن 14 في المئة من هؤلاء الأطفال و 17 في المئة من إجمالي السكان اليمنيين سيعانون من سوء التغذية المزمن طوال حياتهم. ولكن إذا استمرت الحرب لمدة خمس سنوات، فإن المنظمات العالمية سوف تُجبر على انفاق حوالي 29 مليار دولار أخرى على المساعدات الإنسانية وحدها. لقد كان عام 2018 أسوأ عام بالنسبة للشعب اليمني، ما يعني أن التحسينات الأخيرة لم تحدث فرقاً كبيراً في حياة الناس، وقد يكون الوضع أسوأ بكثير مما هو عليه إذا ازدادت الضغوطات على الشعب اليمني.
الخلاصة
اقترح كاتبو هذا التقرير في نهاية المطاف أنه ينبغي على مجلس الأمن أن يعمل بشكل عاجل وسريع لإيجاد طريق للسلام وإجبار الأطراف المعنية المتنازعة بالجلوس على طاولة الحوار.
الجدير بالذكر أنه في سبتمبر عام 2018 عندما قتل أكثر من 400 طفل يمني في شهر واحد فقط، سارعت أمريكا وبريطانيا إلى اتهام “أنصار الله” بالقيام بهذه الجريمة والغريب في الامر أن واشنطن لم توجه أصابع الاتهام إلى الأطراف الأخرى المعنية والمشاركة في الازمة اليمنية ولهذا فإن مثل هذه المواقف العنصرية لن تشجع جميع الأطراف المعنية بالجلوس على طاولة المحادثات.
ولهذا فلقد أوصى كاتبو هذا التقرير بأنه ينبغي أيضاً أن يضمن “أنصار الله” والحكومة المدعومة من المنظمات الدولية عدم فرض أي قيود على وصول الإمدادات والمساعدات الغذائية إلى جميع المناطق اليمنية. كما أن لجنة الإنقاذ الدولية تشعر أيضاً بالقلق من أن الدول الخليجية ترسل الآن مساعدات إنسانية فقط لتبرئة نفسها من عواقب هذه الحرب التي اشعلوها في اليمن، وبالتالي فلقد حث كاتبو هذا التقرير جميع الدول الخليجية على مواصلة تقديم مساعدتها للشعب اليمني في حالة حصول أي اتفاق بين طرفي النزاع في اليمن.